
أبرزت وكالة أسوشييتد برس الأميركية الدور الذي يمكن أن يؤديه موقع فيسبوك، خلال انتخابات الرئاسة المرتقبة في الولايات المتحدة في 3 نوفمبر المقبل، مشيرة إلى "إصرار" الموقع على أنه "تعلّم درسه ولم يعد قناة للتضليل وقمع الناخبين وتعطيل الانتخابات"، منذ "استغلت روسيا وانتهازيون منصته محاولين التلاعب بانتخابات الرئاسة الأميركية عام 2016"، وفق ما أكدت الوكالة.
ونقلت أسوشييتد برس عن "ناقدين خارجيين وموظفين في فيسبوك" أن "جهود الشركة في مراجعة قواعدها وتشديد إجراءاتها الوقائية لا تزال غير كافية لهذه المهمة، على الرغم من أنها أنفقت مليارات (الدولارات) على المشروع".
ونسبت الوكالة إلى روجر ماكنامي، وهو مستثمر مبكر في فيسبوك، تحوّل إلى "ناقد صريح" للموقع، قوله: "هل أنا قلق بشأن الانتخابات؟ أنا مرعوب. بالمقياس الحالي للشركة، إنه خطر واضح وقائم على الديمقراطية والأمن القومي" للولايات المتحدة.
وذكّرت أسوشييتد برس أن رئيس مجلس إدارة الشركة مارك زوكربرغ بات يتحدث عن "نتائج محتملة لم يكن ممكناً تصوّرها في انتخابات 2016، من بينها اضطرابات مدنية محتملة وانتخابات متنازع عليها، يمكن أن يفاقمها فيسبوك".
وكتب زوكربرغ منشوراً على الموقع في سبتمبر الماضي، أوضح فيه جهود فيسبوك لتشجيع التصويت وحذف المعلومات المضللة، مضيفاً "هذه الانتخابات لن تحدث كالمعتاد. علينا جميعاً مسؤولية حماية ديمقراطيتنا".
"أهداف خبيثة"
وأشارت وكالة الأنباء الأميركية إلى أن المسؤولين التنفيذيين في فيسبوك فوجئوا كما يبدو في السنوات الماضية عند استخدام الموقع لـ "أهداف خبيثة"، علماً أنه "أُسّس لربط العالم". وأضافت أن زوكربرغ قدّم اعتذارات كثيرة طيلة سنوات، "كما لو أن أحداً لم يستطع أن يتوقع أن يستخدم الناس فيسبوك في بث مباشر لجرائم قتل وانتحار، أو التحريض على تطهير عرقي، أو الترويج لعلاجات زائفة للسرطان أو محاولة سرقة الانتخابات".
وأضافت الوكالة أن مواقع أخرى، مثل تويتر ويوتيوب، تكافح أيضاً لكبح "المعلومات المضللة ومحتوى الكراهية"، مشيرة إلى أن "فيسبوك يتميز بمدى انتشاره وحجمه، وباستجابته البطيئة للتحديات التي حُدّدت عام 2016، مقارنة بمنصات أخرى كثيرة".
وذكّرت الوكالة برفض زوكربرغ، بعد انتخاب دونالد ترامب رئيساً في عام 2016، فكرة التأثير المحتمل لـ "الأخبار المزيفة" المنتشرة على فيسبوك، في تلك الانتخابات، واصفاً إياها بأنها "فكرة مجنونة جداً"، قبل أن يتراجع عن تعليقه بعد أسبوع.
ومنذ ذلك الحين، أقرّ موقع التواصل الاجتماعي الشهير بأخطاء ارتكبها نتيجة "بطئه في كبح التهديدات" التي واجهت انتخابات 2016، متعهداً بأداء أفضل، وفق أسوشييتد برس. ونقلت عن الصحافي ديفيد كيركباتريك الذي ألف كتاباً عن فيسبوك قوله، في إشارة إلى مسؤولي الموقع: "أعتقد أنهم لم يصبحوا أفضل من حيث الاستماع. ما تبدّل هو أن مزيداً من الناس يبلغونهم بضرورة فعل شيء ما".
سلوك زائف منسق
ونقلت الوكالة أن عملاق مواقع التواصل الاجتماعي، وظّف مدققين خارجيين للحقائق، وأضاف قيوداً على الإعلانات السياسية، وحذف آلافاً من الحسابات والصفحات والمجموعات التي وجد أنها منخرطة في "سلوك زائف منسق"، وهذا مصطلح يستخدمه الموقع بشأن "حسابات ومجموعات مزيفة تستهدف الترويج لخطاب سياسي في بلدان تقع بين ألبانيا وزيمبابوي".
وزادت الوكالة أن الموقع أضاف أيضاً "علامات تحذير من المنشورات التي تتضمن معلومات خاطئة بشأن التصويت"، كما اتخذ أحياناً "خطوات للحد من تداول منشورات مضللة".
وتابعت: "كل ذلك بلا شك يضع فيسبوك في وضع أفضل ممّا كان عليه قبل 4 سنوات، ولكنه لا يعني أنه جاهز تماماً. وعلى الرغم من القواعد المشددة التي تحظرها الشركة، لا تزال الميليشيات العنيفة تستخدم الموقع لتنظيم نفسها. وشمل ذلك أخيراً مؤامرة فاشلة لخطف حاكمة ولاية ميتشيغن" غريتشين ويتمر، وهي من الحزب الديمقراطي.
وأوضحت أسوشييتد برس أن أرباح فيسبوك وأعداد مستخدميه زادت بشكل كبير منذ انتخابات 2016، ونقلت عن محللين توقعاتهم بأن يجني الموقع هذا العام أرباحاً تبلغ 23.2 مليار دولار، ضمن إيرادات بقيمة 80 ملياراً، وفقاً لشركة "فاكتسيت" (FactSet) الأميركية للبيانات والبرامج المالية.
وأضافت الوكالة أن لدى فيسبوك الآن 2.7 مليار مستخدم في العالم، بعدما كانوا 1.8 مليار في هذا الوقت من عام 2016، علماً بأنه يواجه تحقيقات حكومية تطال حجمه وقوته السوقية، بما في ذلك تحقيق لمكافحة الاحتكار. ونقلت الوكالة عن كيركباتريك قوله، في إشارة إلى مسؤولي الموقع: "أولويتهم هي النمو لا تقليل الضرر"، ويرجح ألا يتغير ذلك.
قبضة من حديد
ونسبت وكالة الأنباء الأميركية، إلى جينيفر غريغيل، وهي أستاذة الاتصالات في جامعة سيراكيوز وخبيرة في مواقع التواصل الاجتماعي، قولها إن "جزءاً من المشكلة يكمن في أن زوكربرغ يسيطر على الشركة بقبضة من حديد، ولكنه لا يتعامل بجدية مع الانتقادات التي تطاله هو أو الشركة". واستدركت بأن "الجمهور يدرك ما يحدث"، وزادت: "إنهم يرون معلومات مضللة عن فيروس كورونا المستجد وكيف يستغلها دونالد ترمب. لا يمكنهم تجاهل ذلك".
في المقابل، يصر فيسبوك على أنه يتعامل بجدية مع تحدي المعلومات المضللة، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالانتخابات. وورد في بيان أصدره الموقع: "تغيّرت الانتخابات منذ عام 2016، وكذلك تغير فيسبوك. لدينا المزيد من الأشخاص، وتكنولوجيا أفضل لحماية منصاتنا، كما أقدمنا على تحسين سياسات المحتوى وتطبيقها".
غريغيل تعتبر أن "الشركة تستخدم العلاقات العام كبديل عن نموذج أعمال أخلاقي"، فيما يلفت كيركباتريك إلى أن أعضاء مجلس الإدارة والمديرين التنفيذيين الذين عارضوا زوكربرغ، وهذه مجموعة تضم مؤسسي تطبيقي إنستغرام وواتساب، تركوا الشركة. ونقلت أسوشييتد برس قوله بشأن زوكربرغ: "إنه متأكد تماماً من أن التأثير الكلي لفيسبوك إيجابي في العالم"، وأن "النقاد لا يعطونه الفضل الكافي لذلك". وأضاف: "ليس عليه أن يفعل أي شيء لا يريده".
أما النائب الديمقراطي براميلا جايابال، التي استجوبت زوكربرغ خلال جلسة استماع في مقر الكونغرس شهر يوليو الماضي، فاعتبرت أن الحكومة الفيدرالية امتنعت عن مساءلة فيسبوك، ما أدى إلى تمكين الشركة. وتابعت: "أعتقد أن فيسبوك أنجز أشياء تشير إلى أنه يفهم دوره، غير أنها كانت قليلة جداً، وبعد فوات الأوان"، وفق أسوشييتد برس.