الصين "كلمة السر" في تمسّك الهند بعلاقتها مع روسيا رغم غزو أوكرانيا

time reading iconدقائق القراءة - 7
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في نيودلهي- 6 ديسمبر 2021  - AFP
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في نيودلهي- 6 ديسمبر 2021 - AFP
دبي- الشرق

قال تقرير لصحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، إن الهند لا ترغب في إثارة غضب روسيا بعد غزوها لأوكرانيا، بسبب الروابط التجارية والدفاعية الوثيقة بين البلدين، إضافة إلى حاجة نيودلهي إلى دعم موسكو في مواجهة الصين التي تتنازع معها الهند على حدود تمتد لـ(3500 كيلومتر).

وفي ديسمبر الماضي، وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الهند، بأنها "قوة كبرى وصديق موثوق به"، وذلك لدى زيارته إلى نيودلهي التي استهدفت تعزيز العلاقات العسكرية والتعاون في مجال الطاقة، وركّز خلالها على "الاستعداد للصراعات المستقبلية". 

ولفت التقرير إلى أن الصداقة بين موسكو ونيودلهي تواجه تحدياً حالياً بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا، حيث تسعى الهند لإنقاذ أكثر من 15 ألف مواطناً في أوكرانيا، معظمهم من الطلاب الذين يدرسون هناك.

واستدعت نيودلهي سفيري روسيا وأوكرانيا، الثلاثاء، لتجديد مطالبتها بتوفير "ممر آمن" لإجلاء الآلاف من رعاياها المحاصرين في المناطق التي تتعرض لهجمات عسكرية روسية بأوكرانيا، بعدما أودى قصف بمدينة خاركيف شرق أوكرانيا، بحياة طالب هندي.

موازنة النفوذ الصيني

وعلى الرغم من إدانة الدول الغربية للعدوان الروسي، ظلّ ولاء الهند للشراكة القائمة منذ وقت طويل مع موسكو ثابتاً، حيث امتنعت -بصفتها عضواً غير دائم في مجلس الأمن- عن التصويت على قرار يدين الغزو الروسي لأوكرانيا الأسبوع الماضي، بجانب الصين والإمارات.

ووفقاً للتقرير، يرى محللون سياسيون أن الهند تعتقد أنه لا توجد فائدة من عزل روسيا دولياً، وأرجعوا ذلك إلى اعتماد نيودلهي على موسكو في الحصول على السلع الأساسية المهمة مثل الطاقة والأسمدة.

كما أن الدعم الروسي يُعد أمراً مهماً للغاية في إدارة مواجهة الهند غير المحسومة مع الصين، خاصة بعد الصدامات التي وقعت بين الطرفين في نهاية 2020، على حدود تتنازعان عليها في جبال الهيمالايا والتي أسفرت عن سقوط ضحايا من الجانبين، للمرّة الأولى منذ عام 1975.

وأجرت الهند والصين نحو 12 جولة من المحادثات بين المسؤولين العسكريين والدبلوماسيين في محاولة لتهدئة التوترات. 

وأسفرت تلك المحادثات عن سحب القوات من كلا الجانبين، من نقطة احتكاك واحدة في بحيرة بانجونج تسو الجليدية التي تقع على ارتفاع نحو 14 ألف قدم، وعلى الرغم من ذلك ظلت القوات متمركزة في قواعد أخرى، يمكن أن تصل إلى خط الجبهة في غضون ساعات.

وقال كونستانتينو خافيير، الزميل في مركز التقدم الاجتماعي والاقتصادي البحثي في نيودلهي، لـ"فاينانشيال تايمز": "من منظور الهند، الطرف الوحيد الذي سيخرج أقوى (من الحرب في أوكرانيا) هو الصين".

وقالت الصحيفة البريطانية إنه على الرغم من إجراء رئيس الوزراء الهندي، مكالمة هاتفية مع بوتين في اليوم الأول من الحرب طالبه خلالها بـ"الوقف الفوري للعنف"، إلّا أن المسؤولين الهنود تجنّبوا إلقاء اللوم على الرئيس الروسي. وبدلاً من ذلك، بقيت نيودلهي على اتصال مع موسكو وكييف لإجلاء مواطنيها.

وتعود الشراكة الهندية الروسية إلى الأيام الأولى من استقلال الهند عن الحكم البريطاني بعد عام 1947، عندما استلهم رئيس وزراء البلاد في هذا الوقت، جواهر لال نهرو، اقتصاده الاشتراكي من الاتحاد السوفيتي.

وعلى الرغم من عدم انحياز الهند أثناء الحرب الباردة، ازداد تقاربها مع السوفييت بعد تقارب الولايات المتحدة مع باكستان. وساعد الاتحاد السوفيتي الهند على حسم حربها مع باكستان عام 1971.

حليف لا غنى عنه

وعلى الجانب الآخر، تعززت علاقات الهند مع الولايات المتحدة وأوروبا منذ انتهاء الحرب الباردة. ويُنظر للهند -العضو في المجموعة الرباعية مع الولايات المتحدة، وأستراليا، واليابان- على أنها حليف غربي لا غنى عنه، وثُقل موازن للصين في آسيا.

ونقلت الصحيفة عن تانفي مادان، الباحثة في معهد "بروكينجز" قولها إن "الهند تراقب العلاقات الروسية الصينية عن كثب"، وأضافت: "ما رأوه منذ سنوات هو أن العلاقة تصبح أكثر قرباً. لم يرغبوا في دفع بوتين أكثر نحو الصين". وترى مادان أن أي حكومة هندية أخرى من المرجّح أن تفعل ما فعله مودي.

ويقول المراقبون إن موسكو تحتاج إلى حلفائها -مثل الهند والصين- لمساعدتها في تخفيف الضغط الناجم عن العقوبات المالية الغربية.

تعاون عسكري وتجاري

ولا تزال روسيا أهم مورد عسكري للهند، حيث تنشر الأخيرة دباباتها، وطائراتها، وأسلحتها الثقيلة "الروسية" على حدودها في الهيمالايا. وتتعاون الدولتان أيضاً في إنتاج الأسلحة في الهند.

وأوضحت الصحيفة أن تقريباً 65% من الأسلحة المنقولة إلى الهند في الفترة بين عامي 1950 و2020 كانت قادمة من الاتحاد السوفيتي أو روسيا، أي ما يُقدر بنحو 83.4 مليار دولار من أصل 126.7 مليار دولار، وفقاً لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام.

وبدأت الهند في استلام أنظمة الدفاع الصاروخي "إس-400" الروسية بعد زيارة بوتين إليها في ديسمبر الماضي، في إطار صفقة بقيمة 5.5 مليار دولار وُقعت في عام 2018، في تحد لواشنطن.

وعلى الرغم من أن قيمة التجارة الثنائية بين البلدين بلغت نحو 8 مليارات دولار فقط في العام المالي الماضي، ضغطت الشركات الهندية التي تمتلك علاقات مع روسيا على الحكومة للسماح لها بمواصلة الأنشطة التجارية مع نظيراتها الروسية، وفقاً لمصادر مطلعة.

وقال بيسواجيت دهار، أستاذ التجارة بجامعة جواهر لال نهرو، إنه بينما تتاجر الهند مع روسيا بالدولار ، فإن "هناك حديث عن العودة إلى التجارة بالروبل التي كانت هي القاعدة"، في إشارة إلى الفترة من السبعينيات إلى التسعينيات.

وأوضح التقرير أن شركتي التمويل المرتبطتين بالحكومة الهندية والعاملتين في روسيا، يعملان على تعزيز الخدمات المصرفية الثنائية، وهما البنك التجاري الهندي المملوك بنسبة 60% من قبل بنك الدولة الهندي، وشركة إعادة التأمين "GIC Perestrakhovanie LLC " المملوكة بالكامل لشركة التأمين العامة الهندية.

وبحسب "فاينانشال تايمز" فإن الحكومة الهندية لم تخبر المقرضين الهنود بما يجب فعله حيال البنوك الروسية التي استهدفتها العقوبات الغربية. وأشار التقرير إلى أن الهند كانت مستعدة في السابق لتجاهل العقوبات الغربية، وخلقت آلية دفع للواردات الإيرانية.

وأوضح دهار أن الهند ستعطي الأولوية لعلاقتها التجارية مع روسيا، قائلاً: "سيتم استكشاف كل السبل، وأي شيء يمكن أن يساعد في استمرار العلاقات التجارية".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات