دراسة علمية تعيد عقار "ريمديسيفير" إلى دائرة الاهتمام

time reading iconدقائق القراءة - 7
عرض عقار "ريمديسيفير" خلال مؤتمر صحافي في هامبورغ شمالي ألمانيا، أبريل 2020  - AFP
عرض عقار "ريمديسيفير" خلال مؤتمر صحافي في هامبورغ شمالي ألمانيا، أبريل 2020 - AFP
القاهرة-الشرق

عاد عقار "ريمديسيفير" إلى دائرة الاهتمام مرة أخرى، من خلال دراسة علمية نُشرت الأحد، في دورية "نيتشر كومينيكيشن" الشهيرة.

وقالت الدراسة إنه "من المرجح أن يكون ذلك العقار فعالاً للغاية في مكافحة فيروس كورونا المستجد".

وأكد الباحثون في تلك الدراسة أن العقار "نجح" في علاج مريض مصاب بـ"كوفيد-19" على الرغم من معاناته اضطراباً مناعياً نادر. إذ لاحظ الباحثون "تحسناً كبيراً في حالة المريض" واختفاء الفيروس بشكل كامل بعد تلقيه جرعات عدة من الدواء.

آمال كبيرة

وتعرقلت الاستجابة للوباء بسبب الافتقار إلى الأدوية المضادة للفيروسات الفعالة ضد الفيروس التاجي المسبب للمرض.

وكان العلماء علقوا في السابق آمالاً كبيرة على عقار ريمديسيفير الذي تم تطويره في الأصل لعلاج التهاب الكبد الوبائي سي، وتم اختباره لاحقاً ضد إيبولا.

لكن نتائج التجارب السريرية الكبيرة لم تكن حاسمة، وهو الأمر الذي دفع منظمة الصحة العالمية لإعلان ذلك الدواء "منعدم الفائدة". إذ قالت المنظمة إن ريمديسيفير "لم يفلح في تقليل معدل الوفيات أو المرضى على الإطلاق".

غير أن الفريق الطبي الذي كتب تلك الدراسة المنشورة في واحدة من أكبر الدوريات العلمية، استخدم نهجاً مختلفاً لتحديد تأثيرات الدواء على فيروس كورونا المستجد، لدى مريض يخضع للمراقبة عن كثب. 

وقال الدكتور جيمس ثافينثيران، من وحدة علم السموم في "جامعة كامبريدج": "كانت هناك دراسات مختلفة تدعم أو تشكك في فاعلية ريمديسيفير، لكن بعض التجارب التي أجريت خلال الموجة الأولى من العدوى قد لا تكون مثالية لتقييم خصائصه المضادة للفيروس".

صعوبة التمييز

تنجم الوفيات عن مجموعة من العوامل، من المحتمل أن تشمل التكاثر الفيروسي غير الخاضع للرقابة والأهم من ذلك، استجابة الجهاز المناعي.

وبالتالي فإن التجربة السريرية التي تنظر فقط في تأثير ريمديسيفير على الوفيات ستواجه صعوبة في التمييز بين هذين العاملين. 

وهذا يحد من قدرتنا على طرح السؤال البسيط: ما مدى فائدة ريمديسيفير كمضاد للفيروسات؟ للإجابة عن هذا السؤال، قام فريق بقيادة العلماء في "جامعة كامبريدج" بفحص حالة رجل يبلغ من العمر 31 عاماً وقد أصيب بنقص غاماغلوبولينِ الدم المرتبط بالصبغِي X، وهي حالة وراثية نادرة تؤثر على قدرة الجسم على إنتاج الأجسام المضادة وبالتالي مكافحة العدوى.

حالة مرضية

عانى المريض الحمى والسعال والغثيان والقيء. وفي اليوم التاسع عشر، ثبتت إصابته بفيروس كورونا المستجد. وفي اليوم الثلاثين نُقل إلى المستشفى، حيث أعطي الأكسجين الإضافي بسبب صعوبات في التنفس.

وعلى غير العادة، استمرت الحمى والتهاب الرئتين لمدة تزيد على 30 يوماً، ولكن من دون التسبب في مشاكل شديدة في التنفس أو الانتشار إلى أعضاء أخرى.

ويقول الباحثون إن هذا قد يكون بسبب عدم قدرته على إنتاج الأجسام المضادة. فعلى الرغم من أن الأجسام المضادة تقاوم العدوى، إلا أنها يمكن أن تسبب أيضاً أضراراً للجسم وقد تؤدي إلى مرض شديد. تعرف تلك الحالة باسم عاصفة السيتوكين، وهي المسؤول الأول عن الوفاة من فيروس كورونا المستجد.

في البداية، عولج المريض بهيدروكسي كلوروكين وأزيثروميسين، وكان لهما تأثير ضئيل، وتوقفت العلاجات في اليوم الـ34. 

ثم بدأ المريض في دورة العلاج لمدة عشرة أيام من ريمديسيفير. في غضون 36 ساعة، تحسنت الحمى وضيق التنفس وتوقف الغثيان والقيء. كما ارتفع تشبع الأكسجين في الدم، ما سمح للأطباء بإزالة أجهزة التنفس الاصطناعي.

ترافقت هذه الاستجابة السريرية التي وصفتها الدراسة بـ"الدراماتيكية" مع انخفاض تدريجي في مستويات البروتين التفاعلي CPR وهي مادة ينتجها الكبد استجابة للالتهاب.

وفي الوقت ذاته، لاحظ الأطباء زيادة في عدد الخلايا المناعية المعروفة باسم الخلايا الليمفاوية، وأظهرت فحوص للصدر أن التهاب رئة المريض يتحسن. وخرج المريض في اليوم الـ43 من المستشفى.

العودة للمستشفى

بعد أسبوع من الخروج، عادت حمى المريض وضيق التنفس والغثيان. 

تم نقل المريض مرة أخرى إلى المستشفى في اليوم الـ54 ووضع على أجهزة التنفس وثبتت إصابته بفيروس كورونا المستجد، وانخفض عدد الخلايا الليمفاوية لديه ووجد أنه يعاني من التهابات في الرئة وزيادة في مستويات البروتين التفاعلي.

في اليوم الـ61 بدأ المريض العلاج بدورة أخرى مدتها 10 أيام من ريمديسيفير. ومرة أخرى تحسنت أعراضه وزادت مستويات الخلايا الليمفاوية وانخفضت درجة حرارته.

وفي اليومين الـ69 والـ70 تم حقنه ببلازما النقاهة الخاصة بأحد المتعافين. وبعد ثلاثة أيام غادر المستشفى ولم يعد يعاني من أيّ أعراض أخرى.

تحسن جديد

وجد الفريق أن مستويات الفيروس لدى المريض انخفضت تدريجياً خلال أول دورة علاجية من ريمديسيفير، بما يتوافق مع التحسن في الأعراض.

كما ارتفعت مستويات الفيروس مرة أخرى، وزادت الأعراض، عندما توقفت الدورة الأولى من العلاج، ولكن تأثير الدورة الثانية من ريمديسيفير كان أسرع وأكثر اكتمالاً. فبحلول اليوم الـ64، لم يعد اختباره إيجابياً لفيروس كورونا.

يقول الباحثون إن عدم قدرة المريض على التخلص من العدوى من دون استخدام الأدوية المضادة للفيروسات من المحتمل جداً أن يكون بسبب نقص الأجسام المضادة لديه. ومع ذلك، هناك خلايا مناعية أخرى تساهم في مكافحة العدوى، بما فيها تلك المعروفة باسم خلايا CD8+T، التي تستجيب للبروتين الشائك الموجود على سطح الفيروس، وتعطيه شكل التاج المميز، الذي جاءت منه التسمية "الفيروس التاجي".

ويقول الباحثون إن ريمديسيفير قد يكون ساهم بفاعلية كبيرة في إزالة العدوى.

استجابة دراماتيكية

وفي بيان صحافي لـ"جامعة كامبريدج"، وصف أستاذ المناعة العلاجية في الجامعة نيكولاس ماثيسون، تلك النتائج بـ"غير العادية التي تعطي نظرة ثاقبة نادرة حول فاعلية ريمديسيفير كعلاج لعدوى الفيروس التاجي"، مشيراً إلى أن "الاستجابة الدراماتيكية للدواء عند التحدي المتكرر، تشير إلى أنه يمكن أن يكون علاجاً عالي الفاعلية، على الأقل بالنسبة لبعض المرضى".

ويعتبر الفريق أنه من المرجح أن تكون لريمديسيفير فائدة أكثر عند تناوله مبكراً في العدوى، قبل أن يتمكن الفيروس من إثارة استجابة مناعية كارثية محتملة. 

ويشير الباحثون إلى أن النتائج تُظهر أن الدواء يمكن أن يخصص للمرضى "اعتماداً على حالتهم الفردية.. وهذا يعنى أن ريمديسيفير قد يكون صالحاً لطيف مُحدد من المرضى".