"النووي الإيراني" بين اتفاق 2015 ومفاوضات فيينا.. ما الذي تغير؟

time reading iconدقائق القراءة - 7
جندي نمساوي يمرّ قرب قصر كوبورغ الذي يستضيف محادثات إحياء الاتفاق النووي الإيراني في فيينا - 8 فبراير 2022 - REUTERS
جندي نمساوي يمرّ قرب قصر كوبورغ الذي يستضيف محادثات إحياء الاتفاق النووي الإيراني في فيينا - 8 فبراير 2022 - REUTERS
دبي-الشرق

يثير اتفاق توصّلت إليه طهران والوكالة الدولية للطاقة الذرية السبت، لتوضيح مسائل عالقة في برنامجها النووي، آمالاً بأن يمهّد لتسريع إحياء الاتفاق النووي الإيراني، في محادثات فيينا.

مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل جروسي، قال إن زيارته لطهران السبت، تستهدف "معالجة الأسئلة العالقة".

وأضاف جروسي: "سيكون صعباً تخيّل أن مثل هذه العودة المهمة إلى (الاتفاق النووي)، ستكون ممكنة إن لم تتفق الوكالة وإيران بشأن كيفية تسوية هذه الملفات المهمة المتعلّقة بالضمانات"، في إشارة إلى عمليات التفتيش التي تنفذها الوكالة.

وأفادت وكالة "أسوشيتد برس" بأن جروسي سعى طيلة سنوات لتجيب إيران عن أسئلة بشأن جزيئات يورانيوم عُثر عليها في مواقع نووية سابقة غير معلنة في البلاد.

وتعتبر أجهزة الاستخبارات الأميركية ودول غربية والوكالة الذرية، أن طهران امتلكت برنامج تسلّح نووي منظّم، حتى عام 2003. لكن إيران تنفي ذلك.

أما رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية محمد إسلامي، فأعلن التوصّل لاتفاق تقدّم إيران بموجبه "وثائق من شأنها تبديد غموض حول بلدنا"، وتتيح "حلّ المسائل العالقة" بين الطرفين.

اتفاق 2015

تأتي هذه التطورات في ظلّ مساعٍ تبذلها إيران وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا لإحياء الاتفاق النووي، خلال محادثات في فيينا بمشاركة غير مباشرة من الولايات المتحدة، بعدما انسحب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب من الاتفاق في عام 2018، وأعاد فرض عقوبات أميركية على طهران.

الاتفاق النووي المُبرم في يوليو 2015 بعد سنتين من المفاوضات بين إيران والدول الست، بدأ تطبيقه في يناير 2016، علماً أنه ألزم إيران بألا تخصّب اليورانيوم إلى نسبة أعلى من 3.67%، وبالتخلّص من 98٪ من مخزونها من اليورانيوم المخصّب، أو إخراجه من أراضيها، وفصل ثلثي أجهزة الطرد المركزي التي تنتج وقوداً نووياً، وأوقف العمل في مفاعل آراك للماء الثقيل، الذي كان يمكن أن ينتج بلوتونيوم لصنع سلاح نووي.

كذلك وافقت طهران على عمليات تفتيش تنفذها الوكالة الذرية، وأوقفت تخصيب اليورانيوم في منشأة فردو المحصّنة في جبل قرب مدينة قم، بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال".

كما أن غالبية القيود المفروضة على البرنامج النووي الإيراني، تستمر لربع قرن. ولكن سُمح لطهران بإنتاج كميات غير محدودة من اليورانيوم المخصّب بعد عام 2031، مع عدم وجود حدّ أقصى لنقاء تلك المادة.

في المقابل خُففت العقوبات الدولية المفروضة على إيران، إذ رُفعت القيود على مبيعاتها من النفط، وقطاع الشحن، وجزء كبير من قطاعها المصرفي والإنتاج الصناعي.

واستمرت العقوبات الأميركية على قطاعَي الطاقة والمصارف، لكنها لم تعُد تمسّ دولاً أخرى. كذلك استمر العمل بالعقوبات المتصلة بملف حقوق الإنسان والبرنامج الصاروخي الإيراني والإرهاب.

ومكن الاتفاق طهران من استعادة أكثر من 100 مليار دولار من عائدات مبيعات النفط المجمّدة في الخارج، نتيجة العقوبات الأميركية.

"قنبلة ذرية" إيرانية؟

وأظهر تقرير أعدّته الوكالة الذرية مطلع الشهر الجاري، أن مخزون إيران من سداسي فلورايد اليورانيوم، الذي يغذّي وحدات الطرد المركزي والأجهزة التي تخصّب اليورانيوم، يشمل 33.2 كيلوجرام من اليورانيوم المخصّب بنسبة 60%.

ونقلت وكالة "رويترز" عن دبلوماسي بارز، أن مخزون إيران من اليورانيوم المخصّب إلى درجة قريبة من إنتاج أسلحة نووية، يبلغ نحو ثلاثة أرباع الكمية المطلوبة لتصنيع قنبلة نووية، لو كان التخصيب بدرجة أعلى، أي بنسبة 90%.

يأتي ذلك بعدما نبّه الموفد الأميركي الخاص بشـأن إيران، روبرت مالي، إلى أن طهران "على بعد أسابيع من تخصيب يورانيوم يكفي لتصنيع قنبلة نووية"، معتبراً أن التقدّم الذي حققته في برنامجها النووي "يعزّز وجوب إحياء الاتفاق" النووي.

وكانت "وول ستريت جورنال" نقلت عن مسؤولين أميركيين، أن مسؤولي إدارة الرئيس جو بايدن خلصوا في أواخر العام الماضي، إلى أن البرنامج النووي الإيراني تقدّم كثيراً، بشكل لا يتيح ضمان ما يُسمّى بـ"فترة اختراق" تبلغ نحو 12 شهراً قبل أن تتمكّن طهران من صنع سلاح نووي، بحسب اتفاق 2015.

وأضافت أن المسؤولين يرون وجوب التوصّل إلى اتفاق معدّل قريباً، لمنح الولايات المتحدة وحلفائها وقتاً كافياً للردّ على تطوير إيران برنامجها النووي.

"3 قضايا عالقة"

ويثير ما سبق، تساؤلات بشأن محاور الاتفاق المعدّل الذي يجري التفاوض بشأنه في فيينا، علماً بأن طهران تحدثت عن ضرورة "تسوية 3 قضايا رئيسة لا تزال عالقة"، اعتبرت أنها تنتظر "قرارات سياسية" من الغرب، وهي رفع العقوبات المفروضة عليها، وضمانات بعدم تكرار الانسحاب الأميركي من الاتفاق، وإغلاق ملف "القضايا العالقة" مع الوكالة الذرية.

وأوردت "وول ستريت جورنال" أن إيران تطالب برفع كامل للعقوبات المفروضة عليها، بما في ذلك تلك المتصلة بحقوق الإنسان أو البرنامج الصاروخي، والمُستثناة من اتفاق 2015.

وأفادت وكالة "رويترز" الشهر الماضي، بأن اتفاقاً أميركياً إيرانياً محتملاً في فيينا، يشمل تجميد طهران التخصيب بنسبة تتجاوز 3.67%، علماً بأن محمد إسلامي شدد على أن إيران ستواصل تخصيب اليورانيوم بنسبة 20%، حتى بعد رفع العقوبات عنها وإحياء الاتفاق النووي.

الاتفاق المحتمل في فيينا يتضمّن أيضاً تمكّن طهران من استعادة نحو 7 مليارات دولار من أموال مجمّدة في مصارف كورية جنوبية، نتيجة عقوبات تفرضها واشنطن، إضافة إلى إطلاق سجناء غربيين محتجزين في إيران.

وبعد تنفيذ هذه الإجراءات تبدأ المرحلة الرئيسية لرفع العقوبات، وتبلغ ذروتها في "يوم إعادة تطبيق" اتفاق 2015، علماً أنه سيتضمّن أيضاً أن تمنح الولايات المتحدة قطاع النفط الإيراني إعفاءات من العقوبات المفروضة عليه، وليس رفعها تماماً.

وأشارت الوكالة إلى أن طهران مستعدة لقبول تسوية بشأن طلبها الحصول على ضمانات بعدم انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق مجدداً، تنصّ على السماح لها بالتخصيب بنسبة 60% مرة أخرى، إذا انتهكت واشنطن الاتفاق.

البرنامج الصاروخي الإيراني

وإذا كانت ملامح الاتفاق المرتقب بشأن الملف النووي واضحة إلى حدّ ما، فإن استجابة إيران لمطالبات بوقف برنامجها الصاروخي وكبح تدخلاتها الإقليمية، تبدو أكثر صعوبة، لا سيّما أن اتفاق 2015 لم يُلزم طهران بإنهاء برنامجها الصاروخي أو تورّطها بصراعات إقليمية.

وكانت إدارة ترمب أصرّت على وجوب أن يشمل أي اتفاق مع إيران، قيوداً ملزمة على برنامجها الصاروخي، وإنهاء تورطها بالإرهاب، وتعهداً منها بكبح تدخلاتها الإقليمية، بحسب "وول ستريت جورنال".

وفي مؤشر إلى أن طهران لا تعتزم التخلّي عن برنامجها الصاروخي، كشفت إيران الشهر الماضي عن صاروخ جديد يبلغ مداه 1450 كيلومتراً.

وأفادت "رويترز" بأن طهران ترفض مطالب الغرب بوقف تطوير صواريخها الباليستية، ونقلت عن رئيس الأركان الإيراني، الجنرال محمد باقري، قوله إن بلاده "ستواصل تطوير برنامجها للصواريخ الباليستية".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات