المقاعد العربية تقترب من حسم تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة

time reading iconدقائق القراءة - 6
ناخبة عربية تدلي بصوتها في الانتخابات الإسرائيلية في كفر مندا - 23 مارس 2021 - REUTERS
ناخبة عربية تدلي بصوتها في الانتخابات الإسرائيلية في كفر مندا - 23 مارس 2021 - REUTERS
الناصرة -محمد دراغمة

شهدت الانتخابات العامة الإسرائيلية، تراجعاً ملحوظاً في نسبة المقاعد التي حصدتها الأحزاب العربية، إلّا أن الانقسام الحاد بين معسكرين، أحدهما داعم لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، والثاني مناوئ له، منحها فرصة للعب دور "صانع الملوك" في تشكيل الحكومة المقبلة. 

ويُشكّل العرب في إسرائيل كتلة انتخابية كبيرة نسبياً، قادرة على الحصول على 20 مقعداً في الكنيست (البرلمان) المؤلف من 120 مقعداً.

 لكن الانقسام السياسي والمنافسة الحادة وتراشق الاتهامات بين الأحزاب العربية، أدّت إلى تراجع نسبة المصوتين بينهم إلى حوالي 53% من أصحاب حق الاقتراع، ما أسهم في تراجع نسبة تمثيلهم البرلماني إلى حوالي 10 نواب (نتيجة غير نهائية) منقسمين بين كتلتين. 

وخاضت الأحزاب العربية، خلال العامين الماضيين، الانتخابات ضمن قائمة واحدة، وحصلت في انتخابات مارس 2020، على 15 مقعداً، وكان ذلك أكبر فوز حققه العرب في إسرائيل منذ دخولهم المعترك السياسي.

مطالب الناخبين العرب

وينتقد كثير من الناخبين العرب في إسرائيل، نوابهم بسبب إعطاء الأولية للسياسة على حساب الحقوق الاجتماعية والاقتصادية. 

وقال أبو علاء حمودة، صاحب متجر في الناصرة لـ"الشرق": "الجمهور العربي لا يثق كثيراً في النواب بسبب ضعف اهتمامهم بشؤون الناس اليومية، الأمر الذي أدّى إلى تراجع الإقبال على التصويت في هذه الانتخابات".

وأضاف: "الناخبون سيخرجون إلى التصويت بقوة فقط عندما يرون النواب يُحدثون فرقاً في حياتهم اليومية مثل محاربة الجريمة ووقف سياسة هدم البيوت التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية".

ويعاني الفلسطينيون في إسرائيل من تمييز عنصري في كافة نواحي الحياة، خاصة البناء والإسكان والميزانيات المخصصة للهيئات المحلية والوظائف ومحاربة الجريمة وغيرها.

ودأب أعضاء الكنيست العرب على العمل من مقاعد المعارضة، حيث يمكنهم رفع صوتهم اعتراضاً على الإجراءات الحكومية ضد مواطنيهم.

لكن كثيراً من الناخبين بدأ مؤخراً في مطالبتهم باستخدام قوتهم البرلمانية لتحقيق الحقوق القومية والمدنية لمواطنيهم البالغ عددهم حوالي مليوني نسمة. 

الاتجاه إلى اليمين

وقال عز الدين رافع، من الناصرة، لـ"الشرق"، إن عائلته تحاول منذ سنوات طويلة البناء في أرضها الواقعة في أطراف المدينة، لكن السلطات ترفض السماح لهم بذلك. 

وأضاف: "أهالي الناصرة يريدون من نوابهم العمل من أجل أن يسمح لهم بالبناء في أرضهم، ووقف الجريمة، وجمع السلاح المنتشر بين أيدي رجال العصابات".

وشهدت الخريطة الحزبية العربية مؤخراً تغييراً لافتاً في هذا الاتجاه، خاصة من قِبل "القائمة العربية الموحدة" التي أبدت استعدادها للدخول في اللعبة السياسية الداخلية في إسرائيل من أجل تحقيق بعض الحقوق لمواطنيها. 

وأكد الكاتب وديع عواودة لـ"الشرق"، هذه الرؤية، بقوله: "نعم هذا وارد، على الأقل بالنسبة للقائمة العربية الموحدة، الحركة الإسلامية الجنوبية". 

وأضاف: "الحركة (القائمة العربية الموحدة) تؤكد أنها على استعداد للمشاركة في حكومة لليمين بقيادة نتنياهو، أو حكومات يمين وسط بقيادة خصوم نتنياهو في حال تلبية مطالبها"، مشيراً إلى أن لديها قائمة طويلة من المطالب في مقدمتها وقف هدم المنازل، وتوسيع مسطحات البناء، ووضع خطة عملية وفورية لمحاربة الجريمة في الوسط العربي. 

النواب الجدد

من جانبه، قال عضو الكنيست الجديد عن القائمة العربية الموحدة، مازن غنايم، لـ"الشرق"، إنه سيعطي أولوية لحاجات المواطنين، مضيفاً: "هناك عشرات القرى العربية لا تعترف بها السلطات وتحرمها من الخدمات الأساسية، وهناك 50 ألف منزل مهدد بالهدم، وهناك 100 ألف منزل دون كهرباء".

وحول إمكانية دعم نتنياهو في تشكيل الحكومة الجديدة، قال: "هذا يعتمد على مدى استجابة نتنياهو أو غيره لمطالب القائمة، خاصة وقف سياسة هدم البيوت، ومحاربة الجريمة بصورة جديّة، وتوسيع مسطحات البناء، والمساواة مع المجالس اليهودية في الميزانيات وغيرها".

وأضاف: "نحن نصغي إلى ما يطالب به الناس، وسنعمل على تلبيتها مع الحفاظ على حقوقهم، وعدم التنازل عن موقنا السياسي ضد الاحتلال والاستيطان".

وقالت مصادر في القائمة العربية الموحدة لـ"الشرق"، إن "القائمة مستعدة لدعم حكومة إسرائيلية من البرلمان مقابل تلبية مطالب الناخبين العرب"، مستبعدة الحصول على مقعد وزاري في حكومة ما زالت تمارس سياسة الاحتلال والاستيطان والاعتداء على الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة.

ودعا منصور عباس، زعيم القائمة العربية الموحدة، حسبما نقلت وكالة رويترز للأنباء، إلى العمل مع نتنياهو من أجل تلبية احتياجات الأقلية العربية البالغة 21% من سكان إسرائيل، وهو موقف يرفضه أغلب العرب وهو ما دفع فصيل عباس للانشقاق عن تحالف للأحزاب العربية قبل الانتخابات.

وقال عباس لمحطة "103 إف.إم"، التابعة لإذاعة تل أبيب: "لسنا في جيب أحد، نحن مستعدون للتعامل مع الطرفين نتنياهو، وزعيم المعارضة، يائير لابيد، وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أنه اتفق على لقاء لابيد هذا الأسبوع.

خيارات نتنياهو

 ولم يفز نتنياهو، أو خصومه من يسار الوسط بأغلبية في البرلمان، خلال الانتخابات العامة التي جرت الثلاثاء، وهي الرابعة بعد 3 استحقاقات غير حاسمة.

 وأظهرت النتائج شبه النهائية أن أياً من المعسكرين لم يحسم النتيجة لصالحه ما قد يجعله في حاجة إلى الأحزاب العربية من أجل تمرير حكومته في البرلمان.

وكان نتنياهو تعهد أثناء حملته الانتخابية بعدم الاعتماد على الأحزاب العربية في تمرير حكومته، وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن نتنياهو يحاول استقطاب أعضاء من المعسكر المناهض له.

وحال فشله في تحقيق ذلك، وأمام عدم وجود بديل له سوى الذهاب الى انتخابات جديدة خامسة، ربما لا يجد نتنياهو بداً من اللجوء إلى النواب العرب.