شيخ الأزهر: للمرأة الحق في تولي القضاء والإفتاء والسفر دون محرم

time reading iconدقائق القراءة - 9
شيخ الأزهر الإمام أحمد الطيب يتحدث خلال لقاء الأخوة الإنسانية في أبوظبي  - REUTERS
شيخ الأزهر الإمام أحمد الطيب يتحدث خلال لقاء الأخوة الإنسانية في أبوظبي - REUTERS
دبي- الشرق

قال شيخ الأزهر، أحمد الطيب، الجمعة، إن المرأة كان لها "نصيب الأسد" من مكاسب حسم عددٍ من القضايا المعاصرة التي خضعت للتوصيف الشرعي، والاجتهاد الفقهي في أروقة الأزهر الشريف، حيث درست معظم قضاياها إما بحسبانها فرداً مستقلاً، أو عضواً في الأسرة والمجتمع.

وأضاف الطيب، على "فيسبوك" أن الأزهر حسم الجدل الفقهي المتعلق بعدد من قضايا المرأة، مؤكداً أنه: "يجوز للمرأة تولي الوظائف العليا والقضاء والإفتاء، والسفر دون محرم متى كان سفرها آمناً".

وأوضح أن الطلاق التعسفي بغير سبب معتبر شرعاً حرام وجريمة أخلاقية‏، ولا وجود لـ(بيت الطاعة) في الإسلام، ولا يحق للولي منع تزويج المرأة برجل كفء ترضاه دون سبب مقبول، وللمرأة أن تحدد لها نصيباً من ثروة زوجها إذا كانت سبباً في تنمية هذه الثروة".‏

سفر المرأة دون محرم

وأضاف شيخ الأزهر، خلال الحلقة الـ25 من برنامجه الرمضاني "الإمام الطيب" الذي يبث على حسابه الشخصي بـ"فيسبوك"، أن من أول هذه المكاسب موضوع" سفر المرأة"، موضحاً: "معلوم أن سفرها في تراثنا الفقهي مشروط -عند أغلب الفقهاء- بمرافقة الزوج، أو أي محرم من محارمها، لأن سفر المرأة بمفردها في تلك العصور-دون محرم- كان أمراً صادماً للمروءة والشرف، بل كان طعناً في رجولة أفراد الأسرة، نظراً لما تتعرض له المرأة -آنذاك- من سبي واختطاف واغتصاب، في الصحاري والفيافي المظلمة ليلاً".

وتابع: "كان من عادة العرب السفر ليلاً، والكمون نهاراً، وحين قال النبي الكريم: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها حرمة -أي محرم- فإنه، وهو النبي العربي الذي بعث ليتمم مكارم الأخلاق، كان يحمي حقاً أصيلاً للمرأة على أسرتها".

وأوضح الإمام الأكبر أنه في ظل تغيّر نظام الأسفار في عصرنا الحديث، وتبدّلت المخاطر التي كانت تصاحبه إلى ما يشبه الأمان، وتوفر الرفقة المأمونة من الرجال والنساء، ولم يعد السفر يستغرق ليالي وأياماً، فإن الاجتهاد الشرعي في هذه المسألة لا مفرّ له من تطوير الحكم من منع السفر إلى الجواز، بشرط الرفقة المأمونة كما هو الحال في الحج والعمرة والرحلات وغيرها. 

وأردف: "وإن كان المذهب المالكي، ومنذ العصر الأول للإسلام أباح للمرأة الخروج إلى الحج -دون محرم- إذا كان معها رفقة مأمونة، وقد انتهى رأي العلماء في هذه القضية إلى تبني فقه الإمام مالك، في جواز سفر المرأة -اليوم- دون محرم متى كان سفرها آمناً، بصحبة ترافقها، أو وسيلة من وسائل السفر تمنع تعرضها لما تكره".

الوظائف العليا

وأوضح شيخ الأزهر أن من مكاسب المرأة أيضاً، اتفاق علماء مؤتمر الأزهر العالمي للتجديد في الفكر الإسلامي على أنه يجوز لها شرعاً أن تتقلد الوظائف التي تناسبها كافة بما فيها وظائف الدولة العليا ووظائف القضاء والإفتاء.

وأكد أنه "لا يجوز الالتفاف حول حقها هذا لمصادرته أو وضع العقبات أو التعقيدات الإدارية ممن يستكبرون أن تجلس المرأة إلى جوارهم، ويحولون بينها وبين حقها المقرر لها شرعاً ودستوراً وقانوناً، وكل محاولة من هذا القبيل هي إثم كبير، يتحمل صاحبه عواقبه يوم القيامة".

فوضى الطلاق

وأشار الطيب إلى أنه في ما يتعلق بأمر فوضى الطلاق قرر العلماء، وربما لأول مرة، أن الطلاق التعسفي، بغير سبب معتبر شرعاً، حرام وجريمة أخلاقية يؤاخذ عليها مرتكبها يوم القيامة، سواء كان ذلك برغبة من الزوج أو الزوجة، وذلك للضرر الذي يلحق أسرة كل منهما، وبخاصة: الأطفال. 

وتابع في حديثه: "قد تعجبون لو قلت إنني وأثناء بحثي في فقهنا القديم عن حكم الطلاق، وكيف يكون مباحاً مع الأضرار المترتبة عليه، وجدت من كبار الفقهاء الأجلاء من يقول: إن الأصل في الطلاق الحرمة، وإنه لا يصير مباحاً إلا للضرورة".

وأردف: "وكادوا (الفقهاء) يحصرون الضرورة في نشوز الزوجة على زوجها، والنشوز هو التعالي والتكبر على الزوج واحتقاره وإشعاره بأنه في منزلة أدنى من منزلة الزوجة.. فهاهنا يكون الطلاق "مباحاً"، وأكرر: "مباحاً" وليس واجباً ولا سنة ولا مستحباً".

وواصل: "ثم يقول هذا الفريق من العلماء: وهذا هو الطلاق المباح الذي وصف في الحديث الشريف بأنه أبغض الحلال إلى الله، وليس كما تفهم غالبية الأمة بأن الطلاق حلال مطلقاً وإن أبغضه الله تعالى".

"شبكة الخطوبة"

وتابع الدكتور أحمد الطيب، أن مؤتمر الأزهر العالمي للتجديد في الفكر الإسلامي عالج كذلك مسألة مهمة كثيراً ما يضطرب فيها أمر الأسر، و"هي ما يتعلق بالشبكة التي يقدمها الخاطب لمخطوبته، هل هي جزء من المهر فيجب ردها معه إذا لم يتم الزواج، أو ليس جزءًا فلا يجب رده؟".

وأوضح أن رأي العلماء انتهى إلى أنه إذا كان فسخ الخطوبة بسبب المخطوبة فللخاطب حق استردادها، وإذا كان هو السبب فلها الاحتفاظ بكل ما قدمه لها كشبكة، وفي كل الأحوال لا تعد من المهر، إلا إذا اتفق على ذلك، أو جرى العرف به. 

وبيّن: "كذلك لا يعد مجرد العدول عن الخطوبة ضرراً يوجب تعويضاً، لكن إذا ترتب عليه -فعلًا- ضرر أدبي أو مادي أو كلاهما، وبخاصة للمخطوبة، فللمتضرر حق طلب التعويض".

اختيار الزوج

وأكد الطيب أن مؤتمر الأزهر راعى النظر في بعض العادات المؤسفة التي تلجأ إليها بعض الأسر، مثل: "تعنّت ولي أمر البنت وحرمانها من رغبتها في الزواج بشاب مناسب، انتظاراً لشاب ثري أو من أسرة ثرية، أو من نفس عائلة البنت، كما يحدث في بلادنا في الصعيد، وفي دول أخرى".

وأوضح أن الرأي في هذا الموضوع انتهى إلى أنه: "لا يحق للولي منع تزويج المرأة برجل كفء ترضاه، إذا لم يكن للمنع سبب مقبول، وللقاضي إذا رُفِع إليه أمرها أن يزوجها".

بيت الطاعة

وأكد شيخ الأزهر في حديثه، أن من أهم ما أكده العلماء في فقه المرأة إلغاء ما يعرف ببيت الطاعة إلغاء قانونياً قاطعاً لا لبس فيه ولا غموض، لما فيه من إهانة للزوجة، وإيذاء نفسي لا يحتمل، ومعاملة غير آدمية لها كإنسان تحترم مشاعره وأحاسيسه.

وأضاف: "لم ينس العلماء أن ينبهوا إلى أن ما يُسمّى ببيت الطاعة لا وجود له في الشريعة الإسلامية التي كرمت النساء، وجعلتهن شقائق الرجال، وهل ننتظر من مقهورة مسحوبة على وجهها أن تملأ بيت زوجها -بعد ذلك- وداً ورحمة وسروراً".

وحول قضية خروج المرأة من المنزل، قال الطيب إن العلماء كانوا وسطاً بين رأي يرى أنها حرّة تخرج وقت ما تشاء وتعود وقت ما تشاء، وبين رأي من يصادر عليها حق الخروج مطلقاً إلا بعد إذن زوجها.

وتابع:"توسط الرأي الشرعي كعادته، فترك الأمر للعادة والعرف، بحيث يتغير الحكم بتغيرهما، وتقرر في هذا الأمر أن للزوجة أن تخرج من البيت في الأحوال التي يُباح فيها الخروج شرعاً أو عرفاً ولو لم يأذن الزوج من غير تعسف منها في استعمال هذا الحق".

نصيب المشاركة

واختتم شيخ الأزهر حديثه، بالإشارة إلى "تجديدٍ في موضوع يتسبب في مظالم تلحق بالزوجة وتعود عليها بأضرار بالغة عند موت زوجها، فقد تكون الزوجة سبباً في تنمية ثروة زوجها، بأن تكون قد أعانته من مالها في مشروع من المشاريع التجارية أو عملت معه في الخارج واختلط مالها بماله، ثم نما هذا المال وتحول إلى ثروة مالية أو عقارية باسم زوجها".

وتابع: "فإذا توفى الزوج، فإن كل ما تفعله ورثته هو أن تعطي الزوجة نصيبها من الميراث ثم يستقل الورثة بعد ذلك بكل التركة، وفي هذا نوع من الظلم يلحق الزوجة".

وقال: "لذلك عالج مؤتمر الأزهر العالمي، مثل هذه الحالة بأن جعل من حق الزوجة شرعاً أن تحدد لنفسها نصيباً تحتجزه من ثروة زوجها وهو حيّ بمقدار ما شاركت فيه، لا يخضع لقسمة الميراث ولا يرتبط بوفاة الزوج، ولها أن تأخذه قبل وفاته، أو تستوفيه بعد الوفاة بعد تركته قبل تقسيمها".

وأوضح أن الرأي الشرعي جاء "لأن الميراث في حقيقته دين في ذمة الزوج يستوفى من تركته إن كان معلوماً وإلّا قدره أهل الخبرة ثم تدخل الزوجة وارثة بنصيبها الشرعي فيما تبقى بعد ذلك".