ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، الأربعاء، أن الصين تعمل على إنتاج أنظمة أسلحة متقدمة من شأنها تهديد الولايات المتحدة، مستخدمة تكنولوجيا الرقائق الإلكترونية الأميركية.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين سابقين ومحللين غربيين، أنه تم رصد منشأة عسكرية سرية في جنوب غربي الصين لتجربة أنظمة صاروخية تفوق سرعتها سرعة الصوت، وحذروا من إمكانية أن تستهدف تلك الصواريخ ذات يوم حاملة طائرات أميركية أو تايوان.
وقال محللون، إنه يتم تشغيل أنظمة كمبيوتر ضخمة تستخدم في تشغيل تلك الأسلحة بواسطة رقائق صغيرة صممتها شركة صينية تدعى "فيتيوم تكنولوجي" باستخدام برامج أميركية، تم بناؤها في مصنع الرقائق الأكثر تقدماً في العالم في تايوان، والذي يحاكي دقة الآلات الأميركية.
وتقول الصحيفة إن شركة "فيتيوم" تصور نفسها على أنها شركة تجارية تطمح لأن تصبح عملاقاً عالمياً للرقائق مثل "إنتل"، لكنها لا تعلن عن صلاتها بأذرع البحث للجيش الصيني.
وتقع منشأة اختبار المعدات التي تفوق سرعتها سرعة الصوت في مركز أبحاث الديناميكا الهوائية الصيني، والذي يحجب أيضاً علاقاته العسكرية على الرغم من إدارته من قبل لواء في الجيش الصيني، وفقاً لما نقلته الصحيفة عن وثائق عامة، ومسؤولين سابقين ومحللين تحدث الكثير منهم شريطة عدم الكشف عن هوياتهم.
تكنولوجيا مدنية لأغراض عسكرية
وتقول الصحيفة إن شراكة "فيتيوم" مع مركز الصين لبحوث الديناميكا الهوائية والتنمية، تقدم مثالاً رئيسياً على كيفية تسخير الصين بهدوء للتقنيات المدنية لأغراض عسكرية استراتيجية، بمساعدة التكنولوجيا الأميركية.
وأشارت إلى أن هذه التجارة ليست غير قانونية، ولكنها تعد رابطاً حيوياً في سلسلة التوريد العالمية عالية التقنية التي يصعب تنظيمها لأن رقائق الكمبيوتر نفسها التي يمكن استخدامها لمركز بيانات تجاري يمكنها تشغيل كمبيوتر عسكري عملاق.
وأشارت الصحيفة إلى أنه كان من المقرر أن تدرج إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب شركة فيتيوم وعدداً من الشركات الصينية الأخرى على قائمة سوداء للتصدير أواخر العام الماضي "لكن الوقت نفد"، وفقاً لمسؤولين أميركيين سابقين.
وكان من شأن مثل هذا الإدراج أن يمنع التكنولوجيا ذات الأصل الأميركي من التدفق إلى تلك الشركات. ويقول الخبراء إن ذلك كان سيبطئ تقدم برنامج الأسلحة الصينية التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، بالإضافة إلى أسلحة متطورة أخرى وقدرات المراقبة الأكثر قوة.
إضرار بالأرباح
وتقول الشركات الأمريكية عموماً، إن فرض ضوابط على التصدير يضر بأرباحها بينما سيشجع ذلك الصين على إرسال أعمالها إلى مكان آخر وتطوير صناعاتها الخاصة.
لكن المحللين يشيرون إلى أن سياسة الولايات المتحدة هي أن التكنولوجيا الأميركية لا ينبغي أن تساعد الجيش الصيني، وأنَّ تحجيم تطور الجيش الصيني يستحق تكبد تكلفة خسائر في بعض الأعمال التجارية.
أشباه الموصلات
وبحسب الصحيفة، تعد أشباه الموصلات بمنزلة أدمغة الإلكترونيات الحديثة، ما يتيح التقدم في كل شيء من الطاقة النظيفة إلى الحوسبة الكمومية. وهي الآن تشكل أكبر واردات الصين، وتقدر قيمتها بأكثر من 300 مليار دولار سنوياً، وتمثل أولوية رئيسة في أحدث خطة خمسية للصين للتنمية الوطنية.
وفي يناير 2019 ، زار الرئيس الصيني شي جين بينغ، تيانجين، التي تبعد 70 ميلاً عن بكين وموطن شركة فيتيوم ، ونوّه بأهمية الشركة لجهود "الابتكار المحلي" في البلاد.
واليوم ، تفتخر "فيتيوم" بأنها "شركة رائدة في توفير الرقائق الأساسية المستقلة في الصين". وتقوم الشركة بتسويق المعالجات الدقيقة للخوادم وألعاب الفيديو، لكن المساهمين والعملاء الرئيسيين هم الدولة والجيش الصيني، وفقاً لسجلات الحكومة الأميركية التي نقلت عنها الصحيفة.
وتأسست فيتيوم في أغسطس 2014 ، وتم إنشاؤها كمشروع مشترك بين المجموعة المملوكة للدولة China Electronic Corp، والمركز الوطني للحوسبة الفائقة في تيانجين، وسلطات بلدية تيانجين، وفقاً للسجلات.
والمركز الوطني للحوسبة الفائقة، بحسب الصحيفة، هو عبارة عن مختبر تديره الجامعة الوطنية لتكنولوجيا الدفاع، وهي مؤسسة أبحاث عسكرية رائدة كان رئيسها الحالي ورئيسها السابق المباشر جنرالين بالجيش.
في عام 2015، وضعت وزارة التجارة الأميركية المنظمتين على قائمتها السوداء للتجارة، للمشاركة في النشاط النووي، وهو تصنيف تمنع بموجبه صادرات الولايات المتحدة للشركات إلا بعد الحصول على التنازل.
وقال إريك لي، وهو باحث مشارك في معهد "بروجيكت 2049"، وهو مؤسسة بحثية في شمال فيرجينيا، إن شركة "فيتيوم"، "تتصرف مثل شركة تجارية مستقلة ويرتدي مسؤولوها التنفيذيون ملابس مدنية، لكن معظمهم من ضباط الجيش السابقين".
قلق كبير
وتعد الاستثمارات الصينية الكبرى في مجال الأسلحة التي تفوق سرعة الصوت مصدر قلق كبير لدى وزارة الدفاع الأميركية، وفقاً للصحيفة.
وقال مارك لويس، مدير أبحاث وتكنولوجيا الدفاع في البنتاغون سابقاً، إن الأسلحة الأسرع من الصوت هي تقنية عسكرية ناشئة وحاسمة. وقال إن الصين يمكن أن تستهدف السفن البحرية والقواعد الجوية في المحيط الهادئ، مضيفاً أن صاروخ كروز التقليدي سيستغرق ساعة أو ساعتين للوصول إلى هدفه بينما يمكن لصاروخ يفوق سرعة الصوت القيام بذلك في دقائق. وأضاف: "إنه مصدر قلق كبير".
اقرأ أيضاً: