جواز سفر اللقاحات.. هل يعيد الحياة الطبيعية أم ينتهك الحريات؟

time reading iconدقائق القراءة - 7
شاشة تعرض صورة التقطتها كاميرا تصوير حراري في مكتب الاستقبال بفندق قرب مطار هيثرو غرب لندن - 10 فبراير 2021 - AFP
شاشة تعرض صورة التقطتها كاميرا تصوير حراري في مكتب الاستقبال بفندق قرب مطار هيثرو غرب لندن - 10 فبراير 2021 - AFP
باريس-أ ف ب

تظهر مجدداً فكرة اعتماد "جواز سفر لقاحي"، تطالب به أوساط اقتصادية، وينتقده البعض على أنه "انتهاك للحريات"، في حين يعتبر عدة علماء أنه "سابق لأوانه"، نظراً إلى قلة المعلومات المتوافرة حتى الآن بشأن اللقاحات المضادة لفيروس كورونا المستجد. 

ولا تقتصر فكرة اشتراط تناول اللقاح لدخول الأشخاص إلى بعض البلدان أو بعض الأماكن، على اللقاح المضاد لفيروس كورونا فقط، بحسب تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية، فكثير من الدول تشترط الحصول على لقاح "الحمى الصفراء"، لدخول أراضيها إما للوافدين كافة، مثل ما يحصل في غويانا الفرنسية، أو للقادمين من دول إفريقيا، وأميركا الجنوبية، حيث يستوطن هذا المرض.

كما تصدر مراكز التلقيح شهادات تسمى رسمياً "شهادة دولية للتلقيح والطب الوقائي"، وهي دفتر أصفر تعترف به منظمة الصحة العالمية.

أنطوان فلاو، أستاذ علم الأوبئة في جامعة جنيف، قال مؤخراً إنه "قد تتخذ الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية قراراً، لكي يُذكر اللقاح ضد فيروس كورونا المستجد في دفتر التلقيح الدولي... هذه الأداة موجودة".

ويقارن البعض أيضاً مع إلزامية حصول الأطفال على عدد من اللقاحات من أجل دخول المدرسة في بعض الدول.

بينما، قال فريديدريك أدني، أستاذ طب الطوارئ في جامعة "سوربون" في باريس، إن الجواز اللقاحي "موجود أصلاً، ويُسمى دفتر الصحة. فثمة 11 لقاحاً إلزامياً في فرنسا تسمح بتلقي الدروس في المدرسة".

أما في دول أخرى مثل سويسرا، فإن تسجيل بيانات التلقيح على سجل إلكتروني يشكل شهادة بتلقي اللقاحات.

عودة إلى الحياة الاجتماعية

كان رئيس مجلس إدارة شركة "كوانتاس" الأسترالية للطيران، أول من تحدث في نوفمبر عن ضرورة أن يتلقى المسافرون الدوليون اللقاح المضاد لفيروس كورونا قبل الصعود إلى الطائرة.

كما أدلى مسؤولون حكوميون وشركات بتصريحات مماثلة منذ ذلك الحين، مشددين على أن هذه الشهادة تسمح بتجنب إجراءات الحجر عند دخول بلد ما.

ومن المقرر أن تختبر شركتا "طيران الإمارات"، و"الاتحاد" للطيران الإماراتيان قريباً تصريح سفر وضعته الجمعية الدولية للنقل الجوي معروف باسم "أياتا ترافل باس"، وهو تطبيق يسمح للركاب "بالتحقق قبل سفرهم من أن فحصهم أو لقاحهم يلبي شروط البلد الذي يتوجهون إليه".

ويرى مؤيدو "جواز السفر اللقاحي"، وهم كُثر في قطاعي السياحة والترفيه، أنه وسيلة "للعودة إلى الحياة ما قبل كوفيد-19"، إذ يسمح بالدخول بأمان إلى المسارح والمطاعم وملاعب كرة القدم.

ومن بين المدافعين القلائل عنه في الأوساط الطبية، البروفسور أدني، الذي يعتبر أنه شهادة "تحترم المعايير الأخلاقية في حال تبين أن اللقاح فعال"، لأنه "يسمح بالعودة إلى مزيد من الحرية وإلى الحياة الاجتماعية وحماية المسنين".

"أورويل"

غير أن منتقدي هذه الشهادة يعتبرون أنها "تشكل انتهاكاً" للحريات الفردية.

وقال المدير العام لمطارات باريس، أوغستان دو رومانيه، إن "اعتماد نظام يمنع دخول الشخص إلى خبّاز الحي بحجة أنه لم يتلق اللقاح يفرض أجواءً شبيهة بروايات الأديب البريطاني جورج أورويل "التي تجسد الأنظمة الديكتاتورية"، مع أنه يؤيد "إجراءات تحد من شلل الاقتصاد قدر الإمكان".

وأثار مشروع قانون، كان ينص على منع الوصول إلى بعض الأماكن في حال عدم الحصول على اللقاح جدلاً واسعاً في فرنسا، ما يظهر أن قبول إجراء كهذا يطرح مشكلة.

وتشير نتائج استطلاعات عدة للرأي إلى أن غالبية السكان، تؤيد ذلك لاستقلال الطائرة أو للزيارات إلى المستشفيات أو دور المسنين، لكن الآراء منقسمة على صعيد أمور الحياة اليومية مثل النقل المشترك أو المدارس أو دور السينما أو أماكن العمل.

ويحذر البعض أيضاً من خطر ظهور سوق سوداء، كما هو الحال مع شهادات فحوص PCR سلبية النتيجة.

عدم يقين كبير

في المقابل، يشمل التحفظ، التباين بين الوعد الذي توفره هذه الوثيقة بالتنقل دون خطر نشر الوباء، والحماية الفعلية التي يوفرها اللقاح.

فاللقاحات التي تعطى منذ ديسمبر الماضي 2020، تحول بفاعلية دون الإصابة بفيروس كورونا، لكن ينبغي إجراء دراسات إضافية لمعرفة إن كانت تسمح بتجنب الإصابة بالفيروس، ونقل عدواه إلى الآخرين.

كذلك، لا تتوافر معلومات بعد حول مدة المناعة التي توفرها هذه اللقاحات.

وبسبب "عدم اليقين الكبير هذا"، أعرب خبراء لجنة الطوارئ في منظمة الصحة العالمية في منتصف يناير عن معارضتهم "في الوقت الراهن"، اشتراط أن يكون الشخص تلقى اللقاح للدخول إلى بلد ما.

وتتعزز هذه الشكوك مع ظهور سلالات فيروس كورونا، قد تكون فعالية اللقاحات الراهنة حيالها أقل.

وفي حين تبقى جرعات اللقاحات المتاحة قليلة في العالم، سيكون فرض شهادة تلقيح عاملاً تمييزياً لكل الذين لا وصول لهم إلى اللقاح.

في السياق، قال عالم المناعة الفرنسي، آلان فيشر، مستشار الحكومة الفرنسية على صعيد الاستراتيجية اللقاحية "سيكون هناك انعدام مساواة ما لم تُوفر اللقاحات لكل فئات الشعب".

وقد أعطيت حتى الآن 135.5 مليون جرعة لقاح مضاد لكوفيد-19، فيما لا يقل عن 90 بلداً وإقليماً بعد شهرين على مباشرة حملات التلقيح الواسعة النطاق، وفق تعداد "فرانس برس" استناداً إلى مصادر رسمية.

اقرأ أيضاً: