لماذا يدفع بوتين الولايات المتحدة إلى "الحرب الباردة" من جديد؟

time reading iconدقائق القراءة - 6
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين - AFP
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين - AFP
دبي-الشرق

قالت صحيفة "وول ستريت جورنال"، إن ما يحدث في منطقة دونباس، أبعد بكثير من مجرد محاصرة موسكو  لشرق أوكرانيا، إذ "يرغب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في "كتابة نهاية جديدة لاتفاقيات ما بعد الحرب الباردة" مع واشنطن.

وأضافت الصحيفة الأميركية، أن بوتين يرغب في إعادة رسم الخريطة الأمنية لأوروبا بعد انتهاء الحرب الباردة، بغض النظر عما سيحدث بعد المناورات العسكرية الروسية واسعة النطاق، وإعلان اعتراف بلاده باستقلال منطقتي لوهانسك ودونيستك" الانفصاليتين عن أوكرانيا، وأوامر إرسال القوات إلى هناك.

ووضع بوتين قائمة بالشكاوى المتعلقة بمعاملة الولايات المتحدة وأوروبا لروسيا في العقود الثلاثة الماضية، وأشار في خطاب ألقاه الاثنين، إلى أن بلاده "لها كامل الحق في اتخاذ تدابير انتقامية لضمان أمنها. هذا بالضبط ما سنفعله".

خطاب الرئيس الروسي الذي استمر لمدة ساعة، إلى جانب المطالب التي قدمها لواشنطن في بداية أزمة أوكرانيا، يوضحان إلام ترمي رؤية بوتين للمستقبل، بطرق عديدة، إلى "إعادة إحياء الماضي"، حسبما ذكرت الصحيفة.

وأشارت "وول ستريت جورنال" إلى أن بوتين يحاول وقف توسع حلف شمال الأطلسي "الناتو"، كما يرى أن هذا التوسع تعدياً على أمن بلاده، وجزءاً من "حيل الغرب ووعوده الكاذبة"، بحسب التقرير.

وأشارت الصحيفة إلى أن بوتين رأى انهيار الإمبراطورية السوفيتية، واعتماد موسكو على الغرب للحصول على الهبات أثناء سقوط اقتصاد البلاد في تسعينات القرن الماضي، بينما أعلن الغرب فوزه بالحرب الباردة.

وقالت ماري ساروت، أستاذة التاريخ في جامعة جونز هوبكنز، للصحيفة إن "تلك السنوات كانت جزءاً من الخبرات الشخصية لبوتين، عميل المخابرات الروسي السابق (كيه جي بي) في ألمانيا، وقت سقوط جدار برلين، إذ أعيد إلى موسكو في تسعينات القرن الماضي، عندما كان الاتحاد السوفيتي على وشك الانهيار".

وأضافت ساروت، أن "بوتين يسعى الآن إلى إنشاء منطقة عازلة حول بلاده، كما كان الوضع في الحقبة السوفيتية، وإعادة موسكو إلى طاولة القوى العظمى مع الولايات المتحدة".

واعتبرت الصحيفة أن "نهج بوتين يستهدف الولايات المتحدة بشكل مباشر"، ويعكس العديد من معتقداته، التي تتمثل في أن قضايا العالم يجب تسويتها من قبل القوى العظمى التي تشمل روسيا، وأن "الناتو مجرد أداة أميركية، مثلما كان حلف وارسو أداة سوفيتية، وأن موسكو يجب أن تسيطر على فنائها الخلفي".

وقالت فيونا هيل، المديرة السابقة للشؤون الأوروبية والروسية في مجلس الأمن القومي الأميركي، للصحيفة: "روسيا تريد أن تتمتع بسلطة قسرية، هذا ما في الأمر".

وأضافت: "بالنسبة لبوتين، الأمر لم يكن مجرد 30 عاماً من الخطأ التاريخي، بل قرون من الضرر الذي لحق بالاتحاد السوفيتي، والامبراطورية الروسية".

ورأى العديد من المسؤولين الغربيين الحاليين والسابقين، أن "الولايات المتحدة وحلفاءها تعاملوا بشكل سيئ مع موسكو في تسعينات القرن الماضي، وأن التفاخر بالانتصار في الحرب الباردة كان مفرطاً"، بحسب الصحيفة.

"عجرفة دبلوماسية"

ونقلت الصحيفة عن بعض المسؤولين قولهم، إن التدابير الأمنية في أوروبا تحتاج إلى التجديد، ويرجع ذلك جزئياً إلى إلغاء العديد من اتفاقيات الأسلحة، التي أبرمت في الحقبة السوفيتية بهدف تقليل التوترات، بعد اتهامات متبادلة بالخيانة.

وعلى الرغم من أن هؤلاء المسؤولين يقولون إن موسكو يجب أن تكون جزءاً من المناقشات، فإنهم لن يشاركوا في جهود بوتين للعودة بالزمن.

وقال رودريك بريثويت، سفير بريطانيا في موسكو في فترة انهيار الاتحاد السوفيتي، للصحيفة: "رغم اعتقادي بأن الدبلوماسية الغربية كانت متعجرفة وغير كفؤة في تسعينات القرن الماضي، وأننا ندفع الثمن الآن، فإن ذلك ليس سبباً لبوتين ليضع نفسه في منصب يجعل الآخرين يعتقدون أنه على وشك شن حرب".

وأضاف: "ما يقوله بوتين عن الإذلال الناجم عن انهيار الاتحاد السوفيتي، وتوسيع الناتو، والعلاقة التاريخية الوثيقة بين التاريخ الروسي والأوكراني لا يمثل أفكاره الشخصية. الملايين من الروس يفكرون ويشعرون تماماً بما يفكر به".

وانضمت روسيا في عام 1994 إلى الولايات المتحدة وبريطانيا في الالتزام باحترام استقلال، وسيادة، والحدود الحالية لأوكرانيا، والامتناع عن التهديد باستخدام القوة أو استخدامها ضدها. 

وتطالب موسكو واشنطن حالياً بوقف توسع حلف "الناتو" شرقاً، وهي خطوة من شأنها منع أوكرانيا، وفنلندا، والسويد من الانضمام للحلف إذا أرادوا ذلك.

وأكد المسؤولون والسياسيون الأميركيون والغربيون لميخائيل جورباتشوف الزعيم السوفيتي السابق، أن "الناتو" لن يتوسع شرقاً، مشيرين إلى أن الحلف وعد عام 1997 بعدم تمركز قواته في أماكن تتجاوز الحدود الشرقية للحلف في هذا الوقت.

واستخدمت ساروت، أستاذة التاريخ، سجلات رسمية وشخصية للتأكد من صحة الإدعاء الروسي، ووجدت أن "السياسيين الأميركيين والأوروبيين أشاروا بالفعل في عام 1990 إلى عدم توسع الناتو شرقاً".

وأضافت أنه "في عام 1997، أعلن الحلف أنه لا ينوي اقتراب قواته من الحدود السوفيتية. ولكن موسكو لم تحصل على هذه التأكيدات بشكل قانوني".

وقالت الصحيفة إن إرسال القوات الروسية إلى أجزاء أخرى من أوكرانيا أو بناء جسر بري إلى شبه جزيرة القرم عبر أوكرانيا من المرجح أن يؤدي إلى عقوبات غربية قوية وزيادة المعارضة ضد إعادة انتخاب بوتين المتوقعة في عام 2024.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات