
ندد عدد من السياسيين حول العالم، بإيقاف حسابات الرئيس الأميركي دونالد ترمب، على خلفية اقتحام أنصاره مبنى الكابيتول الأربعاء الماضي، متسائلين ما إذا كان من حق تلك الشركات "الحد من حرية التعبير".
واعتبرت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، الاثنين، أن قيام العديد من شبكات التواصل الاجتماعي وبينها تويتر بإغلاق حسابات ترمب "يطرح إشكالية".
وقال المتحدث باسمها شتيفن شيبرت، إنه "من الممكن التدخل في حرية التعبير، لكن وفق الحدود التي "وضعها المشرّع وليس بقرار من إدارة شركة"، مؤكداً أن "حرية التعبير حق جوهري له أهمية أساسية".
من جهته، كتب تييري بريتون، المفوض الأوروبي للسوق الداخلية والشخصية الرئيسية في جهود أوروبا لتنظيم التكنولوجيا الكبيرة، في مقال لموقع "بوليتيكو": "تماماً كما دفعت اعتداءات 11 سبتمبر في اتجاه تحول نموذجي للأمن العالمي، نشهد بعد 20 عاماً ما قبل وما بعد اقتحام الكابيتول، في دور المنصات الرقمية في أنظمتنا الديمقراطية".
وقال بريتون، إن الأحداث في واشنطن كشفت عن "هشاشة أنظمتنا الديمقراطية، والتهديد الذي يمكن أن تمثله شركات تكنولوجيا لا تخضع لرقابة كافية، على بقائها".
"حرية التعبير"
وعبر وزير المال الفرنسي السابق، عن شكوك كبيرة في ما إذا يحق لشركات تواصل اجتماعي وحدها وقف حسابات رئيس أميركي، مضيفاً: "أن يكون مدير تنفيذي قادراً على إطفاء منبر ترمب من دون أي ضوابط، مسألة تثير الحيرة".
وقال بريتون إنه أكد "قوة هذه المنصات" وسلط الضوء على أوجه القصور التي تعاني منها واشنطن والحكومات الأخرى في تنظيم الفضاء الرقمي، والذي قال إنه "يذكرنا حالياً بالغرب المتوحش".
وعلّق برونو لو مير، وزير المالية الفرنسي، قائلاً إنه "صُدم" بقرار إغلاق حسابات ترمب، مضيفاً أن "التنظيم الرقمي ينبغي ألا تقوم به الأوليغارشية (الأقلية الحاكمة) الرقمية.. وهو أمر يخص أصحاب السيادة والحكومات والقضاء"، وفق ما أوردت وكالة "فرانس برس".
وأعرب المتحدث باسم الحكومة الفرنسية غابرييل أتال، عن عدم ارتياحه للقرار الذي اتخذته "تويتر" بشأن إغلاق حساب ترمب، قائلاً: "أنا غير مرتاح لهذا القرار، وخاصة مع غياب معايير واضحة ومحددة".
بينما قال وزير الصحة البريطاني مات هانكوك، إن شركات التكنولوجيا "تتخذ الآن قرارات تحريرية"، مضيفاً أنه من الواضح جداً أن المنصات "تختار من ينبغي ألا يكون له صوت على منصتها".
"شيء مؤسف"
أما رئيس وزراء أستراليا بالإنابة، مايكل مكورماك، فاتهم تويتر بفرض "الرقابة" لتعليق حساب ترمب بشكل دائم بسبب "خطر حدوث مزيد من التحريض على العنف"، وحاول إجراء مقارنات بين أعمال الشغب واحتجاجات "حياة السود مهمة" العام الماضي ضد الظلم العنصري.
وقال ماكورماك لراديو "آي بي سي" الوطني، الاثنين: "من المؤسف حقاً ما صدر عن تويتر من إغلاقات لحسابات ترمب وأنصاره. ومن المؤسف أيضاً أن القرار الذي اتخذه الشعب الأميركي لم يقبله هو".
وشكك نائب رئيس الوزراء في قرارات شركات التواصل الاجتماعي خلال الأيام القليلة الماضية لتضييق الخناق على حسابات ترمب، بسبب مخاوف من أن كلمات الرئيس قد تحرض على العنف.
وقال: "الكثير قالوا وفعلوا أشياء على تويتر سابقاً، لكنهم لم يتلقوا مثل هذا النوع من الإدانة أو الرقابة بالفعل، لكنني لست من الذين يؤمنون بهذا النوع من الرقابة".
حملة ضخمة
وشنت مواقع التواصل حملة غير مسبوقة ضد ترمب، وحظرت شركة تويتر حسابه الخاص ومنعته من التغريد على الحساب الرئاسي الرسمي، بينما أغلقت فيسبوك صفحته الشخصية، في حين يواجه الرئيس الأميركي مساءلة من الكونغرس قد تفضي إلى عزله قبل أيام من انتهاء ولايته.
وفي أعقاب اقتحام أنصار ترمب مبنى الكابيتول الأسبوع الماضي، والفوضى التي انتهت بوفاة 5 أشخاص وإصابة العشرات، اتخذت منصات التواصل العملاقة إجراءات لتضييق الخناق على ترمب وأنصاره، ما أثار جدلاً واسعاً بشأن "حرية التعبير" على الإنترنت.
وإضافة إلى إيقاف شركتي فيسبوك وتويتر لحسابات ترمب، فقد اتخذت كل من أبل وغوغل وأمازون، خطوات مماثلة استهدفت تطبيق "بارلر" المنافس لتويتر، والذي يستخدمه العديد من مؤيدي ترمب اليمينيين المتطرفين.
إيقاف حسابات "كيو آنون"
والثلاثاء، أعلنت شركة تويتر تجميد أكثر من 70 ألف حساب مرتبط بحركة "كيو آنون"، اليمينية المتطرفة التي تؤمن بنظرية المؤامرة، وتؤيّد ترمب، مشيرة إلى أنّها "أزالت هذه الحسابات بشكل نهائي، لمنع أصحابها من استخدام المنصّة، بهدف الترويج للعنف".
وقالت الشركة في بيان، إنّه "نظراً للأحداث العنيفة التي شهدتها العاصمة واشنطن، ولتزايد مخاطر الأذى، بدأنا اعتباراً من عصر الجمعة، تعليقاً نهائياً لآلاف الحسابات التي كانت مخصّصة بالدرجة الأولى، لتَشارك محتوى كيو-آنون".
وأضافت أنّه "منذ الجمعة، تمّ تعليق أكثر من 70 ألف حساب، نتيجة لجهودنا، وفي حالات كثيرة، كان هناك فرد واحد يدير حسابات عدّة".