"متحدي الكرملين".. من هو الصحفي الروسي الفائز بنوبل للسلام؟

time reading iconدقائق القراءة - 9
الصحفي الروسي الفائز بجائزة نوبل للسلام دميتري موراتوف يتحدث في موسكو - REUTERS
الصحفي الروسي الفائز بجائزة نوبل للسلام دميتري موراتوف يتحدث في موسكو - REUTERS
دبي-الشرقوكالات

فاز الصحافي الروسي ديميتري موراتوف، مناصفة مع الصحافية الفلبينية ماريا ريسا، الجمعة، بجائزة نوبل للسلام لعام 2021، في إعلان فاجأ الصحافي المعارض الذي هنأه الكرملين على "شجاعته"، و"جهوده في حماية حرية التعبير".

وموراتوف هو رئيس تحرير صحيفة التحقيقات الروسية المستقلة "نوفايا جازيتا" التي "تحدت الكرملين في عهد الرئيس فلاديمير بوتين بتحقيقات في قضايا مخالفات وفساد، وغطت الصراع في أوكرانيا على نطاق واسع"، حسبما ذكرت وكالة "رويترز".

شارك الصحافي، البالغ من العمر 59 عاماً، في تأسيس "نوفايا جازيتا" عام 1993، وكان رئيس تحريرها بين عامي 1995 و2017، وعاد للمنصب عام 2019. وتعد الصحيفة مصدراً إخبارياً مستقلاً، وهو ما يندر في روسيا، وواجه صحافيوها مضايقات وتهديدات.

وقالت لجنة نوبل في بيان: "رغم عمليات القتل والتهديدات، رفض رئيس التحرير موراتوف التخلي عن السياسة المستقلة للصحيفة"، لافتة إلى أنه دافع، على مدى عقود، عن حرية التعبير في روسيا في ظل ظروف صعبة بشكل متزايد.

ورغم ذلك، هنأ الكرملين موراتوف، لفوزه بجائزة نوبل للسلام، وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف، للصحافيين الجمعة: "نهنئه. إنه يعمل باستمرار وفقاً لمُثُله العليا، وهو مخلص لها، وهو موهوب وشجاع".

تهديد وقتل 

ومنذ عام 2000، قُتل ستة من الصحافيين والمساهمين في الصحيفة، على خلفية عملهم، منهم ناتاليا إستيميروفا، والصحافية الاستقصائية الأبرز بينهم آنا بوليتكوفسكايا.

ويعتقد أن عمليات قتل هؤلاء الصحافيين مرتبطة بعملهم في الكشف عن انتهاكات حقوق الإنسان، لاسيما في منطقة الشيشان، حسب صحيفة "موسكو تايمز".

كانت بوليتكوفسكايا من أشد منتقدي بوتين وحروب الكرملين في الشيشان، وقُتلت بالرصاص في 7 أكتوبر عام 2006 في مدخل مبنى تسكن فيه وسط موسكو، وكانت تبلغ من العمر 48 عاماً. والخميس، ترأس موراتوف في مقر الصحيفة حفل تأبين بوليتكوفسكايا، التي قُتلت قبل 15 عاماً. 

في عام 2018، بعد أن كشف الصحافي الاستقصائي دينيس كوروتكوف عن أنشطة رجل الأعمال الثري الروسي يفجيني بروجوزين، تلقى سلة بها رأس كبش مقطوع وإكليل من زهور الجنائز إلى مكاتب الصحيفة. وجاء في الرسالة المرفقة: "إلى رئيس تحرير نوفايا جازيتا، تحياتي لك ولكوروتكوف!".

وكشفت الصحيفة فساداً وتزويراً انتخابياً وعنفاً من جانب الشرطة، وأعمالاً عسكرية روسية ووجود مرتزقة روس في سوريا وإفريقيا وأماكن أخرى.

"ثأر" للصحافة

من جانبه، قال موراتوف إن الجائزة كانت غير متوقعة تماماً، وإنه اعتقد في البداية أن المكالمة الهاتفية الواردة من رقم نرويجي، كانت أحد الاتصالات المزعجة أو التطفلية، مؤكداً أن الجائزة، تمثل "اعترافاً بالضغط المتزايد" على الصحافيين داخل روسيا.

وأضاف في مقابلة مع موقع "بوديوم" الروسي: "أنا أضحك. لم أتوقع هذا على الإطلاق. الأمر جنوني هنا".

ووصف موراتوف الجائزة بأنها "ثأر للصحافة الروسية التي تتعرض لعمليات قمع في الوقت الراهن". وتابع: "سنحاول مساعدة الأشخاص الذين يُعرفون الآن بأنهم عملاء أجانب، والذين يتعرضون للهجوم والطرد من البلاد".

ونقلت وكالة الأنباء الروسية "تاس" عن موراتوف قوله، بعد الإعلان عن الجائزة: "لا يمكنني أن أستأثر بكل الفضل في ذلك. الفضل يرجع إلى (صحيفة) نوفايا جازيتا. إنه يرجع إلى من ماتوا وهم يدافعون عن حق الناس في حرية التعبير".

وقال موراتوف، لوكالة "إنترفاكس" الروسية للأنباء، إنه يعتزم التبرع بجزء من أموال جائزته لمساعدة الأطفال الذين يعانون من ضمور في العمود الفقري، وكذلك لمعالجة المشكلات التي يواجهها الصحافيون.

موراتوف وجورباتشوف 

وموراتوف هو أول روسي يفوز بجائزة نوبل للسلام منذ الزعيم السوفيتي ميخائيل جورباتشوف الذي ساعد بنفسه في إنشاء "نوفايا جازيتا"، بالأموال التي حصل عليها من الفوز بالجائزة في عام 1990.

وفي موسكو، قالت ناديجدا بروسينكوفا، الصحافية في "نوفايا جازيتا"، لوكالة "رويترز" إن موظفي الصحيفة شعروا بالدهشة والسرور. وأضافت: "لقد صُدمنا. لم نكن نعرف. بالطبع نحن سعداء وهذا رائع حقاً".

من جانبه، قال دان سميث، مدير "معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام" لوكالة "رويترز"، إن الجائزة ستمنح الصحافيين رؤية دولية أكبر، وقد تلهم جيلاً جديداً من الصحافيين. وأضاف "نتوقع عادة أن زيادة الرؤية تعني في الواقع حماية أكبر لحقوق وسلامة الأفراد المعنيين".

والجائزة هي الأولى للصحافيين منذ أن فاز بها الألماني كارل فون أوسيتسكي عام 1935، لكشفه عن برنامج بلاده السري لإعادة التسلح بعد الحرب.

منحت جائزة العام الماضي لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، لجهوده في مكافحة الجوع وانعدام الأمن الغذائي في جميع أنحاء العالم.

ومن بين الفائزين السابقين الناشطة ملالا يوسفزاي، ونيلسون مانديلا، ومارتن لوثر كينج جونيور، وأربعة رؤساء أميركيين سابقين هم: باراك أوباما وجيمي كارتر وتيودور روزفلت ووودرو ويلسون.

ومن المقرر تسليم جائزة نوبل للسلام في العاشر من ديسمبر المقبل، في ذكرى وفاة رجل الصناعة السويدي ألفريد نوبل، الذي أسس الجوائز في وصيته عام 1895.

حياته الشخصية

ودميتري موراتوف من مواليد 30 أكتوبر 1961، في مدينة كويبيشيف التي أصبحت "سامارا" الآن، وهو أحد أكثر الصحافيين الروس الذين يحظون بالتقدير.

درس موراتوف علم فقه اللغة في جامعة لومونوسوف موسكو الحكومية لمدة خمس سنوات، حيث أدرك بسرعة حبه للصحافة. وأثناء وجوده في الكلية تواصل مع الصحف المحلية وعمل في الصحافة بدوام جزئي.

بعد انتهاء دراسته الجامعية، خدم في الجيش الروسي من 1983 إلى 1985. غالباً ما ذكر موراتوف أن أنشطته في الجيش، كانت تصنيف أجهزة الاتصالات.

في عام 1987، بدأ الصحافي الروسي العمل كمراسل لصحيفة "فولجسكي كومسوموليتس"، حيث أُتيحت له الفرصة لإثبات نفسه. كان رؤساؤه معجبين به للغاية، لدرجة أنه بحلول نهاية عامه الأول عين رئيساً لقسم الشباب في صحيفة روسية شهيرة اسمها "كومسومولسكايا برافدا"، ثم رقي لاحقاً إلى محرر المقالات الإخبارية.

غادر موراتوف وأكثر من 50 من زملائه الآخرين كومسومولسكايا برافدا، عام 1993، لبدء صحيفتهم الخاصة، وهي صحيفة معارضة بعنوان "نوفايا جازيتا"، وكان هدفهم إنشاء مطبوعة تكون "مصدراً نزيهاً ومستقلاً وثرياً".

وكان موراتوف قد حصل عام 2007 على جائزة حرية الصحافة الدولية من لجنة حماية الصحافيين التي تُمنح للصحافيين الذين يظهرون شجاعة في الدفاع عن حرية الصحافة، في مواجهة الاعتداءات أو التهديدات أو السجن.

في 18 يناير 2010، حصل على وسام جوقة الشرف، وهو أعلى وسام فرنسي، بدرجة فارس، وفي العام نفسه، حصل على جائزة الحريات الأربع لحرية التعبير في مدينة ميدلبورج بهولندا، عن صحيفة "نوفايا جازيتا".

اقرأ أيضاً: