قال المخرج الفيلم الروائي الطويل "سولا"، الجزائري صلاح إسعاد، إن القصة وراء الفيلم، فتاة تُدعى "سولا"، مشيراً إلى أنه قابلها عن طريق الصدفة عام 2011، عندما كان في مرحلة دراسة السينما، وأثارت قصتها انتباهه آنذاك.
وأضاف إسعاد في حديث لـ"الشرق": "كانت فتاة حامل وقاصر لم تتجاوز 17 عاماً، وتائهة، لم تُدرك إلى أين تذهب، فكانت تقضي الوقت بالتنقل من سيارة لأخرى، ورغم أنّ الأمر كان غريباً بالنسبة لي، إلا أنها صارت صديقتي منذ ذلك الحين".
ويُنافس فيلم "سولا" ، وهو من تأليف وإخراج وإنتاج صلاح إسعاد، ومن بطولة سولا بحري، وإيدير بن عيبوش، وفرانك يفراي، في مهرجان عمّان السينمائي الدولي، بدورته الـ3، والمنُعقدة حتى 27 يوليو الجاري.
وحصد "سولا" جوائز عدة، من مختلف المهرجانات، بعدما نافس في الدورة الافتتاحية من مهرجان الأحمر البحر السينمائي بجدة، حيث حصد الجائزة الذهبية لأفضل فيلم روائي في مهرجان جنيف الدولي للسينما الشرقية، كما اقتنص جوائز أخرى من مهرجانات "مالمو للسينما العربية"، و"بيروت لسينما المرأة"، و"السينما الإفريقية والآسيوية والأميركية اللاتينية" في ميلانو بإيطاليا.
حكاية غريبة
وأضاف إسعاد: "عام 2018، وبعدما قدمت عدة أفلام قصيرة، استشعرت ضرورة تقديم فيلم روائي طويل، وبحثت عن أفكار مناسبة، خاصة وأنّ الأمر بالنسبة لي سيكون صعباً كونه سيكون العمل الأول لي كمُخرج شاب، إذ أنني بحاجة لدعم مادي وأشياء كثيرة، بعيداً عن الناحية الفنية والتقنية".
وتابع: "وقتها كنت شغوفاً بالاطلاع على الأفلام المُصورة في أماكن مغلقة، وبالصدفة خلال مُشاهدة أحد الأفلام، أرسلت لي سولا رسالة، لتراودني على الفور فكرة تقديم فيلم عنها، خاصة وأنّ الأمر لا يتطلب ميزانية كبيرة، سوى ممثلين وعدد قليل من السيارات".
وأورد: "اقترحت عليها الفكرة، وبالفعل رحبت، لكنها لم تأخذ الأمر بجدية، بينما الأمر ظل عالقاً في ذهني لفترة طويلة، وكنت أتواصل معها من حينٍ لآخر للاطلاع على حياتها من زوايا مختلفة، وكانت تحكي لي بتلقائية وعفوية شديدة".
وأضاف المخرج الجزائري: "انتهيت من كتابة مسودة الفيلم خلال عام واحد، وفي مارس 2019 كتبت النسخة الأولى من السيناريو"، لافتاً إلى أنه "أجرى جلسات عمل جمعته بسولا، بشأن عمل نسخة مطورة".
وأوضح أن "الفكرة لم تكن واقعية في البداية، فعمل على تطويرها، إضافة إلى تحديد عدد الشخصيات والسيارات، حيث تدور الأحداث"، مشيراً إلى أن "سولا وضعت حواراً سينمائياً للشخصية في أول الفيلم بتلقائية وعفوية شديدة، واستعان به في النسخة الأخيرة".
وعلق على قراره، بإسناد دور البطولة لها، رغم عدم معرفتها بالسينما، قائلاً: "كنت متخوفاً في البداية، لكنها خضعت لاختبارات التمثيل وتجاوزتها بنجاح".
مغامرة
ورأى المخرج الجزائري، إن تجربته في إخراج وإنتاج "سولا"، مغامرة ومجازفة لم يكن مستوعباً مدى خطورتها آنذاك، "كان معي حوالي 30 ألف يورو، وكنت مُخيراً بين شراء منزل صغير أو تنفيذ الفيلم، إلى أن قررت تحقيق شغفي المرتبط بالسينما".
وأشار إلى أنه استعان بفريق عمل فرنسي، مكون من زملاءه بمعهد السينما هناك، قائلاً إنّ "الفريق بأكمله عمل بشكلٍ تطوعي، وكان على درجة كبيرة من الحماس، كونها كانت التجربة الأولى لهم في الأفلام الروائية الطويلة".
وقال إنّ "المخطط الزمني لتصوير الفيلم 5 أسابيع فقط في الجزائر، بينما فوجئت بانتهاء الميزانية في اليوم السادس، إذ أن المشروع كان مهدد بالإلغاء، حتى أنقذني شقيقي الذي يعيش هناك، ودعمني مادياً حتى انتهاء التصوير".
وأضاف أن التصوير كان صعباً للغاية، لاسيما وأنه جميع المشاهد ليلية، إذ كان ملتزماً بعدد ساعات محددة، "سعدت جداً بطاقم العمل الذي نجح في تجاوز جميع الصعاب بشكلٍ احترافي".
دعم وجوائز
وقال المخرج الجزائري، إنه عاد لفرنسا عقب انتهاء التصوير، وقرر تنفيذ مرحلة ما بعد الإنتاج بنفسه، من مونتاج ومكساج وغيرها، إذ لديه خبرات عدة إثر دراسته بمعهد السينما هناك، "لم تكن لدي ميزانية تسمح بالتعاقد مع مونتير".
وأوضح أن الفيلم كان بحاجة إلى موسيقى تصويرية، حتى تكتمل النسخة النهائية، "قمت ببيع الكاميرا، للحصول على حق استغلال مادة موسيقية معينة".
وأشار إلى أنه قدّم فيلم "سولا" للمسابقة الرسمية في مهرجان فينيسيا السينمائي، قائلاً: "ذلك كان طموحاً كبيراً مني، ورغم عدم اختيار الفيلم في المسابقة لعدم اكتمال النسخة، إلا أنه نال اهتمام إدارة المهرجان، والتي نصحتني بتقديمه في مسابقات ما بعد الإنتاج، إذ أمامه فرصة لاقتناص دعم وجوائز".
وأضاف"بالفعل الفيلم حصد 8 جزائر، وتلقيت دعماً كبيراً من موزعين، فالأمر كان قفزة كبيرة بالنسبة لي كمخرج ومنتج، ما ساعدني على تطوير النسخة النهائية للفيلم، لتكون جاهزة للعرض في المهرجانات السينمائية".
ولفت إلى أن الفيلم عُرض عالمياً لأول مرة، في نوفمبر الماضي، من خلال الدورة الافتتاحية لمهرجان البحر الأحمر السينمائي.
مشروع جديد
وكشف المخرج صلاح إسعاد، عن مشروعه السينمائي الجديد، والذي تدور أحداثه في التسعينيات من القرن الماضي داخل الجزائر، بين أخوين كانا متقاربين جداً منذ الطفولة، وفي سن الشباب، يلتحق أحدهما بالخدمة العسكرية، وآخر ينضم لجماعة إسلامية مسلحة، ليُقاتلا بعضهما دفاعاً عن عقيدة كل منهما.
وقال إن الفيلم لازال في مرحلة الكتابة حالياً، حيث جرى الانتهاء من كتابة النسخة الأولى بمشاركة صديقين له، لافتاً إلى أنه يُشارك به في معمل البحر الأحمر، حيث أتيحت له الفرصة هناك بلقاء متخصصين في السيناريو، ومساعدته في تطوير الفيلم.
وأوضح أن "الفيلم ينتمي إلى الأعمال ذات الميزانيات الضخمة، بينما هناك منتجين من فرنسا وبلجيكا وألمانيا أبدوا حماسهم الشديد لإنتاج الفيلم، بجانب دعم وزارة الثقافة الجزائرية"، معرباً عن آماله بانطلاق التصوير نهاية العام المقبل.