تقرير: مستقبل تعليم فتيات أفغانستان "مجهول" تحت حكم طالبان

time reading iconدقائق القراءة - 9
مقاتل من طالبان يراقب تظاهرة لنساء أفغانيات في كابول، 19 سبتمبر 2021 - AFP
مقاتل من طالبان يراقب تظاهرة لنساء أفغانيات في كابول، 19 سبتمبر 2021 - AFP
دبي-الشرق

فتحت المدارس أبوابها في أفغانستان، السبت، للصفوف من السابع إلى الثاني عشر، لكن طُلب من الطلاب الذكور فقط التوجه إلى المدرسة، ولم تذكر الحكومة بقيادة حركة طالبان شيئاً عن الطالبات في تلك الصفوف، لذلك ظلوا في منازلهن وعائلاتهن قلقة على مستقبلهن، حسبما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.

وذكرت الصحيفة أن طالبان ستجري تعديلات على المناهج المخصصة للفتيات، تشمل حذف مواد مثل الهندسة، والتعليم الفني، كما نقلت عن طالبات في إحدى مدارس كابول أن طموحاتهن المهنية قد تحطمت بعد سيطرة الحركة على السلطة الشهر الماضي.

ونقلت الصحيفة في تقرير نشر الاثنين، عن عقيلة وهي مديرة مدرسة "سيد الشهداء الثانوية"، إنها ترغب في معرفة خطة حركة طالبان لتعليم الفتيات، لكنها لا تستطيع حضور اجتماعات أسبوعية للجنة شكلتها الحركة حول التعليم، بسبب اقتصار الحضور على الذكور.

وبحسب "نيويورك تايمز"، فإن عقيلة والمعلمين الأفغان الآخرين "لا يحتاجون إلى حضور الاجتماعات لفهم الواقع القاسي الجديد للتعليم في ظل حكم طالبان"، مضيفة أنه من الواضح أن الحكومة الجديدة "تعتزم تقييد الحريات التعليمية التي تمتعت بها العديد من النساء والفتيات خلال العشرين عاماً الماضية".

وأشارت إلى أن الأولاد والبنات في الصفوف من الأول إلى السادس يذهبون إلى مدارس مشتركة، بينما يتم فصل الطلاب حسب الجنس في الصفوف الثلاثة العليا.

واسترجعت الصحيفة الأميركية فترة حكم طالبان لأفغانستان في المرة الأولى بين عامي 1996 و2001، إذ منعت الفتيات من الذهاب إلى المدرسة، مشيرة إلى تغير الحال بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للإطاحة بحكم طالبان في أواخر عام 2001، لتبدأ الطالبات في الالتحاق بالمدارس والجامعات، مؤكدة أن المرأة كانت قادرة على الدراسة لشغل وظائف في مجال الأعمال التجارية والحكومة، وفي مهن مثل الطب والمحاماة.

بحلول عام 2018، وصل معدل معرفة القراءة والكتابة بين الإناث في أفغانستان إلى 30%، وفقاً لتقرير لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو).

لكن طالبان عادت إلى الحكم بعد السيطرة على العاصمة كابول في 15 أغسطس الماضي، ومنذ ذلك الحين قالوا إنهم سيفرضون تفسيرهم الصارم للشريعة الإسلامية.

معايير غير محددة

وقالت الحكومة الجديدة التي شكلتها طالبان مطلع الشهر الجاري، إنه سيتم السماح بنوع من التعليم للفتيات والنساء، لكن هذه المعايير لم يتم تحديدها بوضوح من قبل مسؤولي الحركة.

كما أشارت طالبان أيضاً إلى أنه لن يُسمح للرجال بعد الآن بتعليم الفتيات أو النساء، ما يؤدي إلى تفاقم النقص الحاد بالفعل في المعلمين. 

وحذر تقرير اليونسكو من أن ذلك القرار، إلى جانب القيود المفروضة على دفع رواتب المعلمين وقطع المساعدات الدولية، يمكن أن تكون له نتائج "فورية وخطيرة" على التعليم في أفغانستان.

بحسب الصحيفة الأميركية، سيُطلب من الطالبات ارتداء "الحجاب الإسلامي"، ولكن مع ترك التعريف مفتوحاً للتفسير. وفي تجمع نسائي مؤيد لحركة طالبان الأسبوع الماضي، ارتدت العديد من النساء النقاب.

قال ذبيح الله مجاهد، المتحدث باسم طالبان ونائب وزير الإعلام والثقافة، الاثنين، "إننا نعمل على آلية لتوفير وسائل النقل والمرافق الأخرى اللازمة لبيئة تعليمية أكثر أماناً وأفضل"، مضيفاً أن فصول الفتيات بدءاً من الصف السابع ستستأنف قريباً".

وأضاف "هناك دول في المنطقة التزمت بمساعدتنا في قطاع التعليم.. سيساعدنا هذا في توفير تعليم أفضل للجميع".

وكان القائم بأعمال وزير التعليم العالي الأفغاني، الأسبوع الماضي، قد قال إنه بإمكان النساء مواصلة الدراسة في الجامعات وبرامج الدراسات العليا، طالما كن في فصول دراسية يتم الفصل فيها بين الجنسين.

لكن يوم الجمعة، حولت الحكومة الجديدة مبنى وزارة شؤون المرأة إلى مكاتب لشرطة "الأخلاق الدينية التي طبقت تفسير الحركة المتشدد للشريعة قبل عقدين من الزمن" بحسب الصحيفة الأميركية. ولفتت إلى أن المبنى يضم الآن وزارة الدعوة والإرشاد وتعزيز الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

قيود مرتقبة

وتستعد المعلمات والطالبات لفرض قيود جديدة صارمة مرتقبة، حيث قالت عديد من الفتيات والنساء إنهن بدأن في ارتداء النقاب، وإعداد الفصول الدراسية لاستيعاب فصول يتم الفصل بينها بشكل صارم حسب الجنس. 

وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أنه حتى خلال حكم الحكومة السابقة المدعومة من الولايات المتحدة، فإن العديد من المدارس كانت تضم فصولاً دراسية للأولاد فقط أو البنات فقط.

وقالت باريسا التي تعمل في مدرسة في كابول إنها "بدأت ارتدي النقاب منذ اليوم الأول لمجيء طالبان"، وذلك لأنها "لا تريد أن تعطي طالبان عذراً لإغلاق المدرسة"، مضيفة: "سوف نرتديه، لكننا لا نريد التوقف عن التعليم".

وأضافت أن محاولاتها لمعرفة تفاصيل منهج طالبان الجديد لم تسفر عن شيء. وقالت باريسا ومعلمون آخرون إنهم طُلب منهم فقط مواصلة تدريس المنهج الحالي، حتى تكمل طالبان نسختها الخاصة. وتابعت: "النساء نصف مجتمعنا، دورهن مهم في جميع مناحي الحياة.. لكن طالبان لا تتحدث إلى النساء."

وذكرت "نيويورك تايمز" أنها استخدمت اسم باريسا الأول فقط، وأشارت للمعلمين والطلاب الآخرين بأسماء مستعارة، لحماية هوياتهم".

صدمة الطالبات

بالنسبة للطالبات، تسبب الإنهاء المفاجئ لـ"حرياتهن الأكاديمية" في صدمة نفسية، وقال كثير منهن إن الفرح والترقب الذي شعروا به عند دخول الفصول الدراسية لأول مرة قد ضاع، وحل محله الخوف.

ونقلت "نيويورك تايمز" عن زيبة، 17 عاماً، الطالبة في الصف الثاني عشر، أنها توقفت عن الذهاب للمدرسة بعد سيطرة طالبان على الحكم، لأن ذلك "سلبها كل الدوافع" للاستمرار في التعليم.

وقالت زيبة: "أحب الدراسة في المنزل.. أحاول لكن لا أستطيع، لأنني لا أرى أي مستقبل لنفسي مع هذا النظام". وأشارت إلى أنها خططت منذ الطفولة للدراسة في مجال الجراحة، لكنها قالت إن مستقبلها بدا الشهر الماضي وكأنه يتبخر. وأضافت: "في اليوم الذي سيطرت فيه طالبان على السلطة كنت أفكر: هذه نهاية حياة المرأة".

أما زميلتها سنام، 16 عاماً، فكانت تجري امتحاناً في 15 أغسطس الماضي، اليوم الذي سيطرت فيه طالبان على كابول، وعندما عادت إلى المنزل وعلمت باستيلاء طالبان على السلطة، أصيب بصدمة ما زالت تلازمها، وقالت للصحيفة الأميركية: "وظننت أنهم سيأتون ويقتلون كل طالبة".

كانت سنام تحلم بأن تصبح طبيبة أسنان، لكنها الآن تقول "لا أستطيع التركيز في دراستي.. عندما نفكر في مستقبلنا، لا يمكننا رؤية أي شيء."

عندما سمعت سنام أن الأولاد يعودون إلى المدرسة، السبت، قالت إنها سعيدة بعودة شقيقها إلى الفصل. وتشبثت بالأمل في أن تتعرف طالبان بطريقة ما إلى الفتيات والنساء اللواتي أظهرن براعتهن خلال العقدين الماضيين.

وأوضحت: "إذا علموا أن المرأة يمكن أن تكون جزءاً من هذا البلد، وأن بإمكانها القيام بكل ما يستطيع الرجال، فقد يسمحون لنا بالذهاب إلى المدرسة".

ذكور لكن قلقون

لكن في الوقت الحالي، حتى المعلمون الذكور يقولون إنهم قلقون ومذعورون، وقال مدرس في مدرسة سيد الشهداء، الذي تم حجب اسمه لحماية هويته: "الحكومة الجديدة تقول إن السيدات والفتيات لا يمكنهن العمل في الحكومة، ولهذا فقدن دافعهن". 

وقال محمد طارق، وهو إداري في مدرسة خاصة في كابول، إن مسؤولي التعليم في طالبان أخبروه في اجتماعات حضرها، أن المنهج الجديد سيتضمن "مواد خاصة"، سيطلب من المعلمين تدريسها. وأوضح أن الفتيات سوف يتم تعليمهن من قبل النساء، والأولاد سوف يتعلمون من قبل الرجال.

وأوضح: "التغيير سيأتي في الكتب، في الكتب الإسلامية" مضيفاً "سيتم إلغاء بعض المواضيع للفتيات: الهندسة، والدراسات الحكومية، والطبخ، والتعليم المهني. المواضيع الرئيسية ستبقى ". لكن المتحدث باسم طالبان نفى حذف أي مواد محددة من مناهج المدارس. 

وأشارت الصحيفة إلى أنه على الرغم من تبني العديد من الفتيات والنساء في كابول المعايير الغربية لحقوق المرأة، إلا أن أفغانستان لا تزال مجتمعاً محافظاً بشدة.

وأوضحت أنه في الريف الأفغاني، حتى لو لم ترحب جميع النساء بالضرورة بحكم طالبان، فقد اعتادت الكثيرات على العادات التي تبقيهن في المنزل، للطهي والتنظيف وتربية الأطفال، حتى قبل تولي طالبان السلطة في التسعينيات.

اقرأ أيضاً: