توم كروز.. "بروفيسوراً" في مهرجان "كان"  

time reading iconدقائق القراءة - 5
الممثل الأميركي توم كروز
الممثل الأميركي توم كروز
كان/ (جنوب فرنسا)-عرفان رشيد

ما الذي يجعل من الممثل الأميركي توم كروز نجماً حاضراً في الصفوف الأولى من المشهد السينمائي منذ أكثر من ثلاثة عقودٍ ونصف، ولا يزال لامعاً للغاية، وقوي البنيان رُغم انقضاء السنين؟ 

هناك أجوبة عدّة، لكنّ أحدها يكمن بالذات في طبيعة العمل الذي يمارسه المرء، إذْ يُتيح العمل المتواصل للممثل المسرحي، مثلاً، أن يكون من بين المعمّرين، لأنّ الأداء اليومي لساعاتٍ على الخشبة يأتي مثل التدريب العضلي والفكري والنفسي اليومي أو الـ"جيم"، إن أردنا استخدام اللغة المتداولة اليوم.

وبنظرة سريعة إلى إنجاز هذا النجم خلال السنين الماضية، نجد داخل سجلّه خليطاً من الأعمال المحفوفة بالمخاطر الجسدية التي تتطلب تدريباً بدنياً متواصلاً، مثل أدواره في "Top Gun" و"Mission impossible" وصولاً إلى الأعمال التي دخلت القاموس الرفيع للفن مثل "Rain Man"و "Eyes Wide Shut".

وأنجز هذا العمل المخرج الراحل ستانلي كوبريك ولم يكتمل إلّا بعد أشهر من وفاته في العام 1999، وهو من بطولة كروز وزوجته في تلك الفترة النجمة الأسترالية نيكول كيدمان، وكوكبة من كبار الممثلين في مقدّمهم سيدني بولّاك وماري ريتشارسن وغيرهما. 

متعة السينما في "الصالة"

وعلى الرغم من الترقّب الكبير في الدورة الـ 75 لمهرجان "كان" السينمائي الدولي للجزء الثاني، وربّما ليس الأخير، لفيلم "Top Gun maverick"، فإنّ الدور الأفضل، برأيي، هو ما أدّاه كروز خارج الشاشة حين تواجه، ولأكثر من 60 دقيقة متواصلة مع ما يزيد على ألف متفرّج احتُشِدوا، بالرغم من المخاوف المتعلقة بجائحة كورونا في صالة "ديبوسي"، للاستماع إليه في "ماستر كلاس".

وعن الصالة السينمائية تحديداً، قدم كروز نفسه نموذجاً، ودعا جمهوره إلى "عدم هجر الصالة السينمائية"، قائلاً: "إنْ أردتم مشاهدتي ومشاهدة أعمالي، فتعالوا إلى الصالة"، مضيفاً: "في كلّ مرّة تتاح لي الفرصة أذهب إلى الصالة وأشاهد الأفلام، لأن متعة السينما الحيّة تتحقّق في الصالة فحسب". 

ولم يُغذ كروز الأوهام ولم يروّج لصورة "المقتدر على المهام العسيرة والمستحيلة" أمام جمهور صالة "ديبوسي"، بل منح إجابات واضحة ومتنوّعة وصريحة حول ضرورة "التفاني والمثابرة وامتلاك الفضول المتواصل والجرأة في الاختبار والتجريب، ثمّ المزيد من العناية بلياقتي الجسديّة، الرغبة المستمرّة في التعلم وليس بالاتّكاء على الأمجاد، بل مواجهة المخاطر وتحمّلها".

وأضاف النجم الذي بلغ الـ60 من عمره، ولا تبدو ملامح الكهولة المتقدّمة واضحة على وجهه وقوامه، أن مسيرته المهنية "تنطلق من الحب للسينما والشغف بها".

وأضاف: "أذهب دائماً إلى صالة السينما عندما تُعرض الأفلام. أخلع قبعتي وأجلس بين الجمهور مع الجميع، لقد قضيت الكثير من الوقت مع الجمهور". ولا يرى كروز أنّ في إمكان المنصّات (الرقمية) الفيلميّة الحالية تحقيق ذات المتعة والمعرفة والشغف.

وختم قائلاً: "رغم إدراكي كيفية عمل الصناعة السينمائية اليوم، فإنّني لا أرى أن تلك المنصّات قادرة على تحقيق ذات الشيء، لذا عندما أصنع فيلماً، فإنّما أصنعه للشاشة الكبيرة، فأفلامي مصنوعةٌ للصالة السينمائية، وهناك فقط يمكن تثمينها".

مشاركة عربية

وإضافةً إلى كروز ودرسه الأكاديمي ومغامرات الكابتن "مافريك" النزق، تشهد شاشات المهرجان عدداً من العروض التي يتناوب فيها مخرجون كبار مع شبابٍ يُطلّون على جمهور المهرجان الأضخم في العالم للمرّة الأولى.

وإلى جانب المخضرم جيرزي سكوليموفسكي (84 عاماً)، والذي يحمل إلى المهرجان فيلمه الجديد "EO" من بطولة النجمة الفرنسية إيزابيل هوپير، فإنّ هناك فيلم "Armageddon Time" من بطولة أنتوني هوبكينز وآن هاثاواي وجيريمي سترونج.

وهناك أيضاً المخرج التونسي الشاب لطفي ناثان ضمن مجموعة السينمائيين العرب المشاركين في هذه الدورة من المهرجان والذي يشارك بفيلمه الروائي الأول "الحرقة" ضمن برنامج "نصف شهر المخرجين"، إذ يروي الفيلم الحياة اليومية لشابٍ يُصارع من أجل كسب لقمة عيش عبر متاجرة وبيع الوقود المهرب. 

والفيلم من بطولة إقبال حربي ونجيب العلاجي وعمر سليمة معتوق، وتتناول قصته شاباً يتحمل مسؤولية رعاية شقيقتيه، بعد وفاة والده، إذ يدرك أن الوقت قد حان للتمرد مرة أخرى، بعد مرور 10 سنوات على الثورة التونسيّة.

ويُقيم لُطفي ناثان في الولايات المتحدة، حيث درس فيها السينما وأنجز أول أفلامه الوثائقية "أبناء منتصف النهار".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات