
تحتجز إيران منذ سنوات، أكثر من 12 أجنبياً من ثنائيي الجنسية، معظمهم يحملون جوازات سفر إيرانية، سواء في السجون أو قيد الإقامة الجبرية، بتهم تعتبرها عائلاتهم "عبثية"، ويعتبرها ناشطون "فعلاً وقحاً لاتخاذ رهائن بهدف المساومة" خلال مفاوضات فيينا بشأن البرنامج النووي، وفقاً لما أفادت به وكالة "فرانس برس".
وأعربت طهران دائماً عن استعدادها لإجراء صفقة تبادل سجناء أجانب، سعياً لاسترداد إيرانيين محتجزين أيضاً في دول غربية.
وهناك حالياً، 3 بريطانيين وألمانيان وسويديان ونمساويان وفرنسيان، إلى جانب أميركيين بين لائحة المحتجزين في إيران، وفقاً لعائلاتهم التي تحدثت إلى "فرانس برس".
وتتابع عائلات الرعايا الغربيين المحتجزين في إيران، الاتصالات الدبلوماسية المكثفة الأخيرة وما يرافقها من شائعات، بكثير من الأمل الممزوج بالخشية من التعرض لمزيد من الخيبات، بحثاً عن إشارات بشأن إطلاق سراح أحبائها.
استئناف المفاوضات المتعلقة بإحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015، والتي تعقد في فيينا، دفع بنشطاء للحض على ربط القضيتين. ولكن شعوراً بالإحباط يتنامى بين عائلات المحتجزين بسبب فشل الحكومات الغربية في إعادة هؤلاء المحتجزين إلى بلادهم، خصوصاً أن البعض منهم قضى سنوات عدة خلف القضبان، وكانوا عرضة للإصابة بكورونا داخل زنازينهم، وفقاً لـ"فرانس برس".
"ورقة الرهائن"
الوكالة الفرنسية نقلت عن مصدر مطلع على الملف، أن البعض في إيران "منزعج من احتمال التوصل إلى اتفاق"، وقد يعرقل ذلك من خلال "اللعب بورقة الرهائن".
كما نقلت "فرانس برس"، عن مسؤول أميركي قوله إن هناك "مباحثات غير مباشرة" تجرى بشكل نشط مع الإيرانيين من أجل الإفراج الفوري عن أميركيين محتجزين في طهران، من دون أن يوضح ما إذا كان ذلك شرطاً مسبقاً للاتفاق على صعيد الملف النووي.
وأوضح المسؤول للوكالة الفرنسية أنّه "في ما يتعلق بقضية المعتقلين، هناك نقاشات جارية بنشاط، وهي مستقلة عن النقاشات بشأن خطة عمل مشتركة"، مضيفاً أنهم "منخرطون" بشكل مكثّف في مسار لمعرفة ما إذا كان بالإمكان إعادة هؤلاء المحتجزين إلى الوطن ولأحبائهم في أقرب وقت ممكن".
وأضاف: "نريد حلاً سريعاً"، مؤكّداً أنّ الحكومة الأميركية لا تعطي الأولوية للاتفاق النووي وتريد "حلّ قضية المعتقلين على الفور".
وقال المصدر إن "هناك مفاوضات نشطة جارية حالياً في فيينا من خلال الأوروبيين بشأن إبرام صفقة لتبادل السجناء في الاتجاهين"، ولكن "لم يتم التوصل إلى صفقة، حتى الآن".
فاريبا عادلخاه.. عامان في قبضة طهران
التصريح الأميركي جاء بالتزامن مع ذكرى اعتقال الأكاديمية الفرنسية-الإيرانية فاريبا عادلخاه في طهران، والتي لا تزال منذ عامين محرومة من حريتها.
وفي ذكرى اعتقالها (5 يونيو 2019)، رُفعت صورة فاريبا، السبت، على واجهة مقر بلدية باريس في قلب العاصمة، بحضور شريكها رولان مارشال، الذي أوقف معها في طهران وأفرج عنه في مارس 2020، في صفقة تبادل مع مهندس إيراني معتقل في فرنسا كان مهدداً بتسليمه للولايات المتحدة.
وحكم على الباحثة المعروفة في مجال الأنثروبولوجيا الاجتماعية والسياسية بالسجن 5 سنوات "للتآمر على الأمن القومي"، وسنة "لنشر الدعاية الكاذبة ضد النظام الإيراني"، بحسب "فرانس برس".
وتساءلت لجنة دعم الباحثة في باريس: "بعد عامين ما زلنا لا نعرف لماذا أوقفت؟ هل هي وسيلة ضغط على فرنسا وابتزاز للإفراج عن الإيرانيين المعتقلين في أوروبا؟".
وأضافت اللجنة: "هل هذا الأمر في إطار تصفية الحسابات الداخلية في إيران؟ هل لإسكات الأصوات المعارضة لتكون عبرة ضد حرية التعبير؟".
