قالت مفوضة الخدمات المالية بالاتحاد الأوروبي ميريد ماكجينيس، الجمعة، إن عزل روسيا عن نظام "سويفت" للمدفوعات العالمية بين البنوك "لم يُلغَ كعقوبة محتملة" على موسكو، رغم أن الرئيس الأميركي جو بايدن، صرح بأنه "لن يتم فصل روسيا من نظام سويفت المصرفي في الوقت الحالي".
ولوّح الغرب بفصل روسيا عن "سويفت"، وهو ما تم اعتباره "خياراً نووياً" اقتصادياً، وفق مجلة "فوربس" الأميركية، إذ أن تأثيره الاقتصادي سيكون كبيراً على روسيا.
ما هو نظام "سويفت"
"سويفت" هي اختصار لكلمة Society for Worldwide Interbank Financial Telecommunication، والتي تعني "جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك"، ومقرها بلجيكا، وتقوم بإدارة طلبات الدفع والمراسلات بين أكثر من 11 ألف مؤسسة مالية في جميع أنحاء العالم.
والنظام الذي أسسته مجموعة من البنوك الرائدة عالمياً في عام 1973، يهدف إلى خلق وسيط جديد لتبادل الرسائل وتسهيل التواصل بين بنوك العالم.
و"سويفت" الذي شبهته صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية بخدمة "جي ميل" للبريد الإلكتروني، جاء بديلاً لنظام "التلكس" لإرسال واستقبال الرسائل النصية بين الدول، إذ لا يحتفظ هذا النظام بالأموال ولا يحولها، بل يسهل عملية إبلاغ البنوك بالتبادلات المالية.
ويقع مقر "جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك" في بلجيكا، ويديرها مجلس إدارة يتألف من 25 شخصاً، وتصف نفسها بأنها "أداة محايدة"، تأسست بموجب القانون البلجيكي، ويجب أن تمتثل للوائح الاتحاد الأوروبي.
وبحسب ما تقول الجمعية على موقعها الرسمي فإن شبكتها تنقل ما يعادل 42 مليون رسالة في اليوم، وتربط بين أكثر من 11 ألف مؤسسة من 210 دولة حول العالم، في حين تستمد ثقلها من بنوك ست تشمل البنك الفيدرالي الأميركي، والمركزي الأوروبي، وبنك إنجلترا، والبنك الياباني، والبنك السويسري، إلى جانب البنك الكندي.
تأثير عزل روسيا عن النظام
بعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في عام 2014، هدّدت الولايات المتحدة بعزل روسيا عن نظام "سويفت"، وهو ما اعتبره رئيس الوزراء الروسي آنذاك ديمتري ميدفيديف بـ "إعلان حرب".
كما قدّر حينها وزير المالية الروسي السابق أليكسي كودرين، أن الناتج المحلي الإجمالي لروسيا سينكمش بنسبة 5٪ خلال عام، من دون نظام "سويفت".
ووفق صحيفة "فاينانشال تايمز"، فإن عزل موسكو عن "سويفت"، سيضر بقدرة روسيا على جني أرباح من صادرات النفط والغاز، والتي تشكل 40٪ من عائدات البلاد.
ومن شأن طرد روسيا من هذا النظام المالي، أن يضر بقدرة الاتحاد الأوروبي على دفع ثمن واردات النفط والغاز الروسي، التي يعتمد عليها.
ونقلت صحيفة "فايننشيال تايمز" عن أحد المسؤولين قولهم، إن "الإقدام على هذه الخطوة يشبه فتح صندوق باندورا" (يعني الصندوق الذي حُمل بواسطة باندورا ويتضمن كل شرور البشرية، وفق الميثولوجيا الإغريقية).
وبلغت معاملات روسيا في نظام "سويفت" في عام 2021، 1.5% من المعاملات الإجمالية لهذا النظام المالي.
وقال مسؤول في أحد البنوك لـ"فاينانشال تايمز"، إن الإقدام على هذه الخطوة "قد يخلق فوضى كبيرة في روسيا، ولكن أيضاً لخدمات الدفع عبر الحدود"، مضيفاً: "كيف ستدفع أوروبا فاتورة الغاز من دون نظام سويفت؟".
هل هناك نظام بديل؟
أنشأت روسيا نظاماً بديلاً للمدفوعات في عام 2014، وهو "أي بي أف أس" (SPFS)، ونفذ النظام بنجاح أول معاملة في عام 2017، ولديه الآن أكثر من 400 مؤسسة مالية في شبكته.
وأعلنت الصين في 2021 أيضاً عن نظامها الخاص "سي آي بي أس" (CIPS)، الذي يمكن لروسيا استخدامه.
وذكر مركز الأبحاث الأميركي "المجلس الأطلسي"، أن كلا النظامين أصغر بكثير من نظام "سويفت"، رغم أن هناك مخاوف من أن تشجع العقوبات على استخدام النظامين الصيني والروسي كبدائل، كما أن العُملات الرقمية اعتبرت أيضاً تهديداً لـ"سويفت"، وفق "واشنطن بوست".
تجارب سابقة
عزل أحد البلدان عن نظام "سويفت" ليس بجديد، إذ فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على إيران في عام 2012 وعزلها عن "سويفت" بسبب برنامجها النووي بما في ذلك بنكها المركزي، ثم تم إعادة ربط العديد من البنوك الإيرانية بـ"سويفت" في عام 2016، بعد رفع عقوبات عليها عقب توقيع الاتفاق النووي في عام 2015.
ووفقًا لمركز الأبحاث الروسي "كارنيجي"، خسرت إيران ما يقرب من نصف عائدات تصدير النفط و%30 من تجارتها الخارجية نتيجة لهذا الإجراء.