أسبوع على سيطرة طالبان.. "جرائم وفظائع" بحق مدنيين ومشاورات نحو نظام حكم جديد

time reading iconدقائق القراءة - 9
شابان يبيعان أعلام طالبان في كابول بعد سيطرة الحركة على العاصمة - 20 أغسطس 2021 - Getty Images
شابان يبيعان أعلام طالبان في كابول بعد سيطرة الحركة على العاصمة - 20 أغسطس 2021 - Getty Images
دبي - أ ف برويترزالشرق

ظهرت اتهامات لحركة طالبان بارتكاب جرائم وفظائع بحق المدنيين، بعد أقل من أسبوع على سيطرتها بشكل مفاجئ على العاصمة الأفغانية كابول، وفرار الرئيس أشرف غني من البلاد.

ورصد مراقبون مؤشرات متفرقة على احتمالات تشكل مقاومة داخلية ضد طالبان، بعدما رفع متظاهرون العلم الوطني للدولة في أسد آباد شرقي البلاد وفي مناطق مختلفة من كابول.

وأحاطت عمليات إجلاء الأجانب والمواطنين الأفغان الراغبين في مغادرة البلاد من مطار كابول فوضى كبيرة، وسط حالة من الغموض بشأن شكل الحكم والنظام السياسي في البلاد خلال الفترة المقبلة.

وتحدث مسؤول في حركة طالبان إلى وكالة أنباء رويترز، السبت، شريطة عدم الكشف عن هويته، عن مساعٍ داخل الحركة "لتقديم إطار حكومي جديد لأفغانستان في الأسابيع القليلة المقبلة، وأضاف: "قد لا يكون ديمقراطياً بالتعريف الغربي الصارم"، ولكنه "سيحمي حقوق الجميع". في حين وصل الملا بردار، الرجل الثاني في الحركة ورئيس مكتبها السياسي، إلى العاصمة كابول السبت، لعقد مباحثات بشأن تشكيل "حكومة شاملة"، حسبما أكد مسؤول في طالبان لـ"فرانس برس". 

وردّ مسؤول طالبان على الاتهامات الموجهة إلى الحركة بشأن ارتكاب فظائع وجرائم واستهداف الأفغان الذين عملوا مع القوات الأجنبية، وعلّق على خطة إجلاء الأجانب في مطار كابول، مشيراً إلى "مشاورات مع كبار الزعماء الأفغان السابقين وقادة الميليشيات الخاصة".

فظائع طالبان

قال مسؤول طالبان، السبت في تصريح لوكالة أنباء رويترز، إن "الحركة ستحقق  في مشاكل القانون والنظام التي سببها أعضاء لها بعد علمها بارتكاب بعض الفظائع  والجرائم ضد المدنيين"، في الوقت الذي كشفت وثيقة مسرّبة للأمم المتحدة أن "الحركة كثفت ملاحقة الأفغان الذين عملوا مع القوات الأجنبية في بلدهم"، بحسب "فرانس برس".

وجاء في التقرير الذي وضعته مجموعة خبراء بتقييم المخاطر، لحساب الأمم المتحدة، أن طالبان وضعت "لوائح ذات أولوية" للأفراد الذين تريد توقيفهم، رغم وعودها بعدم الانتقام.

وأضاف المسؤول في حركة طالبان أن "الحركة ستكون مسؤولة عن أفعالها وستحقق في تقارير عن قيام أعضاء بالحركة بارتكاب أعمال انتقامية وفظائع".

وتابع: "سمعنا عن ارتكاب بعض الفظائع والجرائم ضد المدنيين. لو كان (أعضاء) طالبان يفعلون هذه المشاكل المتعلقة بالقانون والنظام فسيتم التحقيق معهم"، مشيراً إلى أنه "يمكننا تفهم حالة الذعر والتوتر والقلق. الناس يعتقدون أننا لن نخضع للمساءلة، لكن ذلك ليس الحقيقة".

وذكر تقرير الأمم المتحدة أن "الحركة تُجري زيارات إلى منازل الذين تريد توقيفهم ومنازل أفراد عائلاتهم"، مشيراً إلى أن "الأكثر عرضة للخطر هم مَن شغلوا مناصب مسؤولية في صفوف القوات المسلحة الأفغانية والشرطة والاستخبارات".

وروى مسؤولون سابقون قصصاً مروعة عن الاختباء من طالبان في الأيام الأخيرة مع قيام مسلحي الحركة بالانتقال من بيت إلى آخر. ووصفت أسرة مؤلفة من 16 شخصاً الركض إلى الحمام وإطفاء الأنوار وتغطية أفواه الأطفال خوفاً على حياتهم.      

وقام عناصر من طالبان يبحثون عن صحافي يعمل لحساب "دويتش فيله"، ويقطن حالياً في ألمانيا، بقتل أحد أفراد عائلته بالرصاص، الأربعاء في أفغانستان، وإصابة فرد آخر بجروح بالغة، وفق ما ذكرت هذه الوسيلة الإعلامية الألمانية على موقعها الإلكتروني.

وحاولت الحركة الإسلامية المتشددة إقناع العالم والأفغان بأنها لا تسعى إلى الانتقام من أعدائها السابقين وأنها تنوي العمل على "مصالحة وطنية". ووعدت بأنه ستكون هناك "اختلافات كثيرة" في طريقة حكمها مقارنة بحكمها السابق خلال الفترة بين 1996 و2001، عندما فرضت رؤيتها للشريعة، فمنعت النساء من العمل والتعليم.

الأكثر عُرضة للخطر

وقال مدير مركز "راهيبتو" النرويجي للتحليل السياسي، مدير المجموعة التي أعدت التقرير، كريستيان نيلمان، لوكالة "فرانس برس"، "نتوقع أن يتعرّض الأفراد الذين تعاملوا مع القوات الأميركية والأطلسية وحلفائها، وكذلك أفراد عائلاتهم، للتعذيب والإعدام".

وأكد وزير الداخلية السابق مسعود أندرابي، لإذاعة "تايمز" البريطانية، أن أعضاء حركة طالبان "يقومون بمطاردات تشبه الانتقام، خصوصاً بحق ضباط الأمن والاستخبارات الوطنية، هذا ما يَرِدني من أخبار".

في المقابل، رددت حركة طالبان أنها تمنع عناصرها من دخول المنازل دون تلقّي أوامر بذلك. وقال أحد كبار قادة الحركة، نزار محمد مطمئن، إن "هذه التعليمات لا تزال سارية"، وكتب في تغريدة على تويتر "البعض ما زالوا يقومون بذلك، ربما بدافع الجهل"، مؤكداً أن هذا "مخزٍ" للحركة.

مقاومة ضد طالبان

وبدأت تظهر بعض المؤشرات المتفرقة على تشكّل مقاومة ضد طالبان، ففي أسد آباد شرقي البلاد وفي مناطق مختلفة من كابول تحدّى متظاهرون حركة طالبان، الخميس، رافعين العلم الوطني في الذكرى الـ 102 لاستقلال أفغانستان.

وقال متظاهر "طلبي إلى المجتمع الدولي ... هو أن يوجّه اهتمامه نحو أفغانستان وألا يسمح بأن تذهب الإنجازات التي تحققت خلال 20 عاماً سدى".

وقال مسؤول في طالبان لرويترز، السبت، إن "الحركة تواصل إجراء المشاورات مع كبار الزعماء الأفغان السابقين وقادة الميليشيات الخاصة".

وتؤكد طالبان أنها تعتزم إقامة "علاقات دبلوماسية جيدة" مع كل الدول، ولكنها حذّرت من أنها لن تساوم على مبادئها الدينية. وأظهرت الصين وروسيا وتركيا وإيران مؤشرات انفتاح على طالبان، فيما تنتظر الدول الغربية أن "تحكم على أفعالها".

وقال أحد المسؤولين في طالبان إن "الحركة تناقش خلال محادثات كيفية ضمان مغادرة القوى الغربية لأفغانستان بشروط ودية".

فوضى الإجلاء

وأكد المسؤول في طالبان، السبت، أن "الفوضى في مطار كابول لم تسببها طالبان وكان يمكن للغرب ترتيب خطة أفضل للإجلاء"، فيما أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، الجمعة، أنه لا يستطيع ضمان "النتيجة النهائية" لعملية الإجلاء في كابول، معتبراً أنها واحدة من "الأصعب في التاريخ" بعد 20 عاماً من التدخل العسكري الأميركي في أفغانستان.

وقال بايدن خلال مؤتمر صحافي في البيت الأبيض: "عملية الإجلاء هذه خطرة. إنها تنطوي على أخطار بالنسبة إلى قواتنا المسلحة وتنفّذ في ظروف صعبة".

وأضاف بايدن، محاطاً بنائبته كامالا هاريس وبوزيري الخارجية أنتوني بلينكن والدفاع لويد أوستن ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان، "لا أستطيع أن أعِد بما ستكون عليه النتيجة النهائية".

وتدارك بايدن "بصفتي قائداً (للقوات المسلحة)، يمكنني أن أؤكد لكم أنني سألجأ إلى كل الوسائل الممكنة".

خُطبة الجمعة الأولى 

وبينما استمر آلاف الأشخاص في التهافت على مطار كابول منذ أن سيطر مقاتلو طالبان على العاصمة، رغم حواجز تفتيش تابعة للحركة، وأسلاك شائكة نصبها الجيش الأميركي في المطار الذي يشكّل المخرج الوحيد لآلاف المدنيين الأفغان الراغبين باستقلال طائرة للفرار؛ طلبت طالبان من الأئمة في المساجد التحدث عن الوحدة ودعوة الأشخاص المتعلمين إلى عدم مغادرة البلاد في خطبهم أثناء صلاة الجمعة، وهي الأولى منذ استعادة طالبان السيطرة على العاصمة الأفغانية. 

تعليق الرحلات

واستؤنفت الجمعة عمليات إجلاء المدنيين من مطار كابول، بعدما توقفت لساعات عدة جرّاء عدم قدرة القاعدة الأميركية في قطر على استيعاب مزيدٍ من الأشخاص، حسبما أعلنت وزارة الدفاع الأميركية.

وقال الجنرال هانك تايلور من هيئة الأركان الأميركية، إن "الرحلات استؤنفت، والرحلات العسكرية الأميركية المتجهة إلى قطر وأماكن أخرى قد أقلعت"، مشيراً إلى أن تعليق الرحلات "حدث في وقتٍ باكر صباح الجمعة واستمر من ستّ إلى سبع ساعات".

من جهته، أوضح المتحدث باسم وزارة الدفاع جون كيربي أن "المرافق (المخصصة) للاستقبال في قطر كانت ببساطة قد بلغت كامل طاقتها. لم يكن يوجد أماكن إضافية لإرسال مزيد من الناس إلى هناك".

وقد حصلت واشنطن على ضوء أخضر من برلين، من أجل إرسال بعض ممن تم إجلاؤهم إلى ألمانيا حيث تمتلك الولايات المتحدة قواعد عسكرية عدة.

المحيط الآمن

وأعلن مسؤول أميركي، الجمعة، أن الجيش الأميركي في أفغانستان نشر ثلاث طائرات مروحية لإجلاء 169 أميركياً لم يتمكنوا من الوصول إلى مطار كابول.

وقال كيربي إن 3 طائرات من طراز شينوك غادرت المحيط الآمن في المطار، ووصلت إلى فندق قريب، هو فندق البارون، ونقلت الرعايا الأميركيين.

وهذه أول مرة منذ بداية الأزمة يستعرض الجيش الأميركي قدرته على مغادرة المحيط الآمن للمطار، من أجل مساعدة الراغبين في مغادرة البلاد.

والمجموعة التي تم إجلاؤها على متن المروحيات كانت تعتزم السير إلى المطار، لكن وجود حشود أعاق الوصول إلى مطار كابول، ما تسبب في إثارة قلق المسؤولين الأميركيين.

والجنود الأميركيون الموجودون حالياً في المطار لتسهيل عمليات الإجلاء، تجنّبوا حتى الآن مغادرة محيطه الآمن منعاً لأي صدام مع عناصر طالبان.

ونشرت الدول الأعضاء في حلف الأطلسي ما يكفي من الطائرات لنقل الرعايا الأجانب وزملائهم الأفغان من كابول، لكن الوصول إلى مطار كابول يشكّل "تحدياً كبيراً"، حسب ما قاله الأمين العام للحلف الجمعة.

ودعت مجموعة السبع ووكالات عدة تابعة للأمم المتحدة طالبان للسماح بمرور الأفغان بأمان، فضلاً عن الأجانب الراغبين في الرحيل. وكثير من الدول الأخرى، ولا سيما الأوروبية، تجري عمليات إجلاء.

اقرأ أيضاً: