أفادت تقارير إعلامية بتزايد حوادث الكراهية ضد المواطنين الصينيين العالقين في أوكرانيا، على خلفية امتناع بكين عن إدانة الغزو الروسي لأوكرانيا.
ونقلت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية عن وانغ، وهي طالبة صينية في جامعة كييف القول: "أشعر بالخوف في كل مرة أجد نفسي مضطرة للذهاب إلى الملجأ.. لقد أصبح السكان المحليون في أوكرانيا الآن عدائيين تجاهنا".
وأضافت أنها كانت تحتمي مع الأوكرانيين في بداية الغزو من القصف الروسي على كييف، قبل أن تستدرك: "لكن هذا الأمر أصبح الآن غير مريح على الإطلاق".
وبحسب الصحيفة البريطانية، فإن رفض بكين انتقاد الغزو الروسي لأوكرانيا، إضافة إلى موجة سخرية من أوكرانيا، وحملة تمجيد للقوة العسكرية الروسية التي سادت وسائل التواصل الاجتماعي الصينية، ساهمت في تغيير مشاعر الأوكرانيين تجاه مواطني الصين.
أحداث متزايدة
ومنذ الجمعة الماضية، أفاد عدد متزايد من الصينيين الذين يعيشون في أوكرانيا بتعرضهم لحوادث كراهية من قبل أوكرانيين، وذكر البعض أنهم تعرضوا للاعتداء فعلياً.
في مقطع فيديو نشرته محطة "سي جي تي إن" الحكومية، قالت طالبة صينية في أوكرانيا، قدمتها المحطة باسم "شو شيانغوي"، إن مجموعة من الأوكرانيين لاحقتها في الشارع، حتى دخلت أحد الأسواق المركزية، حيث قاموا بتهديدها.
وذكرت شيانغوي أن إحدى معارفها التي تعمل في مطعم صيني "تعرضت كذلك للقذف والسب أثناء شرائها السجائر في عطلة نهاية الأسبوع".
"يحدث هذا نتيجة عدم إدانة بكين للغزو الروسي لأوكرانيا"، وفقاً لما كتبته إحدى مستخدمات الإنترنت، تحت اسم "تيانيا"، في تعليقها على فيديو شيانغوي على موقع التدوينات القصيرة الصيني "ويبو".
وفي تعليق آخر، كتب أحدهم: "توقفوا عن إهانة الأوكرانيين، فنحن هنا في أوكرانيا ندفع الثمن"، حسبما أوردت "فاينانشال تايمز".
ووفق الصحيفة، جاءت تقارير موجة العداء تجاه الصينيين في أوكرانيا في أعقاب انتشار "نكات مهينة للأوكرانيين" على مواقع التواصل الاجتماعي الصينية، الأسبوع الماضي.
بكين تحذر من"لفت الانتباه"
وفي أعقاب سلسلة حوادث ضد صينيين، تقوم بكين حالياً بإجلاء مواطنيها من أوكرانيا على وجه السرعة، إذ تم نقل أول 600 شخص إلى مولدوفا، الاثنين، وفقاً لما ذكرته وسائل الإعلام الحكومية الصينية. ووانغ واحدة من 1000 صيني ينتظرون الإجلاء إلى سلوفاكيا وبولندا الثلاثاء.
والأسبوع الماضي، أوصت السفارة الصينية في كييف، بشكل أولي، المواطنين الصينيين في أوكرانيا بالمحافظة على سلامتهم "بإظهار العلم الصيني". لكنها عدّلت توجيهاتها في عطلة نهاية الأسبوع حيث طلبت من رعاياها "عدم لفت الأنظار".
وقالت السفارة في رسالة على تطبيق "وي شات" (WeChat)، في وقت مبكر السبت: "لا تكشفوا عن هوياتكم، أو تعرضوا لافتات تعريفية".
وقال أحد مستخدمي الإنترنت على منصة تواصل اجتماعي صينية، إنه "أصبح أكثر أماناً الآن بأن تدعي أنك ياباني".
خسائر "طويلة الأمد"
ونقلت الصحيفة عن مراقبين قولهم، إنه "حتى إذا تمكنت الصين من إعادة مواطنيها بأمان إلى الوطن، فمن المرجح أن تتكبد خسائر طويلة الأمد في ما يتعلق بعلاقتها مع أوكرانيا، وحضورها في المنطقة بوجه عام، جراء دعمها الخفي للحرب الروسية".
في هذا السياق قال يوري بويتا، الخبير في العلاقات الأوكرانية الصينية في مركز دراسات الجيوش والتحول ونزع السلاح في كييف، لـ "فاينانشال تايمز": "إننا نتفهم تماماً أن الصين تدعم روسيا على نحو ما. إنهم لا يعلنون رسمياً أنهم يدعمون العدوان الروسي على أوكرانيا، لكنهم يفعلون ذلك في خطابهم".
وأضاف: "الناس هنا ليس لديهم وقت كاف الآن لقراءة الكثير حول هذا الأمر لأنهم يقاتلون، لكنهم سيأخذون في الاعتبار تلك النكات القاسية التي يطلقها الصينيون، وسلوك الحكومة الصينية".
تهديد لـ"الشراكة الاستراتيجية"
هذه الرؤية تقوض علاقة رفعتها الصين إلى مصاف "الشراكة الاستراتيجية"، وكانت تأمل في أن تستخدمها لتوسيع نطاق محورها الاقتصادي في أوروبا، في ظل ارتفاع حجم التجارة الثنائية بين الصين والقارة العجوز إلى 18.9 مليار دولار، في العام الماضي.
في هذا السياق، قال تشاو مينغ وين، الدبلوماسي الصيني السابق، والخبير في العلاقات بين الصين وأوروبا الشرقية، في مركز أبحاث تدعمه وزارة الخارجية، لـ "فاينانشال تايمز": "كان هناك تفاؤل كبير في ما يتعلق بمستقبل العلاقات (بين الصين وأوروبا)".
وأضاف: "لقد سجلت التجارة بين الصين وأوروبا الشرقية العام الماضي، أعلى معدلاتها منذ 1991، ولا تزال تنمو بنسبة تصل إلى 40%".
فمنذ 2013، استثمرت الشركات الصينية المملوكة للدولة في مزارع تربية الخنازير، وإنتاج العلف، ومشروعات البنية التحتية الخاصة بالتصدير ذات الصلة في أوكرانيا، وأصبحت أوكرانيا أكبر مصدر لواردات الذرة الصينية.
وقالت إليزابيث ويشنيك، المحللة المتخصصة في العلاقات الصينية الأوكرانية، في مركز أبحاث "سي إن إيه"، في واشنطن، لـ "فاينانشال تايمز"، إن "أوكرانيا تقع في وسط ممر يؤدي إلى أوروبا، وهي دولة كبيرة كانت مهتمة بالتعامل مع الصين"، مضيفة: "الآن، ستتغير علاقة الصين بأوكرانيا".