أميركا اللاتينية ساحة صراع جديدة بين بكين وواشنطن

time reading iconدقائق القراءة - 7
مدير الأمن والعمليات البحرية في تشيلي، الأدميرال إريك سولار، يستعرض صوراً لأسطول سفن الصيد الصينية، التي تصطاد على طول ساحل المحيط الهادئ لأمريكا الجنوبية - فالبارايسو - تشيلي - 8 أكتوبر 2020 - REUTERS
مدير الأمن والعمليات البحرية في تشيلي، الأدميرال إريك سولار، يستعرض صوراً لأسطول سفن الصيد الصينية، التي تصطاد على طول ساحل المحيط الهادئ لأمريكا الجنوبية - فالبارايسو - تشيلي - 8 أكتوبر 2020 - REUTERS
دبي- الشرق

اتهم قائد عسكري أميركي، الخميس، الصين بالعمل على تعزيز نفوذها في أميركا اللاتينية، من خلال استغلال الفساد، والغياب الواضح لدور الولايات المتحدة في المنطقة.

ونقلت مجلة "بوليتيكو" الأميركية عن الأدميرال كريج إس فالر، الذي سيتقاعد في وقت لاحق من هذا العام، كرئيس للقيادة الجنوبية للولايات المتحدة، قوله إن "نفوذ الصين في المنطقة آخذ في الازدياد، من البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات إلى الأصول الفضائية والمراكز الثقافية، والمساعدات التي تقدمها لمكافحة كوفيد 19".

وأشار إلى أن الصين "عزَّزت من نشاطها في هذا الصدد، حيث قدمت فرصاً تعليمية عسكرية واسعة النطاق، ومنحاً دراسية للهندسة الإلكترونية، وحزم تعاون أمني سنوية بدون قيود"، لافتاً إلى أن تكلفة هذه البرامج "تتجاوز في كثير من الحالات قيمة البرامج المماثلة، التي يقدمها الشركاء الغربيون، بما في ذلك الولايات المتحدة".

"استغلال الفساد"

فالر اتهم الشركات الخاصة والمملوكة للدولة في الصين، باستغلال "الفساد المتفشي" في المنطقة، لـ"تقويض ممارسات التعاقد العادلة، والالتفاف على القواعد المنظمة للبيئة"، على حد تعبيره، مشيراً إلى أن "التكتيك الشائع الذي تستخدمه هذه الشركات، هو تقديم رواتب مربحة للمسؤولين المحليين، مقابل منحهم الصفقات التي يريدونها".

وعلى الرغم من إقرار فالر بأن هناك "جوانب مشروعة" لهذه الأنشطة الصينية، التي توفر الاستثمار المطلوب لمنطقة لا تزال تعاني آثار كوفيد-19، إلا أنه اتهم بكين بأنها "لا تسعى إلى المنافسة العادلة على أساس القواعد، وإنما تسعى لخلق التبعيات".

وقال فالر: "من خلال علاقاتها الاقتصادية العميقة وتأثيرها القسري، تتنافس بكين للحصول على دعم رئيسي من الشركاء الإقليميين في تصويتات الأمم المتحدة، ودعم المعينين الصينيين في المؤسسات متعددة الجنسيات".

 وتابع: "في نهاية المطاف، تريد بكين إنشاء نظام عالمي يُنظر فيه إلى الأنظمة الاستبدادية على أنها أشكال شرعية للحكم. نظام يتم فيه خنق سيادة القانون وحقوق الإنسان وحرية التعبير. نظام يتم فيه التلاعب بالمعايير الدولية لمصلحته الخاصة، وهذا يحدث الآن"، على حد تعبيره.

"قوة واشنطن"

فالر أشار إلى أن "قوة الولايات المتحدة تكمن في شراكاتها وتحالفاتها، مع الدول التي تشاركنا قيمنا الديمقراطية، وتحترم حقوق الإنسان، وتكافح من أجل الحكم المسؤول"، لافتاً إلى أن الصين "تعرف ذلك وتستخدم نفوذها الاقتصادي والتكنولوجي، لتهيئة الظروف التي يضطر فيها الشركاء إلى اختيار أحد الجانبين".

واتهم المسؤول الأميركي بكين بأنها "أكثر ارتياحاً في التعامل مع الأنظمة الاستبدادية المشابهة لنظامها. ويقدم سلوك الصين في فنزويلا مثالاً على ذلك"، بحسب تعبيره.

وقال إنه "ليس من قبيل المصادفة أن تقدم الشركات الصينية الهدايا، والعمولات لدفع عجلة القيادة أثناء التعامل مع نظام (الرئيس نيكولاس) مادورو، الذي ينتهك حقوق الإنسان بشكل ممنهج، على غرار النظام الحاكم في الصين"، على حد وصف المسؤول الأميركي.

كما اتهم فالر بكين بالإضرار بالبيئة، من خلال "العشرات من مشاريع الموانئ الصينية من مختلف الأشكال والأحجام"، مشيراً إلى أن هذه الموانئ "تم تصميمها للمساعدة في تغذية شهية الصين للغذاء والموارد، مما يلحق ضرراً حقيقياً ببيئة المنطقة، ويسهم في إزالة الغابات في منطقة الأمازون، والتعدين غير القانوني وقطع الأشجار مع الإشراف البيئي المتراخي، والصيد الجائر".

البحث عن المياه

وأشار إلى أن أحد الموارد الرئيسية التي تلاحقها الصين في هذه المنطقة هو المياه. فرغم أن سكان المنطقة يمثلون 8% فقط من سكان العالم، تمتلك أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي 30% من المياه العذبة في العالم. في المقابل، يوجد في الصين أكثر من 18% من سكان العالم، ولكن فقط 8% من المياه العذبة في العالم.

وقال: "يساعد هذا في تفسير اهتمام الصين المتزايد بأميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، إذ توفر المنطقة المياه والأراضي الصالحة للزراعة التي تشتد الحاجة إليها، والتي يمكن أن تساعد الصين في إطعام سكانها".

وأضاف: "ثم هناك أيضاً اهتمام الجيش الصيني بالمنطقة، بشأن التعليم والفضاء والتعاون الأمني والموانئ البحرية، حيث تمهد الصين الطريق للتوسع العسكري في المستقبل، تماماً كما رأينا في جيبوتي".

الرد الأميركي

وبسؤاله عن الطريقة التي يجب أن ترد بها الولايات المتحدة، على النفوذ الصيني المتزايد في أميركا اللاتينية، اقتصادياً ودبلوماسياً وعسكرياً، دون السعي إلى المواجهة، رد فالر قائلاً: "لدينا ما لا تمتلكه الصين.. تاريخ عميق من الصداقات والقيم المشتركة في جميع أنحاء المنطقة. ميزتنا الاستراتيجية غير المتكافئة هي شراكاتنا التي بنيت لتستمر، على أساس القيم الديمقراطية المشتركة".

وأضاف: "هذه الثقة هي الأساس، ولكن يجب علينا أيضاً أن نستثمر في برامج تعاون أمني ملموسة وذات منفعة متبادلة. وهذا يعني توسيع جهودنا الدولية للتعليم، والتدريب العسكري وتعزيز برنامج التدريبات العالمي"، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة في حاجة للعمل مع شركائها "لملاحقة التهديدات العالمية المشتركة، مثل المنظمات الإجرامية عبر الوطنية، وتغير المناخ وتأثير الصين".

وقالت مجلة "بوليتكيو" إن المشرعين والخبراء الإقليميين، يطالبون الرئيس جو بايدن بالارتداد عما وصفوه بسنوات من نقص الاستثمار الأميركي في أمريكا اللاتينية وعدم الاهتمام بها، مشيرين إلى أن ذلك أضر بمصالح الولايات المتحدة.

اقرأ أيضاً: