تصاعد غضب شعبي في تركيا بعد ارتفاع أسعار الأغذية إثر تزايد التضخم إلى أسرع معدل له منذ سنتين ونصف، فيما كثف الرئيس رجب طيب أردوغان جهوده لخفض الأسعار، وفقاً لما أوردته صحيفة "فايننشال تايمز".
وأظهرت بيانات نشرها جهاز الإحصاء الرسمي في تركيا الاثنين، أن مؤشر أسعار المستهلك ارتفع الشهر الماضي بمعدل سنوي مقداره 19.58%، بعدما سجّل 19.25% في أغسطس.
والمعدل يقارب 4 أضعاف هدف التضخم الرسمي للمصرف المركزي التركي، مسجّلاً أكبر زيادة سنوية منذ مارس 2019.
وذكرت الصحيفة أن أردوغان يواجه استياءً عاماً متزايداً، نتيجة ارتفاع تكاليف المعيشة، علماً أن حزب "العدالة والتنمية" الحاكم يعاني تراجعاً تاريخياً في شعبيته، كما أظهرت استطلاعات للرأي.
لكن الرئيس التركي ضغط أيضاً على المصرف المركزي لخفض تكاليف الاقتراض، حتى في ظلّ ارتفاع الأسعار، إذ يعتقد أن أسعار الفائدة المرتفعة سبب تضخماً، بدلاً من كبحه.
وخفّض المصرف سعر الإقراض القياسي الشهر الماضي، في قرار كثّف ضغوطاً على الليرة التركية، بعدما سجّلت تركيا أدنى سعر فائدة سلبي في أيّ سوق ناشئة.
"حلول غريبة"
وأشارت "فايننشال تايمز" إلى أن الغضب العام تركّز بشكل خاص على أسعار الأغذية التي ارتفعت بوتيرة أسرع من معدّل التضخم، علماً أن تكلفة الأغذية ارتفعت بنسبة 29% تقريباً في سبتمبر الماضي.
أردوغان حمّل "انتهازيين" في قطاعَي الأغذية والتجزئة، مسؤولية ارتفاع الأسعار. وأعلنت حكومته الشهر الماضي، عن جولة جديدة من التحقيقات بشأن سلاسل لمتاجر كبرى، اتهمتها بفرض زيادات "غير معقولة" في الأسعار.
وقال الرئيس التركي الأحد، إنه أمر التعاونيات الزراعية بفتح نحو ألف فرع جديد في كل أنحاء البلاد، من أجل إتاحة أسعار "مناسبة" للسلع الأساسية.
وأضاف: "هذه أماكن تتناسب فيها الأسعار مع موازنات مواطنينا".
وذكرت "فايننشال تايمز" أن أردوغان "طوّر سمعة متزايدة بحلوله الغريبة وغير المنتظمة للمشكلات الاقتصادية في السنوات الأخيرة"، بعدما "بنى الكثير من نجاحه السياسي المبكر، على خلفية تحقيقه ازدهاراً متزايداً".
"خضار الشعب"
وفي عام 2018، بعد أزمة العملة التي قلّصت قيمة الليرة بنحو 30%، أطلقت الحكومة حملة تحضّ تجار التجزئة على خفض أسعارهم.
وفي العام التالي، أطلقت الحكومة أكشاكاً لـ "خضار الشعب"، تديرها البلديات بالمدن الكبرى، في محاولة لمكافحة ما سمّاه أردوغان "الإرهاب الغذائي".
ويحذر محللون من أن مزيج التضخم المرتفع وانخفاض أسعار الفائدة، قد يؤدي إلى ضغوط جديدة على الليرة التركية التي اقتربت في الأسابيع الأخيرة مما يمكن أن يكون أدنى مستوى قياسي لها، يبلغ 9 ليرات مقابل الدولار.
وكتب جيسون توفي، وهو خبير اقتصادي بشركة الاستشارات "كابيتال إيكونوميكس" بلندن، في مذكرة أعدّها للعملاء بعد بيانات الاثنين، أن "الارتفاع الإضافي في التضخم العام والأساسي الشهر الماضي" قد لا يدفع المصرف المركزي التركي إلى الامتناع عن "المضيّ في مزيد من التخفيضات في أسعار الفائدة".
ورجّح أن يؤدي "ضغط سياسي" على المصرف من أجل خفض معدلات الفائدة، إلى اتخاذه "قرارات متأرجحة".
اقرأ أيضاً: