رغم نجاته من حجب الثقة.. تساؤلات بشأن قدرة جونسون على الاستمرار

time reading iconدقائق القراءة - 7
رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في مقر الحكومة "10 داونينج ستريت" بالعاصمة لندن - 5 أبريل 2022 - AFP
رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في مقر الحكومة "10 داونينج ستريت" بالعاصمة لندن - 5 أبريل 2022 - AFP
دبي/ لندن - الشرقوكالات

تعهّد رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، بـ"مواصلة العمل" بعدما نجا من تصويت على حجب الثقة، الاثنين. لكن ثمة شكوكاً بشأن قدرته على الاستمرار في منصبه.

وفاز جونسون في التصويت على حجب الثقة من حكومته، بأغلبية 211 صوتاً في مقابل 148 لنواب حزب المحافظين الحاكم، متجنّباً الاضطرار إلى الاستقالة فوراً. لكن تمرداً أكبر ممّا كان متوقعاً داخل حزبه، سبّب ندوباً سياسية لجونسون، الذي يكافح لاستعادة ثقة زملائه ومواطنيه.

وكان عزل جونسون من منصبه يتطلّب تصويت 180 على الأقلّ من إجمالي 359 نائباً عن حزب المحافظين. وتعني النتيجة التي حققها جونسون، أنه حصل على دعم 59% من نواب حزبه، وهذا أقلّ من الدعم الذي مُنح لرئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي، في تصويت على الثقة واجهته عام 2018.

ويتعرّض جونسون، الذي عُيّن رئيساً للوزراء بعد فوز انتخابي ساحق في عام 2019، لضغوط متزايدة، ولم ينجح في تجاوز تقرير وثّق تنظيم حفلات في مقرّ رئاسة الحكومة، شارك فيها مسؤولون بارزون، عندما كانت بريطانيا تخضع لإغلاق صارم من أجل كبح فيروس كورونا المستجد. وبات جونسون أول رئيس لوزراء بريطانيا ينتهك القانون وهو يتولّى منصبه، ممّا أضعف موقفه بشكل كبير.

سياسات جديدة

ويتمثل التحدي الأول أمام رئيس الوزراء، في إقناع أبرز حلفائه، وبعضهم كان يمكن أن يترشّح لخلافته لو أُرغم على التنحّي، في قدرته على الحكم متجاوزاً تساؤلات بشأن قيادته.

ونقل بيان أصدره مكتب جونسون، عنه قوله إنه سيستغلّ جلسة الحكومة، الثلاثاء، لتحديد رؤيته للأسابيع المقبلة، بما في ذلك سياسات جديدة للمساهمة في تقليص تكاليف رعاية الأطفال ومساعدة مزيد من الناس على شراء منازلهم. وأضاف: "هذه حكومة تقدّم أكثر ما يهتم به شعب هذا البلد. نحن إلى جانب الشعب البريطاني المكافح في عمله، وسنواصل العمل".

جونسون الذي رفض الاستقالة بسبب فضيحة "بارتي جيت"، كان اعتبر أن نتيجة التصويت "مقنعة" وتتيح "الانتقال إلى أمور أخرى". واستدرك: "بالطبع أدرك أن علينا أن نتحد كحكومة وكحزب. وهذا بالتحديد ما يمكننا فعله الآن".

ودافع عن "إنجازات" حققها خلال ولايته، بما في ذلك خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) ومكافحة كورونا ودعم أوكرانيا في مواجهتها الغزو الروسي. وقال للنواب المحافظين: "الوقت ليس مناسباً لدراما سياسية داخلية غير ضرورية". وأكد أنه "قادر على إعادة بناء الثقة"، معتبراً أن "الأفضل في انتظارنا"، بحسب "فرانس برس".

أيام معدودة في الحكم؟

لكن حجم التمرّد ضد رئيس الوزراء يشير إلى أن أيامه قد تكون معدودة، بحسب "بلومبرغ"، التي اعتبرت أن الشعور بالضيق يتجاوز التجمّعات غير القانونية خلال أزمة كورونا، ويتفاقم منذ شهور. ونقلت عن نائب قوله بعد التصويت، إن لا شيء وشيكاً، مستدركاً أن جونسون انتهى في نهاية المطاف.

وقال جون كورتيس، أستاذ السياسة في جامعة ستراثكلايد بجلاسكو: "ليس معقولاً أن يقود جونسون الحزب في الانتخابات المقبلة. النتيجة سيئة بما يكفي لإثارة تساؤلات بشأن مستقبل قيادته على المدى البعيد".

يشير التاريخ الحديث إلى أن عهد جونسون قد ينتهي قبل أن تتاح له فرصة خوض الانتخابات المقبلة، المقررة في عام 2024. فتيريزا ماي نجت من تصويت على الثقة، بأغلبية 83 صوتاً في عام 2018، مقارنة بـ63 لجونسون.

وبموجب القواعد الحالية، لن يُسمح لأعضاء حزب المحافظين بإجراء تصويت آخر على الثقة، قبل سنة. ومع ذلك، سيكون ممكناً تغيير القواعد من أجل إجراء تصويت آخر في وقت أقرب، علماً أن الحزب يخشى أن يكبّدهم جونسون الانتخابات المقبلة، بحسب "بلومبرغ".

ونقلت الوكالة عن أليس ليلي، وهي باحثة في "معهد الحكومة" (مقره لندن)، قولها: "نعلم الآن أن 40% من نواب (جونسون) لا يعتقدون حتى بوجوب أن يكون رئيساً للوزراء. كيف بحق السماء ستُنجز الحكومة أيّ شيء؟ لا طريقة إطلاقاً لاستكمال ذلك".

فصائل متناحرة في حزب المحافظين

وتسبّبت أخطاء جونسون، وممارساته السيئة، في انقسام حزب المحافظين إلى فصائل متعددة ومتناحرة، تتجه نحو انتخابات مبكرة محتملة، كما أفادت "بلومبرغ"، التي تحدثت عن "حرب أهلية" في الحزب.

وباتت الانقسامات واضحة جداً، لدرجة أن نائبين شابين من فصيلين متنافسين، شوهدا يتقاتلان في مجلس العموم (البرلمان) البريطاني.

المحافظون لم ينقسموا الآن بشأن الاتحاد الأوروبي، كما كانت الحال عندما فقد رؤساء الوزراء السابقون، مارجريت تاتشر وجون ميجور وديفيد كاميرون، قبضتهم على الحكم. وبعد "بريكست"، بات الانهيار في الحزب أكثر اكتمالاً، بحسب "بلومبرغ".

ويشعر نواب من دوائر انتخابية سابقة لحزب العمال المعارض، باستياء من الانتقادات الموجّهة إلى طريقة تعامل جونسون مع العلاقات مع الاتحاد الأوروبي. ويشعر نواب بقلق من خسارة مقاعدهم، لأن القيادة الفوضوية لجونسون تدفع الناخبين نحو أحزاب المعارضة. كما أن مؤيّدي "بريكست"، الذين دعموا جونسون في السابق، باتوا غاضبين من أسلوب تعامله مع فضيحة "بارتي جيت".

لكنهم غضبوا أيضاً عندما قال توبياس إلوود، الذي ينتقد رئيس الوزراء منذ فترة طويلة، الأسبوع الماضي إن على المملكة المتحدة أن تنضمّ مجدداً إلى السوق الموحّدة للاتحاد الأوروبي.

وزيرة الثقافة البريطانية نادين دوريس، وهي حليف قوي لجونسون، فاقمت المرارة الاثنين، عندما اتهمت وزير الخارجية السابق جيريمي هانت بـ"الازدواجية" و"زعزعة استقرار الحزب والبلد"، إثر دعوته المحافظين إلى التصويت على إقصاء جونسون، معتبراً أن هذه هي الطريقة الوحيدة للحزب لإنقاذ الانتخابات المقبلة.

وقال وزير التعليم البريطاني، نديم الزهاوي، لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي): "أشعر بحزن لأن زملاء يُضطرون الآن إلى مهاجمة بعضهم بعضاً. أعتقد بأن هذا خطأ، وبأن علينا أن نتعاون، وبأننا نكون أقوى عندما نكون متحدين".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات