"عتمة جزئية" في لبنان.. ومخاوف من تأثيرها على الاتصالات

time reading iconدقائق القراءة - 5
الظلام يخيم على حي في بيروت جراء انقطاع التيار الكهربائي - 6 يوليو 2020 - REUTERS
الظلام يخيم على حي في بيروت جراء انقطاع التيار الكهربائي - 6 يوليو 2020 - REUTERS
بيروت - الشرق

يقترب لبنان من دخول العتمة الجزئية، بعد إعلان مؤسسة الكهرباء رفع عدد ساعات التقنين (تخفيف الأحمال) بالتيار الكهربائي، وما يرافقه من نقص ساعات تغذية المولدات الخاصة التي يعتمد عليها لتعويض نقص الطاقة.

وقبل أيام قليلة أعلنت مؤسسة كهرباء لبنان أن "إجمالي الطاقة المنتجة على الشبكة حالياً بحدود 720 ميغاوات (لبنان يحتاج إلى 3200 ميغاوات من الكهرباء)، بعدما جرى تخفيضها تدريجياً خلال الأسابيع الماضية" بهدف إبقاء مخزون الوقود المتوفر إلى أطول فترة ممكنة، نظراً إلى العجز عن شراء الوقود اللازم لتشغيل معامل توليد الطاقة بسبب أزمة شح الدولار في لبنان.

وأشارت المؤسسة في بيان، إلى أنه على أثر هذا التخفيض، "تشهد كافة المناطق اللبنانية، بما فيها منطقة بيروت الإدارية، ارتفاعاً ملحوظاً جداً في عدد ساعات التقنين (قطع الكهرباء)".

وحذرت المؤسسة من أن "هذا التدني في القدرة الإنتاجية بات يؤثر سلباً في ثبات واستقرار الشبكة الكهربائية، إذ إن أي صدمة تتعرض لها الشبكة، قد تؤدي إلى انقطاع عام وخروج كافة المعامل عنها".

وأوضحت أنه على الرغم من وصول ناقلتين بحريتين محملتين بمادة "فيول أويل" إلى المياه الإقليمية اللبنانية، ورسوهما قبالة الشاطئ اللبناني، لم تتمكن مؤسسة كهرباء لبنان سوى من بدء تفريغ حمولة ناقلة واحدة، وتعذّر عليها تفريغ حمولات الناقلة الأخرى بسبب عدم فتح اعتماداتها المستندية اللازمة.

وحذرت من أن "استمرار مسألة عدم وجود تسهيلات نقدية لتأمين العملة الصعبة لمؤسسة كهرباء لبنان بما يسمح لها من شراء المواد الاستهلاكية الواجبة، وقطع الغيار الضرورية، وإجراء الصيانات اللازمة لمختلف معامل الإنتاج لديها، يسهم أيضاً بتفاقم الوضع".

"تقنين البديل"

وإضافة إلى تقنين مؤسسة الدولة، سيشهد لبنان هذا الأسبوع أيضاً تقنيناً (خفضاً) في ساعات تغذية المولدات الخاصة التي يعتمد عليها لتعويض نقص التيار الكهربائي، وذلك بعدما أعلن أصحاب المولدات التقنين في إمداد الكهرباء، بسبب أزمة شحّ المازوت وتراجع تغذية كهرباء الدولة إلى مستويات قياسية.

وقال نقيب أصحاب المولدات الخاصة، عبده سعادة، لـ"الشرق"، إن "تقنين المولدات الخاصة سيكون لمدة 5 ساعات يومياً، وستُقسم بين المساء والصباح كي لا يشعر بها المواطنون".

وطالب بإعادة العمل بآلية اعتُمدت العام الماضي مع الأمن العام اللبناني، لمنع احتكار المازوت وبيعه في السوق السوداء وتخزينه.

وقال النقيب لـ"الشرق"، إن المولدات الخاصة في لبنان تؤمّن قرابة 20 ساعة من التغذية بالتيار الكهربائي، كون مؤسسة كهرباء لبنان لا تؤمّن أكثر من 4 ساعات يومياً، مضيفاً أن أصحاب المولدات يضطرون لشراء المازوت من السوق السوداء.

توفر المازوت 

في المقابل، نفت المديرية العامة للنفط وجود شح في مادة المازوت، وقالت في بيان: "إن بعض القائمين على قطاع المولدات الكهربائية يطالعونا يومياً بفقدان مادة المازوت لتزويد حاجة المولدات، واستخدام هذه الحجة مطية لإعلان خفض التغذية وبرنامج تقنين".

وأوضحت المديرية أن عدد شركات التوزيع التي تتسلم المادة هي في حدود 200 شركة موزعة على المناطق كافة، وبالسعر الرسمي الوارد في جدول تركيب الأسعار الصادر عن وزارة الطاقة والمياه، ووفق نظام حصص تتم مناقشته وإقراره بناء على الطلب والعرض وحاجة السوق. 

وأضافت أن كل المؤشرات المتوافرة لدى المديرية تؤكد إشباع السوق بالمازوت، إذ إن منشآت النفط في منطقتي طرابلس (شمال) والزهراني (جنوب) وحدها زوّدت السوق اللبنانية كافة بـ20 مليون لتر من مادة المازوت هذا الأسبوع.

تهديد الاتصالات

ويسود الخوف من أن تؤثر أزمة تقنين الكهرباء في خدمات هيئة "أوجيرو"، وهي اليد التنفيذية لوزارة الاتصالات، وتشكل البنية التحتية الأساسية لكافة شبكات الاتصالات في لبنان، بما في ذلك مشغلو شبكات الهاتف المحمول، ومقدمو خدمات البيانات، وخدمات الإنترنت، وغيرها.

والأحد، أعلن مدير عام هيئة "أوجيرو"، عماد كريدية، أن الارتفاع المستمر بساعات التقنين الكهربائي يتسبب بضغط كبير على مجموعات توليد الطاقة التابعة لـ OgeroTelecom، وزيادة الطلب على المحروقات التي باتت نادرة هي أيضاً. 

وقال في تغريدة على تويتر: "استمرار الوضع بهذا الشكل يهدد جدياً قدرات أوجيرو في تقديم الخدمات. اللهم إني بلغت، اللهم فاشهد".

وتتزامن أزمة الكهرباء مع أزمات عدة تعصف بالحياة اليومية للبنانيين، ليس أقلها ارتفاع أسعار كل المواد والسلع أضعافاً، وانقطاع عدد كبير من الأدوية، وشح البنزين. وباتت طوابير السيارات الطويلة أمام محطات الوقود طاغية في معظم المناطق، فضلاً عن السباق بين الصيدليات لإيجاد الأدوية، والشجارات في المتاجر الغذائية للتزود بالسلع المدعومة.

ووسط هذه الأزمات والانهيار الاقتصادي، لا تزال الأطراف السياسية اللبنانية عاجزة عن الاتفاق على تشكيل حكومة للقيام بإصلاحات ملحّة تفسح المجال أمام حصول لبنان على دعم مالي دولي ضروري.