شكَّك رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في توقيت القيود الأميركية الجديدة على التحويلات الدولية بالدولار في بنوك العراق، مؤكداً حرص بلاده على ممارسة ما وصفه بـ"دور التقريب" بين السعودية وإيران.
وفرض البنك الفيدرالي الأميركي في نيويورك ضوابط أشد صرامة على المعاملات الدولارية الدولية التي تجريها بنوك تجارية عراقية لإيقاف التحويل غير الشرعي للدولارات إلى إيران المجاورة الخاضعة لعقوبات أميركية.
وبموجب القيود التي دخلت حيز التنفيذ هذا الشهر، يجب أن تستخدم المصارف العراقية منصة إلكترونية للإفصاح عن تفاصيل المعاملات.
لكن أغلب المصارف الخاصة لم تسجل في المنصة ولجأت إلى السوق السوداء غير الرسمية لشراء الدولارات، ما أحدث عجزاً في الدولار، وسرَّع وتيرة هبوط قيمة الدينار أمامه.
وفي مقابلة مع شبكة "فرانس 24"، قال السوداني الذي اختتم الجمعة زيارة لفرنسا: "هناك علامات استفهام بأنَّ هذه المعايير يُراد تطبيقها في هذا الوقت أو في هذه المرحلة الزمنية من حكومة عمرها 3 أشهر، في حين أنها كانت غائبة لسنوات في الحكومات السابقة (حينما) كان بيع الدولار يتجاوز في اليوم الواحد 300 مليون دولار، في تجارة غير مشروعة، تخرج أموال بعناوين التهريب وغسيل الأموال".
وكشف السوداني أنَّ وفداً عراقياً برئاسة وزير الخارجية ومجموعة من المختصين سيزور واشنطن، لافتاً إلى أنَّ الوفد سيبحث مع البنك الفيدرالي الأميركي ووزارة الخزانة "تداعيات تطبيق المعايير التي وضعتها الوزارة بالشكل الذي يضمن الهدف المرجو من كل الأطراف"، وذلك بحسب ما نقلته وكالة الأنباء العراقية.
وأكد رئيس الوزراء العراقي أنَّ "قانون الموازنة سيسهم في حل الجزء الأكبر من مسألة التحويلات المالية وفق الدستور"، مضيفاً: "لدينا إجراءات وقرارات مهمة تسهم في تحقيق إصلاح اقتصادي هيكلي في النظام المالي والمصرفي الذي شهد تجارة مشوّهة طيلة السنوات الماضية من خلال نافذة بيع العملة".
وأقرَّ السوداني بأنَّ هناك ارتفاعاً في الأسعار نتيجة تقلبات سعر صرف الدولار، لكنه اعتبر أنه "بالمجمل وضعنا المالي هو الأفضل منذ 2003، لدينا إيرادات مستمرة من النفط، وخزين من المواد الغذائية".
"التقريب بين السعودية وإيران"
وقال رئيس الوزراء العراقي إنه "منذ اليوم الأول لمباشرتنا مهام عملنا، كنا على درجة من الحرص على ممارسة دور التقريب بين إيران والمملكة العربية السعودية وباقي الأشقّاء العرب لإدامة التقارب والتفاهم، وصولاً إلى الأمن وخفض التوترات في المنطقة".
وأضاف: "حصلنا على تأكيدات من هذه الدول، ونحن مستمرون بالمساعي. هناك حرص من الدولتين على استئناف هذه الاجتماعات برعاية العراق، وقريباً نساهم بتحقيق لقاء في بغداد".
وشدَّد السوداني على أنَّ "الاعتداء على الأراضي العراقية عمل مرفوض ومدان ولدينا مواقف رسمية، قسم منها رفعت على مستوى بلاغات إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة".
واعتبر أنَّ "الحوار هو الوسيلة الأمثل للتواصل مع تركيا وإيران،"، مشيراً إلى أنَّ الحكومة العراقية "اتخذت مؤخراً قرارات على مستوى مجلس الأمن الوطني، بتواجد قوات اتحادية تمنع تسلل المجاميع المسلحة التي تستخدم الأرض العراقية للاعتداء على تركيا وإيران".
العلاقة مع التحالف الدولي
وأكد رئيس الوزراء العراقي أن "العراق لايحتاج إلى قوات قتالية أجنبية، بل تعاون مع التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة أو مع الدول خارج التحالف الدولي في مجال مكافحة الارهاب وضمان الاستقرار والأمن".
وشدد على أنَّ "وجود التحالف الدولي في العراق بطلب من الحكومة العراقية السابقة، وهو يخضع لحوار مهني وفق اتفاق سياسي تحدده الجهات الأمنية الرسمية في مسألة بقاء المستشارين وتحديد أعدادهم وأماكنهم، والتعاون في مجال التدريب وتبادل المعلومات".
وتابع: "نحتاج إلى نمط جديد من العلاقة مع التحالف الدولي، قائم على أساس التعاون وتبادل المعلومات والعمل المشترك، مع ضمان سيادة العراق على أراضيه ومياهه وسمائه، ويجري مجلس الأمن الوطني مراجعة لتحديد إطار العلاقة وفق المبادئ التي ذكرناها".
فرنسا والشراكة الإستراتيجية
واعتبر السوداني أنَّ زيارته لفرنسا "تمثل نقلة نوعية في العلاقة بين البلدين وأخذت منحى إستراتيجياً من خلال توقيع اتفاقية الشراكة الإستراتيجية التي تضم 50 مادة غطَّت كل القطاعات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية".
وكشف أنه "تم توقيع مذكرة تفاهم في مجال مكافحة الفساد"، لافتاً إلى أنَّ فرنسا "تتعاون في مجال استرداد أموال العراق قبل وبعد عام 2003، وسوف تُبذل جهودٌ من قبل الطرفين لاسترداد الأموال والمطلوبين".
وبدأ رئيس الوزراء العراقي، الخميس، زيارة إلى فرنسا التقى خلالها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، حيث أعلن الجانبان تعزيز تعاون بلديهما خصوصاً في قطاع الطاقة.
وبحسب وكالة "فرانس برس"، يسعى السوداني الذي وصل إلى الحكم منذ 3 أشهر، في جميع الاتجاهات للبحث عن شركاء للمساهمة في إعادة بناء قطاع الطاقة العراقي وخصوصاً شبكة الكهرباء المتهالكة وضحية الفساد المستشري في البلاد.