أعلنت المدعية العامة في مدغشقر، الخميس، إحباط محاولة لاغتيال الرئيس أندري راجولينا، مشيرة إلى اعتقال متهمين محليين وأجانب.
ووَرَدَ في بيان أصدرته المدعية العامة في محكمة الاستئناف، برتين رازافياريفوني، "بحسب الأدلة التي بحوزتنا، فإن هؤلاء الأفراد أعدّوا خطة لتصفية أشخاص وتحييدهم، من بينهم رئيس الدولة".
وأضاف البيان أن التحقيقات جارية، فيما لم يتم تحديد جنسية الرعايا الأجانب، حسبما أفادت رويترز.
وزير الأمن العام في البلاد، أعلن اعتقال 6 أشخاص، هم أجنبي واثنان يحملان جنسيتين أجنبيتين، وثلاثة من مواطني مدغشقر. وأضاف أن "لدى الشرطة معلومات منذ أشهر، ولكن سنحت الآن الفرصة لاعتقالهم".
اعتقال فرنسيينِ
ونقلت وكالة "فرانس برس" عن مصادر دبلوماسية أن بين الموقوفين فرنسيينِ، في إطار "تحقيق بشأن تقويض أمن الدولة".
وأشارت "إذاعة فرنسا الدولية" إلى اعتقال الفرنسيين، مساء الثلاثاء، مضيفة أنهما لا يزالان موقوفين مع زوجتيهما. وتابعت أن المدعية العامة ذكرت أن لدى المحققين أدلة ملموسة تثبت أن بول رافانوهارانا وهو فرنسي - ملغاشي، والفرنسي فيليب فرانسوا، أعدا خططاً لاغتيال "شخصيات سياسية بارزة"، من بينها رئيس الجمهورية.
وذكرت الإذاعة أن فيليب فرانسوا كان رئيساً لصندوق استثمار، أما رافانوهارانا فهو مستشار للمونسنيور أودون، رئيس أساقفة أنتاناناريفو. وتحدثت عن تداول اسم رافانوهارانا أخيراً لتولّي رئاسة الحكومة مستقبلاً، إذا أُجري تعديل وزاري.
وأشارت الإذاعة إلى أن عشرات المسلحين اعتقلوا رافانوهارانا في منزله مساء الثلاثاء، فيما أوقف فيليب فرانسوا في صالة المغادرة بمطار إيفاتو، حيث كان على وشك المغادرة إلى فرنسا.
اضطرابات سياسية
وأفادت "رويترز" بأن راجولينا أدى اليمين الدستورية رئيساً للجزيرة الواقعة في المحيط الهندي، عام 2019، بعد انتخابات شهدت منافسة قوية وطعناً أمام المحكمة الدستورية من منافسه.
وذكرت "هيئة الإذاعة البريطانية" (بي بي سي) أن راجولينا، وهو رجل أعمال، أنهى عقداً من اضطرابات سياسية بدأت مع الإطاحة بالرئيس مارك رافالومانانا عام 2009. وأضافت أن الخلاف بين الرجلين بلغ ذروته ذاك العام، بعدما أقال رافالومانانا راجولينا من منصب رئيس بلدية العاصمة أنتاناناريفو.
وتابعت أن راجولينا قاد ثورة شعبية وعسكرية دفعت الرئيس إلى المنفى. وحكم راجولينا بوصفه رئيساً لسلطة مؤقتة واجهت صعوبات مع العقوبات الدولية، حتى عام 2014، عندما أسفرت تسوية بين معسكرات سياسية متنافسة عن تنازله عن السلطة للرئيس المنتخب هيري راجاوناريمامبيانينا، ثم هزم راجولينا راجاوناريمامبيانينا ورافالومانانا، في انتخابات رئاسية نُظمت أواخر عام 2018.
احتجاجات للمعارضة
وأشارت "إذاعة فرنسا الدولية" إلى أن المعارضة في مدغشقر احتجت على قانون متعلّق بوضعها، أقرته المحكمة الدستورية العليا هذا الشهر. وينصّ القانون على وجوب أن تكون المعارضة برلمانية، ويعني ذلك أن على زعيم المعارضة أن يكون نائباً كي تعترف به السلطات، علماً أنه كان يمكن أن يأتي سابقاً من المجتمع المدني.
واعتبرت الإذاعة أن القانون "يقلّص صلاحيات" زعيم المعارضة. ونقلت عن توافينا رالمبوماهاي، معدّ كتاب بعنوان "قانون وضع المعارضة"، أن الملغاشيين "لا يجرؤون على إعلان معارضتهم رسمياً، إذ إن ذلك يعني أن يهمّش المرء نفسه في المجتمع، وحرمانه من فرص تولّي مناصب حكومية".
وفي فبراير الماضي، حظرت الشرطة في مدغشقر كل التجمعات السياسية في العاصمة أنتاناناريفو، قبل احتجاجات خططت لها المعارضة، في ظل مخاوف متزايدة في البلاد بشأن معدل البطالة ووضع الاقتصاد، وفق "بي بي سي". وطالب نواب بسحب قوات الأمن المنتشرة خارج منزل رافالومانانا، والسماح بتشغيل شبكة إذاعية وتلفزيونية يملكها الرئيس السابق.
وشهد جنوب مدغشقر تظاهرات نظمها طلاب الشهر الماضي، مطالبين بمِنَحهم الدراسية غير المدفوعة منذ 9 أشهر، مما أسفر عن مقتل طالب وإصابة آخر بجروح خطرة، وفق "إذاعة فرنسا الدولية". ودفعت السلطات لاحقاً 4 أشهر من متأخرات المنحة، علماً أنها تتراوح بين 6 و7 يورو شهرياً. ونددت وزارة التعليم العالي بمناورة سياسية، ودانت "أي شكل من استغلال الطلاب بهدف زعزعة حياة الأمة".
"حافة مجاعة"
وتعاني مدغشقر من أزمة إنسانية، إذ أعلن "برنامج الغذاء العالمي" أن ثمة مناطق في البلاد على شفير مجاعة، حيث يسير أطفال ونساء ساعات للحصول على طعام، بعد أسوأ موجة جفاف منذ 4 عقود في جنوب الجزيرة، وفق "رويترز".
وقال ديفيد بيزلي، المدير التنفيذي للبرنامج: "كان هناك موجات جفاف متتالية في مدغشقر، دفعت بمناطق إلى حافة مجاعة. العائلات تعاني والناس يموتون من الجوع الشديد. تعيش عائلات على ثمار الصبار الأحمر الخام، وأوراق برية والجراد منذ شهور".
وأعرب بيزلي عن صدمته مما رآه في جنوب مدغشقر، متحدثاً عن أطفال كانوا مجرد جلود وعظام، وأسر تأكل الطين، واصفاً الأمر بأنه مأساة صامتة في مكان منسي، نتيجة الاحتباس الحراري. ورأى أن على الدول الغنية واجباً أخلاقياً بمساعدة هؤلاء، بحسب "بي بي سي".
تقع مدغشقر قبالة الساحل الجنوبي الشرقي لإفريقيا، وهي رابع أكبر جزيرة في العالم، ويقطنها 25 مليون فرد، ونالت استقلالها عن فرنسا عام 1960.
يستند الاقتصاد الملغاشي إلى زراعة الأرز غير المقشور والقهوة والفانيليا والقرنفل. ورغم ثرواتها من الموارد الطبيعية وصناعة السياحة، نتيجة بيئتها الفريدة، لا تزال البلاد واحدة من أفقر دول العالم، وتعتمد بشكل كبير على المساعدات الخارجية، وفق "بي بي سي".
اقرأ أيضاً: