الاتحاد الأوروبي يتهم روسيا بـ"تعريض العالم للمجاعة".. ويحذر من الأسوأ

time reading iconدقائق القراءة - 10
موظف يتابع تحميل سفينة شحن بالحبوب بميناء كونستانتا بالبحر الأسود في رومانيا متجهة لمصر - 11 مايو 2022 - REUTERS
موظف يتابع تحميل سفينة شحن بالحبوب بميناء كونستانتا بالبحر الأسود في رومانيا متجهة لمصر - 11 مايو 2022 - REUTERS
دبي-الشرق

اتهم منسق السياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، روسيا باستخدام صادرات الغذاء "سلاحاً وأداة ابتزاز" ضد من يعارض حربها على أوكرانيا، وحذر من أن تلك الحرب تعرض العالم لخطر المجاعة، التي تؤثر على مئات الملايين حول العالم.

وقال بوريل، في مقال نشره على مدونة للاتحاد الأوروبي، إنه وفق الأمم المتحدة يعيش 1.2 مليار شخص، ما يعني واحد من كل 6 من سكان العالم، في بلدان معرضة بشدة لمزيج من ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وارتفاع أسعار الطاقة، وتشديد الأوضاع المالية.

وأبدى المسؤول الأوروبي انفتاحاً على مناقشة كيفية تفادي تأثير العقوبات الأوروبية سلباً على صادرات الغذاء من روسيا للدول الأكثر احتياجاً، خاصة في إفريقيا، مضيفاً: "نحن ندرك تماماً أن هناك (معركة روايات) بشأن هذه القضية".

ولفت إلى حديث الرئيس السنغالي ماكي سال، الذي يرأس الاتحاد الإفريقي، بشكل خاص عن الصعوبات التي تواجهها الدول الإفريقية بشأن إمكانية الاستيراد في ظل العقوبات الأوروبية، بعد اجتماعه الأخير مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سوتشي.

وتابع أنه ناقش تلك المسألة مع عدد من المسؤولين الأمميين والسفراء الأفارقة، وأكد أن الاتحاد الأوروبي "على استعداد للعمل مع الأمم المتحدة والشركاء في منع أي آثار غير مرغوب فيها لعقوباتنا على الأمن الغذائي العالمي". 

وأوضح "نحن على اتصال وثيق بالأمم المتحدة للنظر في قضايا مثل تجنب السوق (التصديري) والإفراط في الامتثال (للعقوبات)، ما قد يؤثر في مشتريات الحبوب أو الأسمدة الروسية". 

"إيجاد حلول"

وذكر أن الاتحاد "على استعداد لمناقشة هذه الأمور من خلال الخبراء، من أجل تحديد العقبات الملموسة، بما في ذلك الصعوبات المحتملة في المدفوعات، والعمل على إيجاد حلول"، مضيفاً: "أصدرت تعليماتي إلى سفراء الاتحاد الأوروبي في البلدان الإفريقية الشريكة ليناقشوا مع السلطات جميع الجوانب ذات الصلة بالوضع الحالي بشأن المدفوعات".

ووصف بوريل حديث الكرملين عن مسؤولية الغرب عن أزمة الغذاء بـ"الأكاذيب المثيرة للسخرية"، وقال إنه أوضح ذلك خلال اللقاءات مع المسؤولين الأفارقة، وتابع: "يجب على كل من يريد الحد من أزمة الغذاء العالمية قبل كل شيء مساعدتنا في زيادة الضغط على روسيا لوقف حربها العدوانية".

وأفاد بوريل بأن أوكرانيا لعقود من الزمن كانت "واحدة من أهم سلال الخبز على كوكب الأرض"، مضيفاً أن القوات الروسية تقصف "الأراضي الصالحة للزراعة في أوكرانيا وتحتلها، وتهاجم المعدات الزراعية والمستودعات والأسواق والطرق والجسور في أوكرانيا، وتغلق موانئ أوكرانيا، ما يمنع تصدير ملايين الأطنان من الحبوب إلى الأسواق العالمية". 

وأضاف أن موسكو حوّلت البحر الأسود إلى "منطقة حرب، ومنعت شحنات الحبوب والأسمدة من أوكرانيا"، كما تطبق حصصاً وضرائب على صادراتها من الحبوب، مشيراً إلى أن ذلك يعني أن "الخيار السياسي الواعي لروسيا هو تسليح هذه الصادرات، واستخدامها أداة للابتزاز ضد أي شخص يعارض عدوانها".

وحمّل بوريل موسكو مسؤولية ارتفاع أسعار المواد الغذائية بدرجة غير مسبوقة، خاصة أن الأسعار كانت متأثرة بالفعل جراء وباء كورونا وتغير المناخ. واعتبر أن ذلك له "عواقب وخيمة على العديد من البلدان منخفضة الدخل وعلى برنامج الأغذية العالمي، الذي اضطر بالفعل إلى الحد من تدخلاته في عدة مناطق". 

السيناريو الأسوأ

وأشار إلى تحذير العديد من الخبراء من "أن الأسوأ لم يأتِ بعد إذا ظلت الصادرات الأوكرانية محجوبة حتى موسم الحصاد التالي". 

ولفت إلى فرض عدة دول قيوداً أحادية الجانب على صادراتها الزراعية، بينما تسعى دول أخرى إلى تكوين مخزونات، ما أدى إلى تفاقم المشكلات في الأسواق العالمية. 

وتابع بوريل أن ارتفاع تكاليف الطاقة، وفقدان إمدادات الأسمدة، أديا إلى ارتفاع أسعار الأسمدة بوتيرة أسرع من أسعار المواد الغذائية. وبسبب هذا، فإن سعر الأرز، وهو أكثر المواد الغذائية الأساسية استهلاكاً في العالم، والذي يتمتع بأسعار منخفضة حتى الآن، يمكن أن يرتفع بشكل كبير، وقد لا يتمكن إنتاج الغذاء العالمي من تلبية الطلب المتزايد، مشيراً لتحذير الأمم المتحدة من "كارثة غذائية ذات أبعاد عالمية في عام 2023".

وأوضح أن دول الاتحاد الأوروبي تقوم بتجميع إغاثة طارئة للدول المحتاجة، إذ تم التعهد بمليار يورو لمنطقتي الساحل وبحيرة تشاد، وأكثر من 600 مليون يورو للقرن الإفريقي، إضافة إلى إنشاء مرفق غذائي بقيمة 225 مليون يورو لمساعدة دول شمال إفريقيا، المنطقة الأكثر اعتماداً على الإمدادات الغذائية من أوكرانيا وروسيا.

كما ستنفق دول الاتحاد أيضاً 1.5 مليار يورو للمساعدة في تطوير أنظمة غذائية مستدامة في الجوار الشرقي والجنوب وغرب البلقان وتركيا، حتى عام 2024.

وأكد المسؤول الأوروبي أنه "لتجنب كارثة غذائية عالمية، تظل الأولوية القصوى هي وقف الحرب وإخراج القوات الروسية من أوكرانيا". واستدرك: "ومع ذلك، لم نستهدف أبداً الصادرات الزراعية والأسمدة الروسية. لا تحظر عقوبات الاتحاد الأوروبي على روسيا تصدير أي سلع زراعية، أو الدفع مقابل الصادرات الروسية أو توفير البذور، شريطة عدم مشاركة الأفراد أو الكيانات الخاضعة للعقوبات".

وأشار إلى عدم تطبيق عقوبات الاتحاد الأوروبي أيضاً على الكيانات خارج حدود الاتحاد الأوروبي، ما لم يتم تنفيذ أعمالهم جزئياً على الأقل داخل الاتحاد الأوروبي.

طرق أخرى

وقال منسق الشؤون الخارجية الأوروبي إن الاتحاد يواصل "مساعدة أوكرانيا على تصدير المنتجات الزراعية بطرق أخرى غير البحر الأسود من خلال (خطة عمل ممرات التضامن). نحن نعمل مع لاعبين في السوق لتوفير مخزون إضافي لقطارات الشحن والسفن والشاحنات". 

وأضاف أن الاتحاد يعمل على تسهيل "عمليات التفتيش على الحدود للمنتجات الغذائية الزراعية، وسنوفر مرافق التخزين للحبوب الأوكرانية للدول الأعضاء (بالاتحاد الأوروبي)". وتابع: "يجب علينا الإسراع في دمج شبكة السكك الحديد الأوكرانية في النظام الأوروبي، على الرغم من أن هذا يمثل بالتأكيد صعوبات بسبب الاختلافات في مقياس السكك الحديد".

لكن بوريل اعترف بأنه "يجب أن نواجه الحقائق: لا يمكن لأي من هذه البدائل أن يوفر تدفقاً كافياً للصادرات على المدى القصير. لذلك من الضروري السماح باستئناف الصادرات الأوكرانية عن طريق السفن. إننا نعمل عن كثب مع الأمم المتحدة بشأن هذه القضية، والاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه مستعدون للقيام بدورهم في الإجراءات الضرورية لتحقيق ذلك".

خطط متنافسة

إلى ذلك، وضعت فرنسا وتركيا خططاً متنافسة لكيفية تصدير الحبوب التي تشتد الحاجة إليها خارج أوكرانيا، وذلك في الوقت الذي يتزايد فيه القلق بشأن التأثير المحتمل على فقراء العالم، نتيجة الفشل حتى الآن في إخراج الحبوب من البلاد، حسبما أفادت صحيفة "جارديان" البريطانية.

ونقلت الصحيفة، في تقرير نشرته الجمعة، عن رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراجي قوله إنه يجب إعداد جدول زمني لإخراج الحبوب من كييف، بحلول الوقت الذي تبدأ فيه قمة مجموعة السبع نهاية الأسبوع المقبل.

وأضاف دراجي، عقب محادثات مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الخميس، أن "هناك مجموعة من المواعيد النهائية باتت تقترب بسرعة، كما تقترب أيضاً أزمة حدوث مجاعة عالمية في أفقر بقاع العالم، وخاصة إفريقيا".

ووفقاً للصحيفة، فإن إيطاليا تدعم فكرة إصدار قرار من قبل الأمم المتحدة؛ يسمح لقافلة تابعة للهيئة بمراقبة سفن الحبوب التي غادرت ميناء "أوديسا" على البحر الأسود الخاضع لسيطرة أوكرانيا وموانئ أخرى، ثم أبحرت باتجاه مضيق البوسفور، وهو القرار الذي ترفضه روسيا حتى الآن. 

ولكن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يشكك في إمكانية أن تتم الموافقة على مثل هذا القرار، ويقترح بدلاً من ذلك زيادة كبيرة في صادرات الحبوب من الموانئ الرومانية.

وتابعت الصحيفة: "فيما تروّج تركيا الآن لخيار إنشاء طرق آمنة من ثلاثة موانئ أوكرانية، وذلك على الرغم من عدم إزالة الألغام من هذه الموانئ، التي كان من المفترض في السابق إزالة أكثر من 400 لغم منها، ولكن أوكرانيا تشعر بالحذر من السماح للسفن الروسية بدخول موانئها ما لم تحصل على ضمانات أمنية قوية من الأمم المتحدة عما إذا كانت موسكو ستشن هجوماً مفاجئاً" على أراضيها.

ومن جانبه، شكك عضو فريق المفاوضين الأوكرانيين، ديفيد أراخاميا، في هذه الخطة، وقال: "يعارض جنودنا هذا الاقتراح، ولذا فإن لدينا تفاؤلاً محدوداً للغاية بشأنه".

وأوضحت الصحيفة أن الأمر سيستغرق أسبوعين لإزالة الألغام من الموانئ الأوكرانية، كما أنه بعد ذلك سيكون من الضروري تفريغ الصوامع قبل شهر سبتمبر، وهو الموعد الذي يتم فيه إدخال الحصاد الجديد فيها.

"نقطة اتصال"

ويحث ماكرون، الذي زار رومانيا الأسبوع الماضي، على مضاعفة الطرق البرية والسكك الحديدية المؤدية إلى ميناء "كونستانتا" الروماني الضخم، والذي يقع على بُعد أكثر من 450 كيلومتراً جنوب أوديسا. 

وقال: "تقع أوديسا على بُعد عشرات الكيلومترات من رومانيا، التي سنتمكن من خلالها من الوصول إلى نهر الدانوب والسكك الحديدية، فنحن بصدد إنشاء نقطة اتصال يمكننا من خلالها تصدير هذه الحبوب بقوة وسرعة أكبر وعلى نطاق واسع مما نفعله اليوم".

كما اقترح الرئيس الأميركي جو بايدن بناء صوامع إضافية على الحدود البولندية، في محاولة لمنع روسيا من الاستيلاء على الحبوب.

ويتم تصدير معظم المواد الغذائية التي تنتجها أوكرانيا، وهي إحدى سلال الخبز في العالم، من سبعة موانئ تقع على البحر الأسود. 

ووفقاً لبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، فإنه في الأشهر الثمانية التي سبقت اندلاع الحرب مر عبر هذه الموانئ نحو 51 مليون طن من الحبوب، كما كانت تبلغ قيمة التجارة في أوكرانيا 47 مليار دولار سنوياً.  

وحسب أحد التقديرات الأوكرانية، فإنه يمكن نقل 20% فقط من الصادرات الأوكرانية في الوقت الحالي، والتي يتم شحنها عادةً عبر موانئ البحر الأسود، عن طريق السكك الحديدية إلى موانئ البلطيق، وذلك في الوقت الذي ارتفعت فيه تكلفة النقل البري خمسة أضعاف عن العام الماضي.

تصنيفات