إيطاليا.. أسوأ موجة جفاف منذ 70 عاماً تهدد إمدادات الغذاء والطاقة

time reading iconدقائق القراءة - 7
قوارب في قعر نهر بو بعد أن جفت منه المياه - روفيجو - إيطاليا  - 17 يونيو 2022 - Bloomberg
قوارب في قعر نهر بو بعد أن جفت منه المياه - روفيجو - إيطاليا - 17 يونيو 2022 - Bloomberg
دبي-الشرق

تشهد إيطاليا أسوأ موجة جفاف منذ 70 عاماً، إذ سجلت مياه "بو"، أطول أنهار البلاد، أدنى مستوياتها على الإطلاق خلال هذه الفترة، ما يهدد المحاصيل الزراعية ويثير مخاوف من انقطاع التيار الكهربائي.

وذكرت "بلومبرغ" في تقرير، السبت، أن معظم أنحاء أوروبا شهدت ظروفاً أكثر جفافاً من المعدل الطبيعي هذا العام، ولكن نهر "بو" في شمال إيطاليا هو الأكثر تضرراً، وفقاً لمرصد الجفاف العالمي "جيه آر سي". 

وبعد مضي أشهر عدة من دون أمطار، وتوقف التدفقات الناجمة عن ذوبان الثلوج في جبال الألب غربي البلاد في وقت أبكر من المعتاد، جفت مساحات كبيرة من قاع النهر، لدرجة أن دبابة ألمانية غارقة من الحرب العالمية الثانية عادت إلى الظهور.

ومع استنفاد مصادر المياه، سجلت خزانات توليد الطاقة الكهرومائية الإيطالية مستويات منخفضة على نحو غير مسبوق. وانخفض إنتاج الطاقة الكهرومائية، التي توفر عادة 15% من احتياجات البلاد، بنسبة 50% حتى الآن هذا العام مقارنة بعام 2021.

"وضع مأساوي"

لكن ما يفاقم مشكلات المنطقة، هو أن مياه البحر الأدرياتيكي دخلت إلى دلتا نهر "بو" لمسافة 10 كيلومترات على الأقل، ما يهدد الأراضي الزراعية، ويزيد من خطر تسرب المياه المالحة إلى الصنابير. وفي مواجهة نقص محتمل في مياه الشرب، ترشّد مدن شمال إيطاليا استخدام المياه، وتخصص شاحنات للإمداد.

وبحسب "بلومبرغ"، ربما يسبب الجفاف معاناة اقتصادية كبيرة، لأن نهر "بو"، الذي يتدفق من الغرب إلى الشرق في شمال إيطاليا، هو شريان الحياة لمراكز صناعية كبرى مثل ميلانو وتورينو، موطن صانع سيارات "فيات"، ومصنع أنابيب الصلب "تيناريس إس إيه".
 
ويعد إقليما لومبارديا وبيدمونت اللذان تقع فيهما المدينتان، أيضاً من أكبر مناطق الإنتاج الزراعي، ويستأثران بنسبة 93% من إنتاج الأرز في إيطاليا. ومع انخفاض توافر المياه إلى أكثر من النصف في شرق بيدمونت، فإن محصول هذا العام مهدد، حسبما يقول مزارعون محليون.

من جانبه، قال إركول زوكارو، مدير جمعية الصناعة الزراعية (كونفاجريكولتورا) في بيدمونت: "الوضع مأساوي بالنسبة لبعض المحاصيل. تغير المناخ واضح هنا. هناك فترات طويلة من الجفاف يتداخل فيها الطقس القاسي".

وتقدر الجمعية أن محاصيل الأعلاف والشعير والحبوب ستنخفض بنسبة تتراوح بين 30% إلى 40% هذا العام، مع انعكاس ذلك على الثروة الحيوانية، التي سيتعين استهلاك لحومها في وقت أقرب مما كان متوقعاً.

تفاقم ارتفاع الأسعار

ومن المرجح أن يؤدي ذلك إلى زيادة الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية للمستهلكين وفي تكاليف الإنتاج بالنسبة للمزارعين.
 
وقال زوكارو إن إنتاج البندق والنبيذ يمكن أن يتأثر أيضاً، لأن بيدمونت هي أكبر منتج للبندق في إيطاليا. وحصاد العنب سيكون على الأرجح أقل من المعتاد.

في غضون ذلك، يجري رصد موجات الحر في أوروبا والولايات المتحدة بشكل دقيق بعد أن تأثرت إمدادات الحبوب العالمية بالمناخ المتقلب في جميع أنحاء العالم، وباستمرار غزو روسيا لأوكرانيا، الذي أدى إلى وقف الشحنات من أحد أكبر المصدرين في العالم. 

وسجلت إسبانيا درجات حرارة غير عادية في شهر يونيو بأكثر من 40 درجة مئوية للمرة الثانية خلال شهر.

خطر التصحر

تجدر الإشارة إلى أن أكثر من ربع أراضي إيطاليا في الجنوب والشمال معرضة حالياً لخطر التصحر، بعد أشهر من ندرة هطول للأمطار، وفقاً لجمعية المزارعين الوطنية (كولديريتي).

وتتوقع الجمعية خسارة قدرها ملياري يورو (2.1 مليار دولار) للمزارعين الإيطاليين بسبب تلف المحاصيل، بما في ذلك القمح والذرة ودوار الشمس.

وقال رئيس منطقة بيدمونت، ألبرتو سيريو، الجمعة، في تصريحات لتلفزيون "سكاي تي جي 24": "إن عدم توفر مياه للزراعة في عام تضاعفت فيه أسعار الأسمدة ثلاث مرات، وارتفعت أسعار البنزين أيضاً، يُشكل كارثة".

وذكرت "كولديريتي" أن الحرارة الشديدة تساهم في انتشار ملايين من حشرة الجندب، التي التهمت 30 ألف هكتار من المحاصيل في سردينيا، في وقت تحتاج فيه إيطاليا إلى زيادة الإنتاج لمواجهة آثار الحرب في أوكرانيا.

وفي الوقت نفسه، تتعرض شركات الطاقة لضغوط لإخراج المياه من خزاناتها الكهرومائية المنخفضة بالفعل لتخفيف معاناة المزارعين، وغيرهم من المستهلكين، ما يؤدي إلى تفاقم أزمة الطاقة الناشئة.

وقالت شركة "إديسون" إنها ستخرج المياه من سدودها لمدة 10 أيام. بينما تعمل شركة "إيه تو إيه" على إخراج المياه من خزاناتها في جبال الألب في لومبارديا، التي كانت تتوقع استخدامها لإنتاج الطاقة في وقت لاحق من العام.

الغاز الروسي

ويأتي الضغط على إنتاج الطاقة المحلي في الوقت الذي تخفض فيه روسيا إمدادات الغاز إلى أوروبا. وقالت شركة "إيني" الإيطالية، الجمعة، إنها لم تتلق سوى نصف الغاز المطلوب من "جازبروم" الروسية، وهو اليوم الثالث على التوالي الذي لا يتم فيه تلبية طلبها.

ويهدد النقص الحاد المتزايد في المياه بالإضرار بالسياحة، إذ تعمل مئات المدن في شمال إيطاليا على ترشيد المياه فيما يتعلق بالاستخدامات غير الضرورية. 

وقال عمدة بلدة سانت أوموبونو تيرمي في لومبارديا لصحيفة "لا ريبوبليكا"، إنه قلق بشأن وصول السياح إذا ظل ترشيد المياه أمراً ملحاً.

وقرر بعض رؤساء البلديات في بيدمونت تعليق إمدادات المياه ليلاً، وإرسال شاحنات مياه لتزويد الصهاريج المحلية. 

وقال رئيس منطقة بيدمونت سيريو، إن ترشيد المياه يمكن أن يستمر خلال الصيف، مضيفاً: "هناك حالة طوارئ أخرى تتعلق بالمياه للاستخدامات المدنية، حيث تجف المياه الجوفية وتتعرض مياه الشرب للكثير من لخطر".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات