كشف مسؤولون أميركيون وروس أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رفض أي دور للقوات الأميركية في دول آسيا الوسطى، مقوضاً بذلك خطط الولايات المتحدة للتحرك من هذه الدول ضد أي مخاطر ناشئة في مرحلة ما بعد انسحابها من أفغانستان.
ووفقاً لما نقلته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، فقد أخبر بوتين نظيره الأميركي جو بايدن خلال اجتماعهما في جنيف 16 يونيو الماضي، أن موسكو تعارض أي دور عسكري للولايات للمتحدة في منطقة آسيا الوسطى، وأن الصين أيضاً سترفض هذا الدور.
وكشف مسؤولون أميركيون حاليون وسابقون أن المحادثات بين الزعيمين أظهرت أن موسكو أكثر حرصاً على إبقاء "آسيا الوسطى" منطقة خالصة لنفوذها، منها على توسيع التعاون مع رئيس أميركي جديد حول الوضع المضطرب في أفغانستان.
وقال الخبير السابق في منطقة أوراسيا بوزارة الخارجية الأميركية بول غوبل: إنه "لا مصلحة للروس في عودة الولايات المتحدة" إلى المنطقة.
ونقلت الصحيفة عن نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريباكوف قوله: إن روسيا "لا تفهم كيف لأي شكل من أشكال الحضور العسكري الأميركي في آسيا الوسطى أن يحسن أمن البلدان المستضيفة لهذا الحضور، أو الدول المجاورة لها".
وأضاف أن هذ الحضور الأميركي "لن يكون بالتأكيد في مصلحة روسيا"، مشدداً على أن الأوضاع الحالية في أفغانستان "لم تؤدِ إلى أي تغيير في هذا الموقف".
بدائل أميركية
وأشارت "وول ستريت جورنال" إلى أن هذا الرفض الروسي سيعقد خطط الإدارة الأميركية، خصوصاً في ظل تزايد الحاجة إلى ما يسميه البنتاجون "قدرات مكافحة الإرهاب عبر الأجواء"، بعد سيطرة حركة طالبان على العاصمة كابول، وانهيار الحكومة الأفغانية.
وقالت الصحيفة إنه من دون القدرة على الوصول إلى دول آسيا الوسطى مثل أوزبكستان، وقيرغيزستان، وطاجيكستان، فإن الولايات المتحدة ستضطر إلى الاعتماد على قواعدها في الخليج، وحاملات الطائرات في المحيط الهندي، لإرسال طائراتها إلى أفغانستان.
وأشار مسؤول عسكري أميركي كبير إلى أن المشكلة مع هذا الخيار أن الطلعة من الخليج مثلاً إلى أفغانستان تستغرق وقتا طويلاً، لدرجة أن الطائرة المسيرة قد تمضي أكثر من 60% من مهمتها فقط في التحليق، الأمر الذي يحد كما يقول من القدرة على تنفيذ الطلعات والضربات الجوية.
صراع نفوذ
وكانت الولايات المتحدة استخدمت قواعد في أوزبكستان وقيرعيزستان خلال المراحل الأولى من عملياتها في أفغانستان، لكنها غادرت أوزبكستان في 2005، وقيرغيزستان في 2015، بعد ضغوطات من روسيا والصين على دول المنطقة لتقليص تعاونها العسكري مع الصين.
ونظراً لقرب دول آسيا الوسطى من أفغانستان، كان الجيش الأميركي ينظر إليها كمركز محتمل لإجراء طلعات استطلاعية، أو ضربات للطائرات بدون طيار ضد الجماعات المسلحة في أفغانستان.
ووفقاً للصحيفة، فقد دفعت الولايات المتحدة باتجاه تعزيز التعاون مع هذه الدول خلال الفترة الأخيرة، ففي يوليو الماضي قادت إليزابيث شيروود راندال، كبيرة مسؤولي البيت الأبيض لشؤون الأمن الداخلي، وفداً أميركياً إلى مؤتمر دولي في طشقند بأوزبكستان لمناقشة التعاون المحتمل في مكافحة الإرهاب وقضايا السياسة الخارجية الأخرى، حسبما قال البيت الأبيض آنذاك.
لكن موسكو عملت على تكثيف جهودها الدبلوماسية مع المسؤولين في آسيا الوسطى، لإحباط أي موطئ قدم لواشنطن في المنطقة، بحسب ما نقلته "وول ستريت جورنال" عن مسؤول أميركي كبير.
كما أجرت روسيا في الأسابيع الأخيرة سلسلة من المناورات الحربية المشتركة مع قوات من طاجيكستان، حيث توجد قاعدة عسكرية لها، وأوزبكستان، مؤكدة تعهدها بمساعدة المنطقة في مواجهة أي تهديدات أمنية من أفغانستان.