انتقادات جمهورية لبايدن: إذلال أفغانستان لم نشهده منذ أزمة الرهائن بإيران

time reading iconدقائق القراءة - 9
مسلحان من حركة طالبان في نقطة تفتيش بكابول - 17 أغسطس 2021 - REUTERS
مسلحان من حركة طالبان في نقطة تفتيش بكابول - 17 أغسطس 2021 - REUTERS
دبي – الشرق

جدد الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب، انتقاداته لكيفية تعامل خلفه، جو بايدن، مع الانسحاب الفوضوي للقوات الأميركية من أفغانستان، ووصفه بأنه "أعظم إحراج" للولايات المتحدة. في الوقت ذاته، اعتبر مايك بنس، النائب السابق لترمب، أن ما حدث شكّل إذلالاً للسياسة الخارجية لواشنطن، لم تشهده منذ أزمة الرهائن في إيران، متهماً بايدن بخرق الاتفاق الذي أبرمته إدارة ترمب مع حركة "طالبان".

هذا الاتفاق، المُبرم في 29 فبراير 2020، ينصّ على انسحاب القوات الأميركية من البلاد، بحلول 1 مايو 2021، فيما تعهدت الحركة بالامتناع عن تحويل أفغانستان ملاذاً لتنظيمات إرهابية، مثل "القاعدة"، إضافة إلى تفاوضها مع حكومة الرئيس السابق، أشرف غني، بشأن تشكيل حكومة جديدة، علماً أن تلك المحادثات لم تثمر.

ودافع بايدن عن قراره بتنفيذ الانسحاب، لكنه أقرّ بأن الحكومة الأفغانية سقطت بسرعة أكبر ممّا كان متوقعاً، معتبراً أن الاتفاق الذي أبرمته إدارة ترمب مع الحركة "جعلها في أقوى موقف عسكرياً، منذ عام 2001"، حين غزت الولايات المتحدة وأطاحت بنظام "طالبان"، إثر هجمات 11 سبتمبر، كما أفادت وكالة "بلومبرغ".

ترمب: أعظم إحراج

وقال الرئيس السابق إنه أبلغ زعيم الحركة بأن إيذاءها أميركيين سيدفع واشنطن إلى "ضربه بقوة لم تتعرّض لها أي دولة سابقاً". وأضاف، في مقابلة مع قناة "فوكس نيوز" الثلاثاء: "أن نخرج (من أفغانستان) هو أمر رائع، ولكن لم يتعامل أحد مع الانسحاب بشكل أسوأ من جو بايدن. هذا أعظم إحراج، في اعتقادي، في تاريخ بلدنا".

ورأى ترمب أنه كان على خلفه أن يُخرج الأميركيين والمعدات العسكرية من أفغانستان، قبل الجنود. وعلّق على الفوضى التي شهدها مطار كابول الدولي الاثنين، إثر سيطرة "طالبان" على العاصمة، وإعلان إدارة بايدن أن الولايات المتحدة أمّنت المطار ومهّدت لإجلاء آلاف الأميركيين، مرجّحاً بقاء 40 ألف "رهينة محتملة" في البلاد.

"انسحاب كارثي"

في موازاة تصريحات ترمب، نشر بنس مقالاً في صحيفة "وول ستريت جورنال"، ذكّر فيه باستبعاد بايدن الشهر الماضي، أن تسيطر "طالبان" على "البلد بأكمله"، وتكرار مشاهد الانسحاب المتسرّع من سايغون، بعد هزيمة فيتنام الجنوبية أمام شيوعيّي الشطر الشمالي.

وكتب: "بعد شهر واحد، بات السيناريو الذي اعتبره السيد بايدن مستحيلاً، حقيقة مرعبة. في الأيام الأخيرة، شاهد العالم مدنيين مذعورين يتشبثون بطائرات عسكرية أميركية، في محاولة يائسة للهروب من الفوضى التي أحدثها التراجع المتهوّر لبايدن. وجب على الدبلوماسيين الأميركيين أن يتوسّلوا لأعدائنا، ألا يقتحموا سفارتنا في كابول. واستولى مقاتلو طالبان على عشرات المركبات العسكرية، والبنادق، والمدفعية، والطائرات، والمروحيات والطائرات المسيّرة الأميركية".

وأضاف: "الانسحاب الكارثي لإدارة بايدن من أفغانستان هو إذلال في السياسة الخارجية، لا يشبه أي شيء عانته بلادنا منذ أزمة الرهائن في إيران"، في عام 1979. وتابع: "أحرج ذلك أميركا على المسرح العالمي، وجعل حلفاءها يشكّكون بجدارتنا، وشجّع الأعداء على اختبار عزيمتنا. والأسوأ من ذلك كله، أنه مسّ بذكرى الأميركيين الأبطال الذين ساهموا في محاسبة الإرهابيين بعد 11 سبتمبر، وجميع الذين خدموا في أفغانستان خلال السنوات العشرين الماضية".

"وصمة عار" 

واعتبر بنس أن الاتفاق الذي أبرمته إدارة ترمب مع "طالبان" أتاح "فوراً استقراراً في أفغانستان لم تشهده منذ عقود"، مضيفاً: "في الأشهر الـ 18 الماضية، لم تتكبّد الولايات المتحدة أي ضحية في القتال هناك".

ورأى أن "حرباً بلا نهاية تخوضها أميركا، كانت تقترب من نهاية كريمة"، وزاد: "كان التقدّم الذي أحرزته إدارتنا نحو إنهاء الحرب ممكناً، لأن قادة طالبان أدركوا أن عواقب انتهاك الاتفاق ستكون سريعة وقاسية. بعدما أزاح جيشنا، الإرهابي الإيراني قاسم سليماني، وقتلت القوات الخاصة الأميركية زعيم داعش (أبو بكر البغدادي)، لم يكن لدى طالبان أدنى شك في أننا سنفي بوعدنا".

واستدرك أن بايدن "أعلن بسرعة أن القوات الأميركية ستبقى في أفغانستان لأربعة أشهر إضافية، من دون سبب واضح لفعل ذلك"، مضيفاً: "لم تكن هناك خطة لنقل معدات أميركية بمليارات الدولارات، استولت عليها طالبان أخيراً، أو إجلاء آلاف الأميركيين الذين يتدافعون الآن للفرار من كابول، أو تسهيل إعادة التوطين الإقليمي لآلاف اللاجئين الأفغان الذين سيطلبون الآن اللجوء في الولايات المتحدة، مع تدقيق ضئيل أو معدوم. بدلاً من ذلك، يبدو أن الرئيس ببساطة لم يكن يريد أن يبدو ملتزماً بشروط الاتفاق الذي تفاوض عليه سلفه".

وزاد بنس: "بمجرد أن خرق السيد بايدن الاتفاق، شنّت طالبان هجوماً ضخماً على الحكومة الأفغانية واستولت على كابول. كانوا يعلمون أنه لم يكن هناك تهديد موثوق باستخدام القوة في عهد هذا الرئيس". واعتبر أن "الضعف يثير الشر - وحجم الشر الذي يتصاعد الآن في أفغانستان يشي بالكثير عن نقاط الضعف لدى بايدن"، متحدثاً عن "مجزرة" تشهدها أفغانستان. وختم: "الطريقة التي نفذ بها السيد بايدن هذا الانسحاب هي وصمة عار، لا تليق بالرجال والنساء الشجعان في (الجيش) الأميركي، الذين ما زالت دمائهم تخصّب تربة أفغانستان".

رايس تدافع عن الأفغان

في السياق ذاته، وصفت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة، كوندوليزا رايس، التي كانت مستشارة للأمن القومي بين عامَي 2001 و2005، صور الأفغان المتشبثين بطائرات النقل العسكرية الأميركية في مطار كابول، بأنها "مفجعة ومروّعة".

رايس التي تدير الآن "معهد هوفر" في "جامعة ستانفورد"، رفضت فرضية "جائرة" رُوّجت بعد سقوط كابول، تحمّل الأفغان مسؤولية الفشل، مذكّرة بقول بايدن الاثنين: "منحناهم كل فرصة لتقرير مستقبلهم".

وكتبت في صحيفة "واشنطن بوست": "(الأفغان) لم يختاروا طالبان. قاتلوا وماتوا إلى جانبنا، ممّا ساعدنا على تحطيم (تنظيم) القاعدة... في النهاية، لا يمكن للأفغان السيطرة على البلاد من دون قوتنا الجوية ودعمنا. وليس مستغرباً أن قوات الأمن الأفغانية فقدت رغبتها في القتال، عندما حذرت طالبان من أن الولايات المتحدة تخلّت عنهم وأن أُسر مقاوميها ستُقتل".

وأضافت أن الأفغان "انتهزوا الفرصة لإنشاء مجتمع حديث، حيث يمكن للفتيات الالتحاق بالمدرسة، وللمرأة أن تمارس مهناً، وتُحترم حقوق الإنسان". وتابعت أنهم "بنوا ديمقراطية وليدة مع زعماء منتخبين، فشلوا في أحيان كثيرة، ولكنهم لم يُعاملوا شعبهم بوحشية كما تفعل أنظمة كثيرة في المنطقة. كانت حكومة لم تنجح أبداً في كبح الفساد وتجارة المخدرات. وفي هذا الأمر، كان لأفغانستان شركاء كثيرون في العالم".

نموذج كوريا الجنوبية

رايس اعتبرت أن الحرب في كوريا (1950-1953)، لا أفغانستان، هي الأطول من الناحية الفنية بالنسبة إلى الولايات المتحدة، مذكّرة بأنها انتهت بهدنة، لا باتفاق سلام. وأشارت إلى أن كوريا الجنوبية "لم تتبنَّ نظاماً ديمقراطياً طيلة عقود، وتستضيف أكثر من 28 ألف جندي أميركي، في اعتراف بأنه حتى الجيش الكوري الجنوبي المتطوّر لا يمكنه وحده ردع الشمال". وتحدثت عن تحقيق "توازن مستقر في شبه الجزيرة الكورية، وحليف مهم في كوريا الجنوبية، ووجود قوي في المحيطَين الهندي والهادئ".

وأقرّت بأن "أفغانستان ليست كوريا الجنوبية"، واستدركت: "ربما كنا حققنا نتيجة معقولة، من خلال التزام أصغر بكثير. المزيد من الوقت للأفغان لم يكن ليتطلّب وجود قوات قتالية، فقط وجوداً أميركياً أساسياً للتدريب والدعم الجوي والاستخبارات".

ورأت أن "المزيد من الوقت كان سيخدم مصالحنا الاستراتيجية"، في "منطقة خطرة تشمل باكستان، وتحدّها أخطر دولة في الشرق الأوسط، إيران". وتابعت: "علينا الآن أن نتعايش مع عواقب تسرّعنا".

اقرأ أيضاً: