حققت كوثر بن هنية سابقة تاريخية للسينما التونسية، بوصول فيلمها "الرجل الذي باع ظهره" إلى القائمة المختصرة لأوسكار أفضل فيلم ناطق بلغة أجنبية لسنة 2021.
وتعتبر كوثر بن هنية بعد هذا الترشح ثاني مخرجة عربية تبلغ القائمة القصيرة للأوسكار، بعد اللبنانية نادين لبكي وفيلمها "كفر ناحوم".
واختارت تونس للمرة الثانية فيلماً لكوثر بن هنية لتمثيلها في الأوسكار، فبعد "على كف عفريت" في 2019، ينافس "الرجل الذي باع ظهره" على الجائزة، وهو الفيلم العربي الوحيد المستمر في سباق الأوسكار.
وينافس فيلم "الرجل الذي باع ظهره" في أوسكار أفضل فيلم أجنبي، 14 فيلماً يمثلون كلاً من فرنسا، وروسيا، والدنمارك، ورومانيا، والنرويج، وإيران، وتايوان، وهونغ كونغ، والتشيك، وساحل العاج، وتشيلي، والمكسيك، وغواتيمالا والبوسنة.
ومن المنتظر أن تعلن القائمة النهائية للأفلام الخمس الرسمية المرشحة لأوسكار أفضل فيلم ناطق بلغة أجنبية في 15 مارس المُقبل، فيما يقام حفل توزيع جوائز الدورة الـ93 في هوليوود يوم 25 أبريل.
وكانت التصفيات الأولية، قد شهدت خروج مرشحي بقية الدول العربية، مثل الفيلم المصري "لما بنتولد"، و"200 متر" للمخرج أمين نايفة ويمثل الأردن في الأوسكار، والفيلم السوداني"ستموت في العشرين"، و"غزة مونامور" من فلسطين، والجزائري "هليوبوليس"، واللبناني "مفاتيح مكسرة"، والفيلم السعودي "سيدة البحر" والمغربي "معجزة القديس المجهول".
حظوظ الفيلم
وأعربت كوثر بن هنية، خلال حديثها لـ"الشرق"، عن سعادتها لوصول فيلمها "الرجل الذي باع ظهره" إلى القائمة القصيرة لأوسكار أفضل فيلم ناطق بلغة أجنبية، باعتباره التوقيت الأنسب للعمل حتى يحظى بفرصته، لافتة إلى أنّ تجربتها السابقة في ترشيح "على كف عفريت" في 2019 للأوسكار، لم تكن مجدية.
وشددت على أهمية وجود موزع أميركي متحمس للفيلم مع وضع إمكانات ضخمة ليكون الفيلم صاحب حظوظ وفرص لمواصلة سباق الأوسكار، مؤكدة أنها أصبحت على دراية كافية بخفايا سباق الأوسكار لذلك تعتبر وجود فيلمها ضمن القائمة القصيرة سابقة تاريخية.
أفلام جوائز؟
ونفت بن هنية ما يُشاع بأنها تصنع أفلاماً تتناسب مع المهرجانات فقط، إذ تعتبر كل فيلم في مسيرتها حالة تعيشها بالكامل، قائلة: "أعتقد أنّ (الرجل الذي باع ظهره) نافس 90 فيلماً وتمكن من الوصول للقائمة القصيرة كونه نال إعجاب عدد من أعضاء أكاديمية الأوسكار، فنحن كصُنّاع فيلم لا نملك إمكانات كبيرة لفرض عملنا سوى طموحنا الفني لتقديم فيلم جيد".
وأقرت بأهمية الجوائز في حياة الفيلم، فهذه التتويجات وفق تصريحها لـ"الشرق" تجعل العمل السينمائي يعيش أكثر، لا سيما أن جائحة كورونا أضرت كثيراً بقطاع السينما، متابعة: "إنتاج فيلم في هذه الأزمة، بمثابة أسوأ خيار ومع ذلك تمكن فيلمي من الصمود بمشاركته في مهرجانات مختلفة".
وقالت إنّ: "جائزتا فنيسيا، والجونة السينمائي، تتويج أفضل إنتاج مشترك في حفل أكاديمية الأنوار بباريس، وغيرها من الجوائز أنقذت فيلمي، ومنحته مساراً مميزاً في جولته الدولية".
"الرجل الذي باع ظهره"، من بطولة الممثل السوري يحيى مهايني، والفرنسية من أصول سورية ديا ليان، والبلجيكي كوين دي باو، والنجمة العالمية مونيكا بلوتشي في أول مشاركة لها في عمل سينمائي من إنتاج تونسي.
وتدور الأحداث عن "سام علي" الشاب السوري الهارب من الحرب والتطرف بحثاً عن الحرية والحب، فيمنح جسده ليكون لوحة لفنان بلجيكي وينال في المقابل حياة أفضل في الغرب غير أن الوشم على جلده يصبح سجنه الأكبر.
طموح فني
وعن خوضها لتجربة الإنتاج المشترك في أفلامها، كشفت كوثر بن هنية أهمية الانفتاح على تجارب فنية وتقنية عالمية في مجال صناعة السينما، مشددة على أن التكلفة الكبيرة لإنتاج فيلم يُلبي طموحاتهم، تفرض التعاون بين عدد من الدول؛ لذلك تحبذ أن تكون جزءاً من هذه المنظومة القادرة على تحقيق إشعاع أكبر للعمل السينمائي.
وأضافت أنّ: "فيلمها لا يعتبر أول تجربة سينمائية في رصيدها، يلتقي خلالها تقنيون وفنانون من جنسيات مختلفة"، مؤكدة أنها عملت مع مدير تصوير سويدي رغبت في التعاون معه، كما تندرج مشاركة مونيكا بلوتشي في فيلمها الأخير في إطار متطلبات الدور وكانت النجمة العالمية متفاعلة ومتعاونة مع رؤيتها للشخصية في الفيلم.
مسيرة وأفلام
وتعد كوثر بن هنية من أبرز المخرجين الشباب في السينما التونسية والأكثر إنتاجاً، إذ تتميز بغزارة أعمالها رغم تجربتها القصيرة مقارنة بسينمائيين سبقوها بسنوات على مستوى المهنة وتحظى أعمالها بدعم مؤسسات السينما في تونس وخارجها.
وتحصد بن هنية، التتويجات على كل عمل جديد تقدمه للسينما التونسية، فهي حاصلة على "التانيت الذهبي" لأيام قرطاج السينمائية لأكثر من دورة، ونالت في أكثر من مناسبة تتويجات من مهرجان الجونة السينمائي.
وتعد المخرجة التونسية من صانعات السينما العربيات والإفريقيات القلائل الحاضرات في السنوات الأخيرة في المهرجانات السينمائية العالمية في المسابقات والفعاليات الرسمية، إذ كان فيلمها "على كف عفريت" مشاركاً في "قسم "نظرة ما" بمهرجان كان السينمائي 2017، وحصد "الرجل الذي باع ظهره" جائزتين من مهرجان البندقية السينمائي.