المنقوشة والمانتي.. أكلات شعبية تنافس أطباق باريس الراقية

time reading iconدقائق القراءة - 4
زبائن يستمتعون بتناول وجبة غداء في أحد المطاعم في مدينة نيس بفرنسا. 19 مايو 2021 - REUTERS
زبائن يستمتعون بتناول وجبة غداء في أحد المطاعم في مدينة نيس بفرنسا. 19 مايو 2021 - REUTERS
باريس-أ ف ب

تخلت مطاعم فرنسية راقية خلال فترة الجائحة عن لائحة الأطباق التي درجت على تقديمها، وفضلت الاتجاه إلى توفير مأكولات بسيطة من أنحاء العالم تناسب الطلبات الخارجية، وشهدت إقبالاً كثيفاً من الفرنسيين، ومنها منقوشة الزعتر اللبنانية، والسو بيريك والمانتي من أرمينيا.

ووفر الشيف الحاصل على نجمة من "ميشلان" آلان الجعم، للباريسيين منقوشة الزعتر اللبنانية الشهيرة، مستوحياً من جذوره وذكريات طفولته، ونجح بواسطتها في استقطاب عدد كبير من الزبائن.

 وفي حديث لوكالة فرانس برس، قال الطاهي المولود في ليبيريا والذي نشأ في لبنان، قبل أن تدفعه الحرب الأهلية (1975-1990) إلى مغادرته: "عند بدء تفشي جائحة كورونا تلقيت صفعة، غيرت رؤيتي للطبخ، فأحياناً يتطلب الأمر أشياء بسيطة لإسعاد الناس".

وحين كان مطعمه الراقي والمصنف بنجمة مقفلاً خلال فترة الحَجر، وُلد مشروع "صاج" الذي يقدم المنقوشة بسعر 4.9 يورو. وتفوح رائحة الزعتر المسخن على الصاج، ويقدّمها الشيف مع اللبنة والمخللات النباتية.

ما يجعل الفرنسيين يُقبلون على المنقوشة أن تركيبة مكوّنات الزعتر الممزوج بزيت الزيتون، على بساطتها، توفّر نكهة غير معروفة في فرنسا، والسرّ يكمن أيضاً في العجين، الملائم تماماً لصيغة الوجبات الجاهزة، في حين أن الوصفة التقليدية مصممة لتؤكل على الفور، مثل البيتزا.

ولاحظ الطاهي الذي يرى في والدته "أول وآخر شيف" وتعلم التقنيات باستخدام كتب الطبخ الفرنسية، أن المنقوشة "بمكوناتها القليلة والطازجة والبسيطة والمحلية الصنع"، تحرّك مشاعر الزبون.

قيم جديدة

واللافت أن المشروع الذي كان من المفترض أن يكون "مؤقتاً"، ما زال يستقطب مزيداً من سكان العاصمة الفرنسية، ما يجعل الطاهي يفكر في توسيع المفهوم إلى أنواع أخرى، كالشاورما أو الفلافل، مع أنه يستعد لإعادة فتح مطعمه الذي يحمل اسمه والذي توجه "ميشلان" عام 2018.

وقال: "عملت للحفاظ على نجمتي، لكني أريد أيضاً أن أسعد الناس بطريقة مختلفة".

واعتمد ميخائيل بتروسيان نهجاً مماثلاً في عالم الكافيار الفاخر، إذ إن هذا الشيف الذي يمثل الجيل الثالث من عائلة تناقلت هذا المطبخ تاريخياً، علّق في أبريل المفهوم الأصلي لمطعمه العائلي الراقي في باريس، لتقديم الأطباق الروسية الأرمنية التي كانت جدته تطبخها.

ووضع بتروسيان أطباقاً مختلفة من معجنات التالياتيلي بصلصة الكافيار، وغابت عن مطعمه مفارش المائدة البيضاء والطاولات لشخصين، وحلت محلها الأطباق التي يتشارك في تناولها عدد من الأشخاص، ومنها "لازانيا" والملفوف الأبيض المتبل أو المحشو. 

وقال ميخائيل بتروسيان لوكالة فرانس برس: "لقد وجدنا أنفسنا جميعاً في قيم التشارُك هذه، وفي قيم الكرم التي لا تتماشى بالضرورة مع المأكولات الراقية التي كنا نقدمها سابقاً".

البسيط والرخيص

ويعتزم بتروسيان المضي في توفير هذا النوع من الأطباق "لمدة عام أو عامين"، ريثما تعود الأمور إلى طبيعتها بالكامل "مع عودة السائحين وزبائن الفنادق الكبيرة.

أما مطعم "مانكو" القريب من برج إيفل، وهو أحد أول المطاعم التي قدمت المأكولات البيروفية في باريس، فلا تزال طاولاته مقلوبة والأكواب مغطاة.

وبعدما وفّر خلال الجائحة وجبات جاهزة تتضمن السيفيش (سمك نيئ في ماء مالح) والمقالي، يعدّ الشيف روبن إسكوديرو للافتتاح الصيفي لمطعمه في سان تروبيه، ويفكر في كيفية ابتكار صيغة جديدة للمطعم الباريسي.

ورأى الطاهي الإسباني الذي عمل في "موغاريتز" في سان سيباستيان، أحد أشهر المطاعم في العالم، ثم في بيرو، أن باريس تفتقر إلى "هذا المطبخ غير المكلف وذي المكوّنات البسيطة" التي يسهل العثور عليها أكثر في ليما أو مدريد.

ولاحظ أن الأزمة الصحية التي دفعت الناس إلى "الذهاب إلى السوق واكتشاف المنتجات وطهو الطعام بأنفسهم" أبرزت "الافتقار إلى الصدق في ما يتعلق بالمنتجات التي تستخدم في أطباق" بعض المطاعم.