جوتيريش قلق من حرب باردة جديدة وفشل العالم أمام كورونا

time reading iconدقائق القراءة - 8
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش - REUTERS
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش - REUTERS
دبي -الشرق

حذر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، من احتمالات اندلاع حرب باردة جديدة أكثر خطراً بين الولايات المتحدة والصين، وقرع في حوار مع وكالة أسوشيتدبرس نشرت الاثنين، أجراس الخطر من فشل العالم في التعامل مع جائحة كورونا والتغير المناخي.

وناشد جوتيريش الولايات المتحدة والصين، إصلاح علاقتهما "المتصدعة تماماً" قبل أن تمتد المشكلات الموجودة بينهما إلى بقية دول العالم. وشدد في سياق آخر على أن عدم العدالة في توزيع لقاحات كورونا "أمر غبي تماماً" مشيراً إلى أن 80% من سكان بلده البرتغال تلقوا اللقاح بينما أقل من 2% من سكان الدور الإفريقية تلقوه.

وتحدث جوتيريش لوكالة "أسوشيتد برس"، نهاية الأسبوع الماضي، قبل بدء الدورة السادسة والسبعين من الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي تستهل أعمالها الثلاثاء، في أجواء تشوبها مخاوف من جائحة كوفيد-19 والتغيرات المناخية والتوترات السائدة في جميع أنحاء العالم.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة، إن القوتين الاقتصاديتين الأكبر في العالم "يجب أن تتعاونا بشأن المناخ، وأن تتفاوضا على نطاق أوسع بشأن التجارة والتكنولوجيا"، حتى برغم الانقسامات السياسية المستمرة المتعلقة بحقوق الإنسان، والاقتصاد، والأمن السيبراني، والسيادة في بحر الصين الجنوبي.

وقال جوتيريش، "لسوء الحظ، ليس لدينا اليوم سوى المواجهات".

وأضاف: "نحن بحاجة إلى إعادة ترسيخ علاقة وظيفية فعالة بين القوتين الكبريين"، معتبراً ذلك "ضرورياً لمواجهة مشكلات التطعيم، والتغير المناخي، والعديد من التحديات العالمية الأخرى التي لا يمكن حلها من دون وجود علاقات بناءة بين أعضاء المجتمع الدولي، وبخاصة القوى العظمى".

الانقسام الأميركي الصيني

وحذر جوتيريش منذ عامين قادة العالم من خطر "الانقسام إلى شطرين"، حيث تقوم كل من الولايات المتحدة والصين بإنشاء شبكات إنترنت وعملة وتجارة وقواعد مالية متنافسة، إلى جانب "استراتيجيتهما الجيوسياسية والعسكرية الصفرية".

وكرر الأمين العام للأمم المتحدة هذا التحذير في مقابلته مع "أسوشيتد برس"، مضيفاً أن هاتين الحزمتين المتنافستين من الاستراتيجيات الجيوسياسية والعسكرية ستشكلان "خطراً داهما"، وستقودان العالم إلى "انقسام حاد". ودعا إلى ضرورة إصلاح هذه "العلاقة المتصدعة" "في أقرب وقت ممكن".

وأكد جوتيريش: "نحن بحاجة إلى تجنب التكاليف الباهظة للحرب الباردة، والتي ستكون مختلفة عن سابقتها، وربما أكثر خطورة وأصعب مراساً".

كانت ما يسمى بالحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتي وحلفائه في الكتلة الشرقية من جانب والولايات المتحدة وحلفائها الغربيين من جانب آخر بدأت بعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها مباشرة، وانتهت بانفراط عقد الاتحاد السوفيتي في 1991.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة إن الحرب الباردة الجديدة يمكن أن تكون "أشد خطراً" لأن التنافر السوفيتي الأميركي كان له "قواعد واضحة"، وكان الطرفان على دراية تامة بخطر التدمير النووي، ما أعاد إنتاج "قنوات ومنتديات ضمنت عدم خروج الأمور عن السيطرة".

وأردف: "أما اليوم، فقد بات كل شيء أكثر سيولة، وتوارت خبرات الماضي في إدارة هذه الأزمة كأنها لم تكن".

"لغز الغواصات المعقد"

ووصف جوتيريش الاتفاق الأميركي البريطاني بمنح أستراليا غواصات تعمل بالطاقة النووية حتى تتمكن من العمل في آسيا دون أن اكتشاف أمرها، بأنه "مجرد حلقة صغيرة في لغز أكثر تعقيداً"، معتبرا ذلك "خللاً تاما في العلاقة بين الصين والولايات المتحدة".

وتناول الأمين العام للأمم المتحدة أيضاً 3 قضايا رئيسية سيواجهها قادة العالم في غضون هذا الأسبوع، وهي أزمة المناخ المتفاقمة، والجائحة المستعرة، ومستقبل أفغانستان الغامض في ظل طالبان الجدد الذين استولوا على السلطة في البلاد في 15 أغسطس دون مقاومة.

ووصف جوتيريش الاعتقاد بأن تدخل الأمم المتحدة "سيكون قادراً فجأة على تشكيل حكومة شاملة، وضمان احترام جميع حقوق الإنسان، وتطهير أفغانستان من الإرهابيين وعدم عودتهم إليها، ووقف تهريب المخدرات" بأنه "ضرب من خيال". 

وإجمالاً، قال جوتيريش إن الولايات المتحدة ودولاً أخرى كثيرة كان لديها آلاف الجنود في أفغانستان، وأنفقت تريليونات الدولارات، ومع ذلك "لم تتمكن من حل مشكلاتها"، بل وقال البعض، وفقا للأمين العام للأمم المتحدة، إن الأوضاع هناك "باتت أكثر سوءاً".

لكنه أردف أنه برغم ما تتمتع به الأمم المتحدة من "قدرات محدودة ونفوذ ضئيل"، إلا أنها تمارس "دوراً مهما في جهود توصيل المساعدات الإنسانية إلى الشعب الأفغاني".

وأشار إلى أن الأمم المتحدة لفتت أيضا انتباه طالبان إلى أهمية تشكيل "حكومة شاملة" تحترم حقوق الإنسان، فيما يتعلق بحقوق المرأة والفتيات.

وأضاف الأمين العام للأمم المتحدة أنه "من الواضح أن هناك صراعاً على السلطة داخل مجموعات مختلفة في فلك القيادة الطالبانية"، لكنه أردف أن "الموقف لا يزال ملتبساً"، معتبرا ذلك "سبباً آخر يجب أن يدفع بالمجتمع الدولي إلى التواصل مع طالبان والعمل معها".

التزام بايدن

وبينما كان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب متمسكا بسياسة "أميركا أولاً"، أكد الرئيس جو بايدن، الذي سيظهر لأول مرة كرئيس في الاجتماع رفيع المستوى للجمعية العامة، الثلاثاء، التزام الولايات المتحدة تجاه المؤسسات متعددة الأطراف.

وقال جوتيريش لـ"أسوشيتد برس" إن التزام بايدن بالقيام بعمل عالمي بشأن المناخ، بما في ذلك العودة إلى اتفاقية باريس 2015، التي انسحب منها سلفه ترمب "ربما يكون الحدث الأهم على الإطلاق".

وأوضح أن هناك "بيئة مختلفة تماما في العلاقة" بين الأمم المتحدة وواشنطن بقيادة الرئيس بايدن، مستدركا: "فعلت كل شيء، وأنا فخور بذلك، للتحقق من أننا سنحافظ على علاقتنا الوظيفية بالولايات المتحدة في ظل إدارتها السابقة".

فشل على صعيدي كورونا والمناخ

وأعرب جوتيريش عن أسفه لفشل الدول في العمل معا لمعالجة أزمة الاحتباس الحراري العالمي، وضمان حصول الشعوب في جميع أرجاء العالم على جرعاتهم اللقاحية.

وعن جهود مواجهة كوفيد في العام الماضي، قال الأمين العام للأمم المتحدة لـ"أسوشيتد برس": "لم نتمكن من إحراز أي تقدم على مستوى التنسيق الفعال للجهود العالمية".

وعن المناخ، أوضح جوتيريش أنه "منذ عام مضى، كنا نشهد حركة أكثر وضوحاً في الاتجاه الصحيح، لكن هذه الحركة تباطأت مؤخراً، ومن ثم، فإننا بحاجة إلى إعادة تسريع وتيرتها مجدداً إذا كنا نريد حقاً تفادي وقوع كارثة".

وقال إنه "من غير المقبول تماما" أن 80% من السكان في وطنه البرتغال تم تطعيمهم، فيما لم يتم تطعيم سوى أقل من 2% من السكان في العديد من الدول الإفريقية.

وحذر من أن "هذا أمر غبي تماماً فيما يتعلق بهزيمة الفيروس، لكن إذا استمر الفيروس في الانتشار كالنار في الهشيم في نصف الكرة الجنوبي، فسيكون هناك المزيد من المتحورات"، مشدداً على: "إننا نعلم تماما أن الطفرات تجعل الفيروس أكثر قدرة على الانتقال، ومن ثم يصبح أشد خطراً". 

وحث الأمين العام للأمم المتحدة القوى الاقتصادية الكبرى الـ20 في العالم، "مجموعة العشرين"، على "تهيئة الظروف لتنفيذ خطة تطعيم عالمية". وقال إن مثل هذه الخطة يجب أن تجمع بين "الدول المنتجة للقاحات، والمؤسسات المالية الدولية، وشركات الأدوية" من أجل "مضاعفة الإنتاج وضمان التوزيع العادل".