"أسوشيتد برس": تركيا تقرّ بتفشي كورونا على نطاق واسع

time reading iconدقائق القراءة - 8
أفراد من الشرطة التركية في شوارع إسطنبول يحثون الناس على ارتداء الأقنعة الواقية، 27 سبتمبر 2020 - REUTERS
أفراد من الشرطة التركية في شوارع إسطنبول يحثون الناس على ارتداء الأقنعة الواقية، 27 سبتمبر 2020 - REUTERS
أنقرة-وكالات

أفادت وكالة "أسوشيتد برس" بأن تبديل تركيا طريقة احتسابها للإصابات اليومية بفيروس "كورونا" المستجد أكد ما تشتبه به هيئات طبية وأحزاب المعارضة منذ فترة طويلة، وهو أن البلاد تواجه زيادة مقلقة في الإصابات بالوباء، تستنفد بسرعة نظامها الصحي، فيما أعلنت وزارة الصحة، الأحد، أن 185 حالة وفاة تم تسجيلها في الساعات الـ24 الأخيرة، في أعلى حصيلة يومية منذ بداية تفشي الوباء.

جاء ذلك بعدما استأنفت الحكومة قبل أيام الإبلاغ عن كل الاختبارات الإيجابية للفيروس، بدل الاكتفاء بعدد المرضى الذين يُعالجون من أعراضه.

وسجلت تركيا يوم الأحد 29 ألفاً و281 إصابة بالفيروس خلال الساعات الـ24 الأخيرة، في انخفاض طفيف مقارنة بعدد الإصابات اليومية الذي تجاوز 30 ألفاً في الأيام الأخيرة. وبذلك باتت تركيا واحدة من أكثر البلدان تضرراً في أوروبا، بعدما كانت من أقلّها في هذا الصدد.

وأشارت "أسوشيتد برس" إلى أن ذلك لم يكن مفاجئاً لـ "الجمعية الطبية التركية" التي حذرت منذ أشهر من أن الأرقام السابقة للحكومة "كانت تخفي خطورة انتشار الجائحة"، وأن "الافتقار إلى الشفافية كان يسهم في زيادة الإصابات". ومع ذلك، تؤكد الجمعية أن أرقام الحكومة لا تزال منخفضة، مقارنة بتقديراتها لما لا يقلّ عن 50 ألف إصابة جديدة يومياً.

وأضافت الوكالة أن لا دولة يمكنها الإبلاغ عن أرقام دقيقة حول تفشي كورونا، إذ إن اكتشاف الحالات متعذر لدى الكثير من المصابين من دون أعراض ظاهرة، ولكن طريقة الاحتساب السابقة جعلت تركيا تبدو أفضل حالاً نسبياً مقارنة بدول أخرى، مع تسجيل حالات جديدة يومياً أقلّ بكثير من المبلّغ عنها في بلدان أوروبية، بما في ذلك إيطاليا وبريطانيا وفرنسا.

تغيّر ذلك الأربعاء الماضي بعدما زاد عدد الحالات اليومية في تركيا 4 مرات تقريباً، من نحو 7400 إلى أكثر من 28 ألفاً.

"عاصفة مثالية"

نقلت "أسوشيتد برس" عن سيبنيم كورور فينجانجي، رئيسة "الجمعية الطبية التركية"، قولها إن "مستشفيات البلاد تعمل فوق طاقتها وطاقمها الطبي منهك"، كما أن "المتتبعين الذين يُنسب إليهم الفضل في كبح تفشي الجائحة يكافحون لتتبع انتقال العدوى". وتحدثت عن "عاصفة مثالية"، علماً أن الجمعية التي ترأسها تعرّضت لهجوم من أردوغان وحلفائه القوميين إثر تشكيكها في أرقام الحكومة وتعاملها مع كورونا.

ورغم أن وزير الصحة التركي فخر الدين خوجة حدّد معدل إشغال أسرّة غرف العناية المركزة بنسبة 70%، تشير إبرو كيرانير التي ترأس "جمعية ممرضات العناية المركزة" في إسطنبول إلى أن أسرّة العناية المركزة في مستشفيات المدينة ممتلئة تقريباً، مضيفة أن الأطباء يجهدون لإيجاد غرف لمرضى في وضع حرج.

وتابعت أن هناك نقصاً في عدد الممرضين، كما أن طاقم التمريض منهك. وقالت كيرانير في تصريحات لـ"أسوشيتد برس": "لم يتمكّن ممرضو وحدة العناية المركزة من العودة إلى حياتهم الطبيعية منذ مارس. أطفالهم لم يروا منذ أشهر وجوههم من دون كمامات".

أردوغان ينتقد

اعتبر الرئيس التركي طيب رجب أردوغان أن "لا مشكلة" في ما يتعلّق بقدرات المستشفيات، وبرّر زيادة عدد الإصابات بتلكؤ المواطنين في وضع الكمامات، علماً أن ذلك إلزامي، وفي التزامهم بقواعد التباعد الاجتماعي.

ورأت "أسوشيتد برس" أن تجميد تركيا الشهر الماضي إجازات العاملين في قطاع الرعاية الصحية وحظرها مؤقتاً الاستقالات والتقاعد المبكر أثناء الجائحة يشيران إلى خطورة تفشي الفيروس، علماً أن حظراً مشابهاً فُرض لثلاثة أشهر في مارس الماضي.

وارتفعت الوفيات اليومية الرسمية بالفيروس بشكل ثابت، مسجلة أرقاماً قياسية بلغت 13 ألفاً و373 السبت، مع 182 حالة وفاة جديدة، علماً أن تركيا تلقت سابقاً إشادات لتقليصها عدد الوفيات.

هذه الأرقام القياسية لا تزال تثير جدلاً، إذ قال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، وهو قيادي في "حزب الشعب الجمهوري" المعارض، إن 186 شخصاً توفوا نتيجة أمراض معدية في المدينة في 22 نوفمبر، علماً أن الحكومة أعلنت في اليوم ذاته وفاة 139 شخصاً بالفيروس في تركيا بأكملها. وأشار إلى أن المدينة التي يقطنها 15 مليون فرد تشهد يومياً نحو 450 دفناً، مقارنة بمعدل 180-200 في نوفمبر 2019.

وتابع إمام أوغلو: "لا يمكننا التغلب على تفشي الفيروس، إلا من خلال عملية شفافة.. أعلنت روسيا وألمانيا ارتفاع حصيلة القتلى لديهما. هل فقدت ألمانيا بريقها؟ هل انهارت روسيا؟". وعلى الجانب الآخر، رفض وزير الصحة مزاعم إمام أوغلو، قائلاً: "أريد أن أؤكد أن كل الأرقام التي أُورِدها دقيقة".

"أنصاف حلول"

وكان أردوغان أعلن الأسبوع الماضي فرض قيود، محاولاً احتواء كورونا، من دون المسّ بالاقتصاد أو النشاط التجاري الضعيف أصلاً. ووصفت أحزاب المعارضة تلك التدابير بأنها "أنصاف حلول"، علماً أن الرئيس فرض حظر تجوّل للمرة الأولى في يونيو الماضي، ولكنه جعل الأمر مقتصراً على أمسيات نهاية الأسبوع، وأغلق المطاعم والمقاهي مستثنياً خدمات توصيل الطعام، وقيّد ساعات العمل في مراكز التسوّق والمتاجر ومراكز تصفيف الشعر.

اعتبرت سيبنيم كورور فينجانجي، رئيسة "الجمعية الطبية التركية"، أن تلك الإجراءات ليست كافية لاحتواء تفشي الجائحة. وقالت: "نحتاج إلى إغلاق كامل لأسبوعين على الأقل، إن لم يكن 4 أسابيع، وهذا ما يعتبره العلم فترة مثالية"، وفق "أسوشيتد برس".

وأقرّ وزير الصحة التركي فخر الدين خوجة بارتفاع عدد المصابين بشكل خطر، وبالوفيات، لافتاً إلى أن مدناً من بينها إسطنبول وإزمير تشهد "ذروة ثالثة" من "كورونا". واستدرك أن "على تركيا أن تنتظر أسبوعين لتلمس نتائج حظر التجوّل في نهاية الأسبوع والقيود الأخرى التي فرضتها الحكومة، قبل التفكير في عمليات إغلاق أكثر صرامة".

في غضون ذلك، توصّلت تركيا إلى اتفاق لتلقي 50 مليون جرعة من لقاح طوّرته شركة الأدوية الصينية "سينوفاك"، وتأمل توزيعه الشهر المقبل على الطاقم الطبي والمصابين بأمراض مزمنة. وتجري أنقرة محادثات لشراء اللقاح الذي طوّرته شركة "فايزر" الأميركية، بالتعاون مع شركة "بايونتيك" الألمانية. ويُرجّح أيضاً أن يكون لقاح عملت تركيا على تطويره جاهزاً للاستخدام في أبريل المقبل.

وأعلن أردوغان أنه ناقش مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إمكان شراء لقاح طوّرته موسكو ودخل مرحلة التجارب السريرية الأخيرة.