
في المرة الأخيرة التي حكمت "طالبان" أفغانستان قبل 20 عاماً، لم تكن الشبكات الاجتماعية موجودة بعد. ومنذ عودتها إلى السلطة هذا الأسبوع، انقسم العملاقان الأميركيان "فيسبوك" و"تويتر" بين حظر حسابات مرتبطة بـ"المنظمات الإرهابية" والمصلحة العامة المتمثلة بالاطلاع على المعلومات.
وفي حين أثار وصول المسلحين إلى كابول حالة من الذعر الدولي، لجأ مسؤولو "طالبان" إلى "تويتر" لتوجيه رسالة تهدئة. على سبيل المثال، أكد الناطق باسم الحركة سهيل شاهين عبر حسابه في "تويتر"، حيث يتابعه 350 ألف شخص، أن الادعاءات التي تفيد بأن الحركة تجبر الفتيات على الزواج من مسلّحين هي "دعاية سامة".
وأثار تمكّن "طالبان" من استخدام "تويتر" استياءً، خصوصاً بين أنصار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب الذي حُظر من الشبكة الاجتماعية في يناير بسبب "خطر التحريض على العنف" بعد أحداث اقتحام مبنى الكونجرس.
وبعث النائب الأميركي عن الحزب الجمهوري دوغ لامبورن برسالة إلى المدير التنفيذي لـ"تويتر" جاك دورسي، قائلاً: "أنتظر بفارغ الصبر رداً سريعاً حول أسباب حظر رئيس أميركي سابق فيما يُسمح لناطقين باسم طالبان باستخدام" الموقع.
وفي حين يشعر لامبورن وآخرون بالسخط لأن "تويتر" يوفّر لـ"طالبان" منبراً لتقديم نفسها على أنها شرعية، يقول آخرون إن قطعها عن كل وسائل التواصل يتعارض مع المصلحة العامة في وقت يريد الأفغان بشدة معرفة ما يمكن توقعه من قادتهم الجدد.
"فيسبوك" و"يوتيوب" يحظران "طالبان"
على تطبيق "واتساب"، يبدو أن حساب الناطق باسم "طالبان" ذبيح الله مجاهد قد حُظر، وهو ما رفض ناطق آخر باسم الحركة تأكيده لوكالة "فرانس برس".
وأكد "فيسبوك" الذي يملك تطبيق "واتساب"، أنه يعتبر طالبان "منظمة إرهابية" منذ سنوات، وبالتالي حظر حساباتها على منصته وكذلك على "إنستغرام" الذي يملكه أيضاً.
وأوضح ناطق باسم "فيسبوك" للوكالة، أن "طالبان تصنَّف كمنظمة إرهابية بموجب القانون الأميركي وقد حظرناها من خدماتنا بموجب سياسات المنظمات الخطرة لدينا. وهذا يعني أننا نُزيل الحسابات التي تديرها طالبان والمرتبطة بها والداعمة لها".
هذا الأمر دفع ذبيح الله مجاهد إلى الرد بحدّة عندما سُئل عما إذا كانت "طالبان" ستحمي حرية التعبير، قائلاً: "يجب طرح هذا السؤال على فيسبوك".
كذلك، أعلن موقع "يوتيوب" التابع لشركة "غوغل"، أنه سيزيل المحتوى المؤيد لحركة "طالبان". ولم يرغب "تويتر" في التعليق رداً على استفسارات "فرانس برس".
سياسة "تويتر"
ويواصل شاهين و3 ناطقين آخرين باسم "طالبان" استخدام "تويتر" (لديهم في المجموع قرابة مليون متابع)، ما يشير إلى أن الموقع رفض حتى الآن حظرهم بموجب سياسته بشأن "المنظمات العنيفة".
واستُخدمت هذه السياسة لتبرير إزالة المحتوى الذي تنشره منظمات إسلامية مثل حركة "حماس" و"حزب الله". لكن وضع "طالبان" ما زال غامضاً بعض الشيء، ففي حين أنها مدرجة على قائمة وزارة الخزانة الأميركية للمنظمات الإرهابية، لم تصنَّف على أنها منظمة إرهابية أجنبية من وزارة الخارجية.
ويرى رامان شيما، رئيس قسم آسيا في مجموعة "أكسيس ناو" للدفاع عن الحقوق المدنية الرقمية، أن الشبكات الاجتماعية يجب أن تركز على تقييم الرسائل من "طالبان" التي تحرّض على العنف، بدلاً من الاعتماد على التصنيفات الحكومية.
ولا تزال مسألة ما إذا كان سيُسمح لـ"طالبان" بالتواصل عبر الحسابات الرسمية للوزارات الأفغانية والحصول على إشارة "تأكيد حساب"، بلا إجابة.
"سلاح" رقمي
وأدركت حركة "طالبان" قوة وسائل التواصل الاجتماعي، وهو "سلاح" لم يكن في حوزتها خلال فترة حكمها بين عامَي 1996 و2001، وفق كبير تانيجا، محلل مكافحة الإرهاب المقيم في نيودلهي.
وقال تانيجا: "لقد تعلمت (طالبان) الكثير عن قوة التواصل من المنظمات الأخرى مثل تنظيم داعش".
وفيما كانت "طالبان" نشطة خصوصاً على "تويتر" و"فيسبوك" خلال هجومها الخاطف، فقد تسعى إلى تقييد وصول الأفغان إلى الإنترنت، كما حذر المحلل، مستشهداً بصور متظاهرين مناهضين للحركة في مدينة جلال أباد انتشرت على نطاق واسع هذا الأسبوع.