تظاهر عشرات الآلاف من الأشخاص في مدن وولايات أميركية عدة، السبت، للدفاع عن حق الإجهاض، في ضوء تسريب مشروع قانون تتجه المحكمة العليا لإقراره يؤدي إلى حظر هذا النوع من العمليات، وذلك بعد خمسين عاماً من قرار بحمايتها.
وشهدت الولايات المتحدة تنظيم حوالي 450 تجمع في جميع أنحاء البلاد بينهم مسيرات كبيرة في واشنطن ونيويورك وشيكاغو وأوستن ولوس أنجلوس.
وتفرض 23 ولاية يديرها جمهوريون قيوداً على الإجهاض بينما تنتظر أخرى قرار المحكمة العليا التي أصبحت الآن تميل بقوة إلى التيار المحافظ، للحد من عمليات الإجهاض.
ووعدت 20 ولاية محافظة بجعله غير قانوني حتى في حالات الاغتصاب أو سفاح القربى مما قد يجبر النساء على السفر آلاف الأميال لإجراء عملية إجهاض.
وتكشف استطلاعات الرأي، دعم غالبية السكان في الولايات المتحدة حرية الإجهاض، بحسب "فرانس برس". والإجهاض قضية اجتماعية تسبب انقساماً كبيراً منذ الحكم التاريخي في قضية "رو ضد وايد" في يناير 1973 الذي حمى حق المرأة الأميركية في إنهاء الحمل.
وجاء تسريب مشروع القانون في وقت يستعد فيه كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري لانتخابات التجديد النصفي، والتي يأمل فيها الحزب الديمقراطي الحفاظ على سيطرته على الأغلبية البسيطة بمجلسي النواب والشيوخ، وسط محاولة جمهورية شرسة لاستعادة المجلسين.
"أجهضوا المحكمة"
وقالت المتظاهرة هانا وليامسون (20 عاماً) في واشنطن لـ"فرانس برس"، إن "لا يحق لأحد اتخاذ قرار بشأن جسد شخص آخر". وأضافت: "أقاتل من أجل حقوق الجميع".
وفي الحشد رفع المتظاهرون لافتات وردية كتب عليها "ارفعوا أيديكم عن أجسادنا"، و"المحكمة العليا تريد قتل النساء"، و"أجهضوا المحكمة". وفي مقدمة المسيرة رفعت لافتة كبيرة كتب عليها "أجسادنا.. إجهاضنا".
واعتبرت فيشا فلويد (31 عاماً) أنها تشارك في الاحتجاج "من أجل نساء الأجيال القادمة". ووجهت حديثها إلى أعضاء الكونجرس المعارضين لقانون فيدرالي يحمي الإجهاض قائلة "عندما يتعلق الأمر بالنساء، اهتموا بشؤونكم الخاصة".
وفي العاصمة، انتهى التجمع الذي ضم عدة آلاف من الأشخاص أمام مبنى المحكمة العليا المحمي بسياج.
وفي نيويورك، قاد التظاهرة التي ضمت نحو ثلاثة آلاف شخص، زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك تشومر وعضوة المجلس الديمقراطية كريستين جيليبراند، وكذلك المدعية العامة في المدينة ليتيسيا جيمس. وكان رئيس البلدية إريك أدامز أيضاً بين الحشد.
وشارك نحو 5 آلاف شخص في مسيرة تكساس، بحسب المنظمين، بالإضافة إلى ألف آخرين في مدينة لويزفيل في كنتاكي وهي ولاية محافظة في الجنوب لا تضم سوى عيادتين تابعتين لمنظمة تنظيم الأسرة "بلاند بارنتهود" تقومان بعمليات إجهاض. كما تظاهر آلاف الأشخاص في لوس أنجلوس.
"سيطرة المحافظين"
وترى أليسون إيستر البالغة من العمر (58 عاماً) والتي كانت بين المحتجين في نيويورك أن المحافظين يريدون "السلطة والسيطرة"، وقالت إن "الكثير من أصحاب القيم التقليدية يخشون المرأة التي يمكنها القيام بخيار بشأن جسدها".
وأضافت إيستر، "يقول الناس إنها قضية دينية لكن إذا نظرنا إلى ما فعلوه باسم الدين فهذا ليس صحيحاً".
من جهتها، صرحت ليندا كوفي المحامية التي مثلت جين رو آنذاك لـ"فرانس برس"، أن إلغاء الحكم سيكون "أمرا فظيعاً"، منتقدة من قالت إنها "أقلية صاخبة جداً" من معارضي الإجهاض.
ووعد الديمقراطيون في الكونجرس بحماية حق الإجهاض في الولايات التي يمثلون فيها أغلبية. وقال تشاك شومر زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، "سنقاوم ونقاتل حتى النصر، وأميركا معنا".
وبدون المحكمة العليا، تبدو خيارات حماية حق الإجهاض على المستوى الفيدرالي ضئيلة. فقد صوت مجلس النواب، الخريف الماضي، على قانون يضمن الوصول إلى الإجهاض في جميع أنحاء البلاد، لكن النص لم يمر في مجلس الشيوخ حيث لا يتمتع الديمقراطيون بأغلبية كافية.
ومنذ أن كشفت "بوليتيكو" المعلومات الخاصة بمسودة المحكمة العليا، تحضر مجموعات متفاوتة في حجمها أمام مقر المحكمة العليا كل مساء لتعبر عن غضبها. وأمام منازل القضاة المحافظين في المحكمة، يهتف متظاهرون "جسدي خياري".
ويرى التقدميون أن الدعم يمكن أن يأتي أيضاً من الأوساط الاقتصادية. وبات عدد متزايد من الشركات التي تجنبت هذا الموضوع لفترة طويلة، تعبر عن موقف مؤيد لحرية الإجهاض مع ظهور جيل جديد من القادة توقعاتهم مختلفة.
وحذرت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين من "عواقب اقتصادية ضارة جداً" إذا تم تقويض "حق المرأة في تقرير متى وما إذا كانت تريد إنجاب الأطفال".
في المقابل، قال حاكم ولاية أوكلاهوما كيفن ستيت في تغريدة على تويتر لدى توقيعه مشروع قانون بحظر الإجهاض أقرّه كونجرس الولاية: "أنا أمثّل جميع سكّان أوكلاهوما الأربعة ملايين الذين يريدون بأغلبية ساحقة حماية الأطفال الذين لم يولدوا بعد".
وأضاف: "أريد أن تصبح أوكلاهوما الولاية الأكثر تأييداً للحياة في البلاد".
اقرأ أيضاً: