قبل قمة بايدن وبوتين.. لقاء تاريخي احتضنته جنيف منذ 36 عاماً

time reading iconدقائق القراءة - 6
جانب من لقاء الرئيس الأميركي رونالد ريغان والزعيم السوفياتي ميخائيل غورباتشوف في جنيف- 21 نوفمبر 1985 - REUTERS
جانب من لقاء الرئيس الأميركي رونالد ريغان والزعيم السوفياتي ميخائيل غورباتشوف في جنيف- 21 نوفمبر 1985 - REUTERS
جنيف- أ ف ب

يعيد لقاء الرئيس الأميركي جو بايدن بنظيره الروسي فلاديمر بوتين الأربعاء في القمة الأولى بينهما بجنيف، إلى الأذهان لقاءً تاريخياً آخر قبل 36 عاماً استضافته المدينة السويسرية في أجواء قريبة من التوتر الذي يسود العلاقات بين البلدين هذه الأيام.

واحتضنت جنيف في شهر نوفمبر من العام 1985 قمة تاريخية بين الرئيس الأميركي رونالد ريغان والزعيم السوفياتي ميخائيل غورباتشوف، بهدف تهدئة التوترات بين البلدين أيضاً.

ويذكر المراسل السابق لوكالة "فرانس برس" ديدييه لابيروني، بأن "الأجواء كانت هادئة خلال قمة 1985، وجاء الناس لكي ينسوا الحرب الباردة. كل منهم حضر ملفه لإثارة إعجاب المعسكر المقابل. في الوقت نفسه كنا جميعاً ندرك أنها لحظة تاريخية".

لكن الأمور بدأت بشكل سيئ. بسبب البرد القارس آنذاك في جنيف وقبل لحظات قليلة من وصول رئيس الولايات المتحدة إلى أحد مواقع القمة، أغمي على جندي مكلف بأداء تحية الشرف.

وقبل 6 سنوات على انهيار الاتحاد السوفياتي، كان هدف قمة جنيف عام 1985 التي استمرت 3 أيام وقام بتغطيتها 3500 صحافي، يكمن في خفض التسلح بين القوتين العظميين في ذلك الوقت على أمل بدء علاقات أفضل بين الشرق والغرب.

مصافحة تاريخية

ويستذكر الصحافي نيكولا برجي الذي غطى لوكالة "فرانس برس"، وصول الرئيس الأميركي وزوجته نانسي إلى مطار جنيف "الفرح" الذي كان سائداً آنذاك قائلاً: "كان هناك نوع من ارتياح عام".

وبالنسبة لبرجي تبقى إحدى الصور الراسخة هي صورة ريغان وغورباتشوف وهما يبتسمان ويتحدثان قرب مدفأة وكأنهما صديقان.

وانعكس ذلك أيضاً خلال اللقاء بين السيدتين الأوليين نانسي ورايسا اللتين كانتا تتبادلان الحديث أيضاً أثناء تناول الشاي أمام أنظار المصورين.

وتقول مراسلة وكالة "فرانس برس" ماري-نويل بليسيغ التي كلفت بتغطية برنامج السيدتين الأوليين بأنها رأت زوجة غورباتشوف تأتي إلى مقر الأمم المتحدة في جنيف "لتحية موظفي الأمم المتحدة حيث قوبلت بتصفيق حار".

وفي إشارة أخرى على هذا الارتياح في الأجواء، حصلت أول مصافحة واستمرت لـ7 ثوان بين ريغان وغورباتشوف أمام فيلا فلور دو، المبنى الذي يعود إلى نهاية القرن التاسع عشر والواقع على ضفة بحيرة ليمان. وهو حالياً معروض للبيع.

وجرى الحدث أمام الكاميرات والعديد من الصحافيين الذين كانوا ينتظرون لفترة طويلة في الحديقة وسط الصقيع.

"تعتيم تام"

وبما أن الأميركيين اختاروا هذه الفيلا الكبيرة كمقر لهم، فقد وصل ريغان أولاً لاستقبال غورباتشوف "في مظهر لياقة" كما يروي كلود سمادجا نائب رئيس التحرير السابق للتلفزيون السويسري "تي أس آر" الذي عاش هذه اللحظة التاريخية.

وقال سمادجا: "على الفور ظهر الطابع الأميركي جداً، الكاليفورني لريغان وهو يصافح غورباتشوف ثم يضع يده الأخرى على كتفه لكي يدخل إلى القاعة، مع تبادل الابتسامات. أراد الاثنان أن يظهرا مرتاحين كثيراً".

وعندما وصل الزعيم السوفياتي أدركت كريستيان بيرتيوم التي كانت تعمل لدى إذاعة كندا قبل أن تصبح متحدثة باسم وكالات الأمم المتحدة، ما في الأمر: "لم يطرح أي صحافي أسئلة عليه عند خروجه من السيارة. لقد تركنا غير قادرين على الكلام. كان ذلك مثيراً للإعجاب وشكل إشارة على أن الحرب الباردة وهي فترة كانت تتسم بالخوف، تنتهي".

 وفي دليل على المخاطر، قرر الوفدان الأميركي والسوفياتي فرض "تعتيم تام" على المعلومات للصحافة حتى نهاية القمة.

ويضيف كلود سمادجا الذي كان أيضاً المدير العام للمنتدى الاقتصادي العالمي: "في الواقع، على الرغم من الأجواء الطيبة، فإن أول تواصل كان صعباً جداً لأن مواقف الطرفين متباعدة كثيراً". 

دور سويسرا

كانت سويسرا تدرك تماماً الفجوة بين القوتين، لدرجة أن والتر فوست المساعد الشخصي للرئيس السويسري كورت فورغلر عام 1985 ، اضطر لكتابة "خطابي استقبال مختلفين للأخذ بالاعتبار الثقافتين المختلفتين".

وأوضح لوكالة "فرانس برس"، أن الاختلاف كان واضحاً أيضاً في تصرف الوفود. وقال: "المشاركون الروس وصلوا بانضباط كبير، كان الأميركيون أقل انضباطاً في الاصطفاف بحسب ترتيب البروتوكول واتباع التعليمات".

وأضاف أن نانسي ريغان أصرت من جانب آخر على استبدال زجاجات المياه المعدنية بزجاجات أميركية وعلى أن يتذوق شخص يحظى بالثقة الأطباق قبل تقديمها.