وقالت "فرانس برس" إن السائح بنجامان بريار أضيف إلى لائحة المعتقلين في إيران، وهو ما يعقد أكثر مهمة الخارجية الفرنسية.
وتوجه طهران لهؤلاء "الرهائن" اتهامات ينفونها كالتجسس أو المساس بأمن الدولة ويؤكد ناشطون أنهم مجرد وسيلة مقايضة للحصول على تنازلات خلال المفاوضات.
زاغاري-راتكليف.. "لعبة القط والفأر"
نازانين زاغاري-راتكليف، بريطانية (42 عاماً) من أصل إيراني تحتجزها سلطات طهران منذ عام 2016، بشكل "غير قانوني" وفق تصريحات وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب، في مايو الماضي.
وقال راب في مقابلة مع شبكة "بي بي سي" في طهران، إن معاملة إيران لنازانين زاغاري-راتكليف "ترقى إلى مستوى التعذيب"، وذلك في أقوى تصريح حكومي بريطاني بشأن الموضوع حتى الآن.
وأضاف وزير الخارحية في مقابلته، أن "طهران تستخدم نازانين في لعبة القط والفأر مع بريطانيا، بعد الحكم عليها بالسجن مجدداً.
وكانت زغاري-راتكليف قضت حكماً بالسجن مدة 5 سنوات بتهمة التجسس، التي نفتها طوال الوقت، ثم حُكمت سنة إضافية بتهمة الدعاية المناهضة للنظام، ومُنعت من السفر سنة أخرى.
وتابع راب القول، إن "نازانين محتجزة بشكل غير قانوني من وجهة نظر القانون الدولي. وأعتقد أنها تعامل بأكثر الطرق إيلاماً. أعتقد أن الطريقة التي تعامل بها ترقى إلى التعذيب. وعلى إيران التزام بإطلاق سراحها في الحال وبلا شروط".
ونقلت "بي بي سي" عن زوج المعتقلة إن طهران تستخدم زغاري-راتكليف ورقة ضغط على الحكومة البريطانية في خلاف معها بشأن دين لم يُسدد يعود إلى سبعينيات القرن الماضي، مرتبط بعقود عسكرية، وأيضاً ورقة ضغط في المفاوضات النووية الجارية في فيينا.
أنوج عاشوري.. مصاب بكورونا
أليكا، ابنة المهندس البريطاني المتقاعد أنوج عاشوري، البالغ 67 عاماً، والمسجون في إيران منذ عام 2017، قالت لفرانس برس: "تعلمنا التعامل مع كل يوم كما هو. لا يمكننا النظر بعيداً إلى الأمام. أشياء مثل الشائعات تعطينا بعض الأمل لكننا تعلمنا ألا نتأمل كثيراً".
وأضافت، أن الأحاديث غير المؤكدة عن صفقات ومبادلات يجرى الإعداد لها تعد مصدر قلق، ليس فقط بالنسبة إلى الأسرة، ولكن أيضاً لوالدها القادر على متابعة تطورات الأخبار داخل سجن إيوين في طهران.
ووصفت الابنة الأمر بأنه "لعبة ذهنية غير ممتعة بالنسبة إلينا وإليه على وجه الخصوص"، لافتة إلى أن والدها اشتكى أعراض كورونا خلال مكالمة هاتفية مع العائلة أخيراً. وقالت: "نستيقظ كل يوم مع هذا القلق حول ما سنراه (في الأخبار) اليوم".
ناهد تقوي.. 200 يوم في السجن
الألمانية ناهد تقوي (66 عاماً) تقبع منذ 200 يوم داخل السجن في إيران، وهي في "حالة سيئة للغاية" بعد نقلها مجدداً إلى سجن انفرادي الشهر الماضي، وفق ابنتها مريم كلارين.
وقالت كلارين لوكالة "فرانس برس" إن "الانتظار صعب للغاية عليها وعلينا. وبالإضافة إلى كونها وحيدة يتم تعريضها لضوء النهار مدة نصف ساعة فقط في اليوم، ولم تعطَ حتى وسادة لتنام عليها".
وأضافت: "أحاول ألا أفكر كثيراً بشأن فيينا وأحاول حماية نفسي"، معربة عن خشيتها من أن تصبح المحادثات بشأن السجناء "لعبة" بين الطرفين.
"مزدوجو الجنسية.. بيادق سياسية"
هادي غيمي، المدير التنفيذي لمركز حقوق الإنسان في إيران، ومقره نيويورك، قال لــ"فرانس برس": "على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إقامة جبهة موحدة، وإعطاء الأولوية لإطلاق سراح المعتقلين بالتوازي مع المحادثات النووية".
وأضاف أن "الفشل في التصدي بشكل فعال لاحتجاز الرهائن في إيران، يعطي الضوء الأخضر لهذه الممارسات ويترك مزدوجي الجنسية الآخرين في خطر التعرض للاعتقال لاستخدامهم بيادق سياسية".