تقرير: قلق غربي بعد حشد قوات روسية مجدداً قرب أوكرانيا

time reading iconدقائق القراءة - 7
مظليون روس في كالينينغراد خلال مناورات "زاباد 2021" التي نفذتها موسكو ومينسك - 13 سبتمبر 2021 - REUTERS
مظليون روس في كالينينغراد خلال مناورات "زاباد 2021" التي نفذتها موسكو ومينسك - 13 سبتمبر 2021 - REUTERS
دبي – الشرق

أثار حشد قوات روسية مجدداً قرب حدود أوكرانيا، مخاوف مسؤولين في الولايات المتحدة وأوروبا، يتتبّعون ما يعتبرونه "تحرّكات غير منتظمة" للمعدات والأفراد على الجانب الغربي لروسيا، كما أوردت صحيفة "واشنطن بوست".

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين، أن تحرّكات القوات الروسية أحيت مخاوف أُثيرت في أبريل الماضي، عندما وُجّهت انتقادات دولية إثر نشر موسكو أضخم حشد عسكري لها منذ سنوات قرب الحدود الأوكرانية.

وأشارت الصحيفة إلى أن هذه التحرّكات تأتي في وقت يتبنّى فيه الكرملين خطاً أكثر تشدداً تجاه كييف، إذ إن مسؤولين روساً، في مقدمّهم الرئيس فلاديمير بوتين، كثفوا انتقاداتهم في الأشهر الأخيرة، وهاجموا علاقات أوكرانيا بالغرب وشكّكوا بسيادتها.

وحذر بوتين من أن أيّ توسّع للبنية التحتية العسكرية لحلف شمال الأطلسي (ناتو) على الأراضي الأوكرانية، يشكّل "خطاً أحمر" بالنسبة إلى موسكو.

كذلك يأتي ذلك فيما يدخل النزاع المستمرّ منذ 7 سنوات، بين القوات الأوكرانية والانفصاليين المدعومين من روسيا في أقاليم الشرق، المعروف باسم دونباس، مرحلة جديدة بعدما أعلن الجيش الأوكراني الثلاثاء الماضي أنه استخدم للمرة الأولى طائرة مسيّرة تركية الصنع في استهدافه لموقع عسكري في دونباس، في خطوة أغضبت موسكو.

كما أن العلاقات متوترة بين روسيا والناتو، إذ جمّدت موسكو مهمتها لدى الحلف في بروكسل، في 18 أكتوبر، بعدما طرد ثمانية من أعضاء البعثة الروسية، اتُهموا بالتجسّس.

قوافل عسكرية روسية

وذكرت "واشنطن بوست" أن ما تفعله القوات الروسية قرب الحدود الأوكرانية ليس واضحاً، مضيفة أن تسجيلات مصوّرة بُثت على مواقع التواصل الاجتماعي في الأيام الأخيرة، أظهرت قطارات وقوافل عسكرية روسية تنقل كميات ضخمة من المعدات العسكرية، بما في ذلك دبابات وصواريخ، في جنوب روسيا وغربها.

ونقلت الصحيفة عن مايكل كوفمان، مدير برنامج الدراسات الروسية في مجموعة التحليل غير الربحية "سي إن آي" (مقرها فرجينيا)، قوله: "(هذا الانتشار) ليس مناورة، ولا يبدو أنه تمرين تدريبي. ثمة أمر يحدث. ما هو؟".

وبدأ مسؤولون في الولايات المتحدة وأوروبا بملاحظة هذه التحرّكات، في الأسابيع الأخيرة، بعدما أنهت روسيا مناورات عسكرية مشتركة ضخمة مع بيلاروسيا، سُمّيت "زاباد 2021"، على جناحها الغربي في منتصف سبتمبر الماضي.

وأشار كوفمان إلى أن صوراً التقطتها أقمار اصطناعية تُظهر أن وحدة "الأسلحة المشتركة 41" في القوات الروسية، التي تتمركز عادة في مدينة نوفوسيبيرسك بسيبيريا، لم تعُد إلى سيبيريا بعد التدريبات، وبدلاً من ذلك اندمجت بقوات روسية أخرى قرب الحدود الأوكرانية. وأضاف كوفمان أن الصور تظهر كما يبدو أن وحدة نخبة للدبابات في الجيش الروسي، مقرها خارج موسكو، تنقل أفراداً وعتاداً نحو أوكرانيا.

وقال أوليكسي دانيلوف، سكرتير مجلس الأمن القومي والدفاع في أوكرانيا، إن روسيا تركت معدات عسكرية ومراكز تحكّم واتصالات، في مواقع تدريب على الحدود الأوكرانية، بعد انتهاء مناورات "زاباد 2021". وقدّر أن عدد القوات الروسية المنتشرة حول الحدود الأوكرانية يتراوح بين 80 و90 ألفاً، ولا يشمل ذلك عشرات الآلاف المتمركزين في شبه جزيرة القرم، التي ضمّتها موسكو في عام 2014.

"تبدّل لهجة روسيا"

وأثارت موسكو مخاوف، بعدما حشدت سابقاً قوات ضخمة قرب الحدود الأوكرانية، قبل أن تسحبها لاحقاً وتبدّد قلقاً من غزو آخر لأوكرانيا. ويرى مسؤولون أوكرانيون في هذه التحرّكات وسيلة تمكّن روسيا من إبقاء الوضع متوتراً وغير مؤكد، علماً أن نشر تعزيزات عسكرية، منذ عام 2015، لم يؤدِ إلى شنّ موسكو أو الانفصاليين هجوماً واسعاً لكسب أراضٍ.

لكن كوفمان يعتبر أن الوضع هذه المرة قد يستحق اهتماماً خاصاً، إذ يبدو أن موسكو خفّضت عتبة ما قد يدفع الكرملين إلى التحرّك في أوكرانيا. وقال: "أعتقد بوجوب النظر إلى (أحداث) العام الماضي بشكل كلّي، وإذا فعلتَ ذلك، فستدرك أن لهجة روسيا والرسائل (التي توجّهها) بشأن أوكرانيا تبدّلت بشكل كبير".

وذكّر كوفمان بتصريحات أدلى بها بوتين ومسؤولون روس بارزون هذا العام، تحذر من أن توسيع الناتو نشاطاته في أوكرانيا يشكل "خطاً أحمر" بالنسبة إلى موسكو، بعدما اعتبروا سابقاً أنهم لن يتحمّلوا عضوية كييف في الحلف. ورجّح كوفمان أن "تكون روسيا تغيّر مكان المرمى إلى ما هو مقبول".

تحذيرات بوتين

وكتب بوتين، في مقال نُشر في يوليو الماضي، في إشارة إلى أوكرانيا: "لن نسمح أبداً باستخدام أراضينا التاريخية والأشخاص القريبين منا المقيمين هناك، ضد روسيا. ولأولئك الذين سيشرعون في مثل هذه المحاولة، أودّ أن أقول إنهم سيدمّرون بلدهم".

وفي تصريحات أمام "نادي فالداي للنقاش" هذا الشهر، شدد بوتين على أن العضوية الرسمية لكييف في الناتو قد لا تحدث أبداً، مستدركاً أن "التوسّع العسكري جارٍ في المنطقة، وهذا يشكّل تهديداً جدياً لروسيا".

وأدان بوتين تصريحات أدلى بها وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، خلال زيارة لأوكرانيا هذا الشهر، وصف فيها روسيا بأنها عقبة أمام السلام، لافتاً إلى أن عضوية الناتو تبقى مفتوحة أمام كييف، ورافضاً أن تستخدم أيّ دولة حق النقض في هذا الصدد.

ووصف ديمتري مدفيديف، وهو رئيس سابق لروسيا ونائب رئيس مجلس الأمن الروسي الآن، أوكرانيا بأنها "دولة تابعة" تخضع لـ "سيطرة أجنبية مباشرة"، فيما اتهم الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، حليف بوتين، الولايات المتحدة بتشييد قواعد عسكرية للناتو في أوكرانيا، مستخدمة مراكز تدريب كغطاء، علماً أن القوات الأميركية تدرّب القوات الحكومية في غرب أوكرانيا منذ سنوات، بعدما ضمّت روسيا شبه جزيرة القرم في عام 2014، كما شاركت القوات الأوكرانية في مناورات مشتركة مع الولايات المتحدة وحلفائها في الناتو.

اتهامات كييف لموسكو

وذكر كوفمان أن روسيا خصّصت فجأة هذا العام مبلغاً مالياً ضخماً لتطوير احتياطيّ جاهز لجيشها، كما أمرت القوات بتنفيذ مناورات مرتبطة بالنزاع في أوكرانيا.

وفي هذا السياق، اتهمت وزارة الخارجية الروسية كييف بإعداد خطط لاستعادة السيطرة على منطقة دونباس بالقوة، فيما رجّح الكرملين أن يؤدي تزويد أوكرانيا بطائرات مسيّرة تركية إلى "زعزعة استقرار" الوضع.

لكن الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، شدد على أن جيش بلاده "لا يشنّ هجوماً، (بل) يردّ فقط" على اعتداءات تستهدفه. أما وزير الخارجية الأوكراني، دميترو كوليبا، فاتهم موسكو بـ "إشاعة (أنباء) مزيفة عن مزاعم باستعداد أوكرانيا لهجوم أو أيّ هراء آخر" في دونباس. وأشار إلى أن روسيا أبقت معدات وأفراداً، نُشروا قرب الحدود الأوكرانية خلال حشود الربيع وتدريبات سبتمبر، وتابع أن موسكو "سحبت جزءاً محدوداً فقط" من قواتها.

اقرأ أيضاً: