
أفادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الخميس، بأن إيران وافقت على زيارة خبراء الوكالة هذا الشهر لتقديم إجابات انتظرتها طويلاً، بشأن مصدر جزيئات يورانيوم عُثر عليها في 3 مواقع لم تفصح عنها طهران سابقاً، فيما عبّر المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل جروسي عن تشاؤمه بشأن المباحثات النووية.
ونصّ أحد التقريريْن السرييْن للوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن إيران، اللذين أُرسلا إلى الدول الأعضاء، الخميس، قبل اجتماع مجلس المحافظين المؤلف من 35 دولة، أنه "أحيط (المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل جروسي) علماً باقتراح إيران عقد اجتماع فني آخر مع كبار مسؤولي الوكالة في طهران قبل نهاية الشهر"، لكنه يشدد على أن هذا الاجتماع "يجب أن يهدف إلى توضيح هذه القضايا، وحلها بشكل فعال".
وتوقّعت الوكالة في هذا الاجتماع أن "تبدأ في تلقّي تفسيرات ذات مصداقية فنية من طهران، بشأن هذه القضايا، بما في ذلك الوصول إلى المواقع والمواد، وكذلك أخذ العينات على النحو المناسب".
وذكر تقرير للوكالة اطلعت عليه "فرانس برس" أن "جروسي يشعر بقلق بالغ من عدم تحقيق تقدّم في توضيح وحل المسائل العالقة المرتبطة بالضمانات"، مشيراً إلى أن مدير الوكالة "يجدد التأكيد على أن هذه المسائل يجب حلها لكي تتمكن الوكالة من توفير ضمانات على الطابع السلمي البحت للبرنامج النووي الإيراني".
مسار المباحثات النووية
وفي شرم الشيخ بمصر، حيث يعقد مؤتمر الأطراف حول المناخ، قال جروسي في مقابلة مع وكالة "فرانس برس"، إن إيران "لم تقدّم بعد أي أجوبة" بشأن مواقع نووية غير معلنة عثر فيها على آثار يورانيوم، مشيرا إلى أنه لا يرى "تقدماً" على صعيد الاتفاق النووي في الوقت الحالي.
وذكر جروسي بشأن هذه المواقع "لم نتلق أي عنصر جدي. تناولت المحادثات مع مجموعة خبراء إيرانيين الأسبوع الماضي بالتحديد هذا الأمر وحاجتنا إلى الحصول على بعض المعلومات".
وأكد تمكن الوكالة من "حصر الجوانب التي نريد التركيز عليها، وطلبنا منهم بالتحديد عدداً من الأمور ليست للإعلان في الوقت الحاضر، ونريد أن نساعدهم على تركيز أجوبتهم حتى نحصل على شيء. لكن لم نحصل حتى الآن على أي شيء منهم".
وتابع: "غير أننا سنواصل المحاولة (...) يجب أن تقدم إيران الأجوبة اللازمة على الأسئلة التي طرحناها عليها منذ أشهر عديدة".
بشأن مباحثات إحياء الاتفاق النووي، ذكر جروسي أنه "لا يرى تقدماً وأن الجانب النووي من إحياء الاتفاق عولج عموماً"، لافتاً إلى أن "الأمور المتبقية تتعلق بالتفاعل بين واشنطن وطهران من محفزات ولوائح أشخاص ومنظمات وعقوبات ورفعها. كل ذلك معطوف على غياب الأجوبة حول المسألة الأخرى. بطريقة ما، كل شيء مترابط جداً ويصعب الفصل بينها".
وزاد: "نحن لسنا طرفاً في المفاوضات حول الاتفاق، لكن لا يسعني القول إنها في حالة جمود، ثمة كلام لكنه قليل جداً".
ورداً على سؤال بشأن احتمال أن يقرّ مجلس الحكام في الوكالة قراراً جديداً في حقّ إيران خلال اجتماعه المقبل في نوفمبر، أجاب جروسي: "هذه صلاحية الدول. أنا كمدير عام أقف على الحياد. جلّ ما يمكنني قوله هو أنني أسمع في عواصم عدة أن هذا الأمر يناقش بطبيعة الحال بالنظر إلى غياب النتائج. كل شيء مترابط".
"محاولة مكشوفة"
وذكرت وكالة "رويترز" أن موافقة إيران على استقبال الخبراء جاء قبل الاجتماع الفصلي لمجلس المحافظين، الأسبوع المقبل، فيما أعرب دبلوماسيون عن اعتقادهم أن القوى الغربية ستدفع خلال الاجتماع من أجل إصدار قرار يدعو إيران إلى التعاون، وهي خطوة عادة ما تشعر طهران بالقلق حيالها.
ويرى العديد من الدبلوماسيين أن عرض إيران هو "محاولة مكشوفة لتقليل الدعم لقرار آخر بعد إصدار قرار مماثل في يونيو، على الرغم من عدم وجود تقدم ملموس"، لكن "لا يوجد ما يشير إلى أن تحرك طهران سيؤدي إلى إحباط القرار المتوقع بانتقادها رسمياً في مجلس المحافظين"، وفقاً لـ"رويترز".
وقال دبلوماسي بارز لـ"رويترز" إن الوكالة التي تتخذ من فيينا مقراً لها "تأمل في أن يكون الاجتماع مع إيران بداية لعملية تسفر عن إجابات، لكن هناك حاجة أيضاً إلى إحراز تقدم ملموس في الاجتماع نفسه".
وأصبحت هذه المسألة عقبة في الطريق نحو عقد محادثات أوسع لإحياء الاتفاق النووي الإيراني المبرم عام 2015 مع القوى العالمية، حيث تطالب طهران بإغلاق تحقيق الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن وجود آثار مواد نووية في 3 مواقع لم تصرّح طهران عنها.
وذكر مصدر دبلوماسي آخر لوكالة "رويترز"، أنه "يمكنك أن ترى أن إيران دائماً تنتهج نمطاً مماثلاً، ففي مواجهة كل مجلس للمحافظين، هناك شيء يحاولون القيام به قبل انعقاد المجلس مباشرة. لذلك من الناحية التاريخية، هناك نمط ما" مشيراً إلى لقاءات سابقة وعروض سبقت اجتماعات مجلس المحافظين في الماضي.
وشدد الوكالة الدولية للطاقة الذرية أنها "لن تخضع للضغوط السياسية ومهمتها هي المحاسبة على جميع المواد النووية"، لكن "رويترز" قالت إنه يبدو أن وجود المواد التي لم يتم الإفصاح عنها في هذه المواقع يمثل مشكلة، وبالتالي فهي مسألة يجب أن تستمر في نظرها حتى يتم حلها.
مخزون اليورانيوم
وفي تقرير منفصل، أشارت "الطاقة الذرية" إلى أن مخزون إيران من اليورانيوم المخصب بلغ 3673,7 كيلوجراماً بحلول 22 أكتوبر، بتراجع قدره 267,2 كيلوجراماً مقارنة بالتقرير الفصلي السابق.
وزاد مخزون إيران من اليورانيوم المخصب بنسبة نقاء 60%، وهي قريبة من مستوى تصنيع الأسلحة البالغ نحو 90%، بنحو 6.7 كيلوجرام إلى أكثر من 62 كيلوجراماً، وهذا كاف للغاية، في حالة زيادة التخصيب، لصنع قنبلة نووية واحدة، بحسب وكالة "رويترز".
وتعمد إيران إلى تخصيب اليورانيوم بنسب تتخطى السقف المنصوص عليه في الاتفاق الدولي المبرم في العام 2015 بين الدول الكبرى وطهران، التي بدأت تتحرر تدريجياً من التزاماتها في إطار هذا الاتفاق، بعدما انسحبت منه الولايات المتحدة في العام 2018.