الجزائر تستضيف حواراً فلسطينياً.. والتوقعات "غير متفائلة"

time reading iconدقائق القراءة - 8
لقاء سابق بين الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ونظيره الفلسطيني محمود عباس ورئيس المكتب السياسي في حركة "حماس" إسماعيل هنية في الجزائر. 6 يوليو 2022 - facebook.com/AlgerianPresidency
لقاء سابق بين الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ونظيره الفلسطيني محمود عباس ورئيس المكتب السياسي في حركة "حماس" إسماعيل هنية في الجزائر. 6 يوليو 2022 - facebook.com/AlgerianPresidency
رام الله- محمد دراغمة

تستضيف الجزائر، وفدين من حركتي "فتح" و"حماس" الفلسطينيتين لبحث فرص المصالحة وإنهاء الانقسام، يعقبه لقاء وطني يجمع مختلف الفصائل الفلسطينية، في الأسبوع الأول من أكتوبر المقبل، لكن التوقعات بشأن نتائجه "غير متفائلة".

ويترأس وفد حركة "فتح" في هذه اللقاءات التي بدأت، الثلاثاء، نائب رئيس الحركة محمود العالول، فيما يترأس وفد حركة "حماس" عضو المكتب السياسي في الحركة، خليل الحية.

وقال أعضاء في الوفدين لـ"الشرق"، إن المبادرة الجزائرية "تحظى بتقدير عال من قبلهم، لما لفلسطين من مكانة استثنائية عند الجزائرين، لكن نجاحها يتطلب قراراً فلسطينياً"، مشيرين إلى "الحجم الكبير من الخلافات والعقبات التي جعلت من المصالحة وإنهاء الانقسام مهمة بالغة الصعوبة وغير واقعية حتى اليوم".

وظهرت بوادر الانقسام الفلسطيني عقب الانتخابات البرلمانية عام 2006 التي فازت فيها حركة "حماس" بأغلبية مقاعد البرلمان، وشكلت حكومة تعرضت لصعوبات مالية كبيرة جراء توقف الدعم الدولي، وقيام إسرائيل بتجميد تحويل الإيرادات الجمركية لها، ما تركها عاجزة عن دفع رواتب الموظفين وتقديم الخدمات الأساسية للمواطنين.

وفي عام 2007 قامت حركة "حماس" بما أسمته "الحسم العسكري"، سيطرت فيه بالقوة المسلحة على السلطة في قطاع غزة، وذلك إثر تصاعد الخلافات والاشتباكات بين الجانبين.

مبادرات توحيد الصفوف

اتفاق القاهرة الأول

وجاءت المبادرة الأولى لتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية، قبل وقوع الانقسام، في حوار وطني في القاهرة في عام 2005، جرى خلاله الاتفاق على انضمام حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" إلى منظمة التحرير الفلسطينية، وتشكيل مجلس وطني يمثل الكل الفلسطيني والمشاركة في الانتخابات العامة.

وثيقة الوفاق الوطني

وبعد تصاعد الخلافات بين حركتي "فتح" و"حماس" اللتين تشكلان قطبي السياسية الفلسطينية، عقب الانتخابات التشريعية عام 2006، قدم قادة الأسرى، من مختلف الفصائل، مبادرة للوحدة الوطنية حملت اسم "وثيقة الوفاق الوطني".

ونصت الوثيقة على برنامج سياسي مشترك لمختلف القوى الفلسطينية يقوم على العمل من أجل إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، وتشكيل حكومة وحدة وطنية تضم مختلف الكتل البرلمانية في المجلس التشريعي.

اتفاق مكة

واستضافت المملكة العربية السعودية حواراً بين حركتي "فتح" و"حماس" في مكة المكرمة في فبراير 2007، تمخض عنه اتفاق وطني حمل اسم "اتفاق مكة". 

وشكلت عقب الاتفاق حكومة وفاق وطني، ما سمح باستئناف تحويل الإيرادات الجمركية من إسرائيل، وعودة جزء من المساعدات الخارجية، خاصة من الدول العربية، وفي مقدمتها السعودية.

لكن الاتفاق سرعان ما انهار عندما قامت "حماس" بعد عدة شهور بالسيطرة على مؤسسات السلطة في قطاع غزة بالقوة المسلحة، وأعقب ذلك قيام السلطة الفلسطينية في رام الله بتشكيل حكومة بديلة، قادها الاقتصادي المستقل سلام فياض.

وشكلت الحكومة الجديدة واقعاً سياسياً وديمغرافياً جديداً في فلسطين حمل اسم "الانقسام"، والذي أدارت بموجبه حركة "حماس" قطاع غزة، فيما أدارت السلطة الفلسطينية التي تقودها حركة "فتح" الضفة الغربية.

اتفاق صنعاء

واستضاف اليمن في العام التالي 2008 لقاء بين وفد من حركتي "فتح" ترأسه عضو اللجنة المركزية للحركة عزام الأحمد، ووفد من حركة "حماس" ترأسه عضو المكتب السياسي للحركة موسى أبو مرزوق، جرى فيه التوصل إلى اتفاق لإنهاء الانقسام أطلق عليه "اتفاق صنعاء".

ونص الاتفاق الذي وقع برعاية الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح على "التأكيد على وحدة الوطن أرضاً وشعباً وسلطة" وعلى استئناف الحوار لإنهاء الانقسام، وإعادة الأوضاع في غزة إلى ما كانت عليه قبل استيلاء "حماس" على مؤسسات السلطة، لكن الحوار تعثر ولم يحقق أي تقدم.

اتفاق الشاطئ

وجرى في عام 2014 التوصل إلى اتفاق جديد خلال حوار وطني في غزة، أطلق عليه اسم "اتفاق الشاطئ".

ونص الاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية. لكنه سرعان ما انهار تحت وطأة الخلافات حول التطبيق، خاصة حول توحيد مؤسسات السلطة في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة.

اتفاقات القاهرة

واستضافت مصر سلسلة حوارات بين حركتي "فتح" و"حماس" جرى خلالها التوصل إلى عدة اتفاقات وتفاهمات للمصالحة وإنهاء الانقسام، لكنها انهارت قبل التطبيق.

وكان الاتفاق الأبرز في القاهرة عام 2009، وجرى خلاله اعتماد "وثيقة الوفاق الوطني الفلسطيني" أساساً للمصالحة وإنهاء الانقسام، تلا ذلك الاتفاق على تفاهمات جديدة بين الحركتين في عام 2011 لتطبيق الوثيقة المذكورة.

وفي عام 2017 جرى التوصل إلى اتفاق جديد للمصالحة في القاهرة، لكنه لم يصمد طويلاً.

تفاهمات إسطنبول

وتوصل وفدان من الحركتين في عام 2020 إلى اتفاق جديد في إسطنبول، نص على إجراء انتخابات للمجلس التشريعي يعقبها انتخابات للرئاسة ثم انتخابات للمجلس الوطني، لكن هذه التفاهمات انهارت بعد إلغاء الانتخابات في العام التالي، جراء عدم سماح إسرائيل بإجرائها في القدس.

أسباب للفشل

وسنّت السلطتان خلال سنوات الانقسام الطويلة هذه مئات القوانين المختلفة في المنطقين، وغيرت حركة "حماس" تركيبة مختلف المؤسسات الحكومية من أمنية ومدنية في غزة، وأعادت تشكيل المؤسسة القضائية والتشريعية، ما أضاف صعوبات جديدة أمام مهمة إنهاء الانقسام. 

كما أسست "حماس" و"الجهاد الإسلامي" وعدد آخر من الفصائل أجنحة عسكرية، راكمت قدرات عسكرية تشابه قدرات الدول، وتفوق بكثير قدرات السلطة الفلسطينية التي تقيد الاتفاقات مع إسرائيل حريتها في ذلك.

الكاتب هاني المصري الذي تابع مختلف فصول الحوارات الفلسطينية، عزا الإخفاق في تطبيق هذه الاتفاقات الكثيرة حتى اليوم إلى "عدم إيمان الطرفين بالشراكة السياسية". 

وقال المصري لـ"الشرق" إن "الرئيس محمود عباس يريد من حماس أن تكون ملحقاً بالمنظمة والسلطة وليس شريكاً، وحركة حماس تريد مواصلة السيطرة على قطاع غزة ومراكمة كل عناصر القوة هناك، ومشاركة فتح في المنظمة والسلطة".

وتوقع المصري أن يلاقي حوار الجزائر "المصير نفسه الذي لاقته الحوارات الفلسطينية السابقة"، بسبب "غياب القرار، وغياب الرغبة في الشراكة السياسية، وتمتع كلا الجانبين بالراحة في التفرد في الحكم دون منافس أو شريك".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات