محققون أوروبيون إلى لبنان.. والقضاء يدعوهم لـ"التقيد بالأصول"

time reading iconدقائق القراءة - 5
حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في حديث لـ"الشرق" - "الشرق"
حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في حديث لـ"الشرق" - "الشرق"
بيروت- عماد عاصي

قال مرجع قضائي بارز لـ"الشرق" إنَّ القضاء اللبناني "لم يرفض التعامل مع الوفود القضائية الأوروبية المنتظر وصولها إلى لبنان"، مشيراً إلى أنَّ بيروت طالبت هذه الوفود بـ"التقيُّد بالأصول التي تنصُّ عليها اتفاقيات التعاون القضائي".

ويترقَّب لبنان وصول وفود قضائية من ألمانيا ولوكسمبورغ وفرنسا بدءاً من 9 يناير الجاري، للتحقيق حول ملفات مالية تتعلق بتحويلات مالية من لبنان.

وأوضح المرجع القضائي الذي رفض ذكر اسمه، أنَّ "لبنان كان متعاوناً في المرحلة السابقة مع كلِّ الطلبات التي وردته من أوروبا حول الشبهات التي يحقق بشأنها عن مصادر أموال حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ومبالغ أخرى محوَّلة من لبنان إلى المصارف الأوروبية، وزوَّد المراجع هناك بكل المعلومات اللازمة".

لكن المرجع لفت إلى أنَّ "القضاء طلب من الوفود الأوروبية التقيُّد بالأصول القانونية التي تنص عليها اتفاقيات التعاون القضائي مع كلٍّ من فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ، حتى تعطي التحقيقات النتائج التي يتوخَّاها الجانب الأوروبي".

"طريقة الأوروبيين لا تعطي نتيجة"

واعتبر المرجع أنَّ "الطريقة المتبعة من قبل الأوروبيين لا تعطي نتيجة، إذ لم يحددوا مواعيد الاستجوابات ومكانها، ولا كيفية إبلاغ المطلوب استجوابهم بمواعيد الجلسات".

وأضاف: "لا يمكن خلال 10 أيام استجواب 30 شخصاً من كبار المصرفيين، بما فيهم حاكم البنك المركزي ونوابه"، لافتاً إلى أنه "في الجريمة المشهودة يستغرق التحقيق بضعة أشهر، فكيف الحال في القضايا المالية المعقَّدة والعصية على الحل، والتي تحتاج إلى خبرات وعمليات تدقيق ومراسلات وغيرها؟".

وأشار المرجع إلى أنَّ لبنان "لم يتبلَّغ حتى الساعة بأي تعديلات على مواعيد زيارات الوفود القضائية، ولا تعديلات في برنامج عملها".

وكانت السلطات القضائية اللبنانية قد بُلّغت في السابع والعشرين من الشهر الماضي، أنَّ محققين أجانب سيتوجهون إلى بيروت، لإجراء تحقيق في الملفات المالية العائدة لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة وآخرين.

وأوضح مصدر قضائي لبناني لـ"الشرق"، أنَّ "وفوداً قضائية من ألمانيا ولوكسمبورغ وفرنسا، تضمّ مدعين عامين وقضاة تحقيق ومدعين عامين ماليين، وربما رؤساء محاكم وضباطاً من الشرطة، ستصل إلى بيروت على دفعات بدءاً من التاسع من يناير حتى العشرين منه، وذلك لإجراء تحقيقات في الملفات المالية العالقة أمامها والمتعلّقة بتحويلات مالية من لبنان إلى مصارف الدول المذكورة".

وقال المصدر إن القضاة الأجانب "أبلغوا النائب العام التمييزي في لبنان، أنهم بصدد التحقيق مع رياض سلامة ومسؤولين في مصرف لبنان ومديري مصارف تجارية بالملفات الموجودة لديهم".

"سابقة غير معهودة"

وأثار هذا الإجراء استغراب المراجع القضائية اللبنانية وفق المصدر نفسه، باعتبار أن "الوفود القضائية الأوروبية لم تطلب مساعدة القضاة اللبنانيين المعنيين بالملفات المالية، بل جلُّ ما فعلوه هو إخطار لبنان بمواعيد وصول الوفود وتاريخ الاستجوابات التي سيجرونها، وأسماء الذين سيخضعون للتحقيق".

واعتبرت المراجع أنَّ "هذا التطور يشكل سابقة غير معهودة، لأن القانون اللبناني لا يجيز لسلطة أجنبية أن تحقق على الأراضي اللبنانية، وربما ينسحب لاحقاً على ملفات أخرى مثل التحقيق بانفجار المرفأ وحادثة مقتل الجندي الإيرلندي".

وفي 28 مارس 2022، أعلنت وحدة التعاون القضائي الأوروبية "يوروجاست" أنَّ فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ جمدت 120 مليون يورو من الأصول اللبنانية، إثر تحقيق استهدف سلامة وأربعة من المقربين منه بتهم تبييض أموال و"اختلاس أموال عامة في لبنان بقيمة أكثر من 330 مليون دولار و5 ملايين يورو على التوالي، بين 2002 و2021".

وفي لبنان، يواجه سلامة قضايا عدة، بينها تحقيق محلي بشأن ثروته بناء على التحقيق السويسري، إلا أنها لم تصل إلى أي نتيجة.

ورغم الشكاوى والاستدعاءات والتحقيقات ومنع السفر الصادر بحقه في لبنان، لا يزال سلامة في منصبه الذي يشغله منذ عام 1993، ما جعله أحد أطول حكام المصارف المركزية عهداً في العالم. ومن المفترض أن تنتهي ولايته في مايو 2023.

ومنذ بدء الانهيار الاقتصادي في 2019 وفقدان الليرة اللبنانية أكثر من 95% من قيمتها، يتعرض سلامة لانتقادات حادة لسياساته النقدية باعتبار أنها راكمت الديون، لكنه دافع مراراً عن نفسه قائلاً إن المصرف المركزي "موَّل الدولة، ولكنه لم يصرف الأموال"، محملاً المسؤولين السياسيين مسؤولية الانهيار.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات