
رفعت بريطانيا القيود الصحّية المرتبطة بفيروس كورونا بشكلٍ شبه كامل الاثنين، في خطوة أُطلق عليها "يوم الحرّية"، وذلك على الرغم من الارتفاع في عدد الإصابات الذي يثير قلق كثير من العلماء والمسؤولين السياسيّين.
وعشيّة هذا القرار، وجّه رئيس الوزراء بوريس جونسون الذي اضطرّ للالتزام بالحجر لمدة 10 أيام إلى جانب وزير المالية، بسبب مخالطتهما وزير الصحّة ساجد جاويد المصاب بكورونا، دعوةً إلى مواطنيه من أجل أن يواصلوا توخّي "الحذر" رغم رفع القيود الصحّية.
وبحسب القرار فتم استبعاد العمل عن بُعد، وفتح قاعات الحفلات والملاعب والملاهي الليلية بكامل طاقتها.
ووضَع حد لإلزامية وضع كمامة في وسائل النقل المشترك والمتاجر، لكن السلطات أوصحت الناس بمواصلة التوقي قدر الإمكان.
ارتفاع الإصابات
وأدى الوباء العالمي، إلى وفاة أكثر من 128 ألفاً و600 شخص في بريطانيا، في وقت يرتفع عدد الإصابات بشكل كبير منذ أسابيع، وبلغ أكثر من 585 ألفاً منذ الأوّل من يوليو الجاري.
وبريطانيا هي البلد الذي سجّل أكبر عدد من الإصابات بالفيروس في أوروبا.
لكن جونسون شدد الأحد، على أنه "التوقيت المناسب" لرفع القيود، وقال في شريط مصور على "تويتر": "أرجوكم أن تنتقلوا إلى المرحلة التالية (من رفع الإغلاق)، ملتزمين كل الحذر والاحترام الواجبين حيال الآخرين، مع الأخطار المستمرة الناتجة من المرض"، مذكراً بأن المتحوّرة "دلتا" التي يُنسب إليها ازدياد عدد الإصابات منذ أسابيع، "شديدة العدوى".
وأعلن متحدث باسم داونينغ ستريت الأحد، أن جونسون "سيواصل عقد اجتماعات مع الوزراء عن بُعد" من تشيكرز، المقرّ الريفي لرئيس الوزراء في شمال غرب لندن.
وكان المتحدث نفسه ذكر أن جونسون ووزير المال ريشي سوناك لن يخضعا لحجر صحي كامل "لأنّهما سيشاركان في برنامج تجريبي للفحوص اليومية لكشف الإصابات، سيسمح لهما بمواصلة العمل من داونينغ ستريت".
إلا أنه بعد تنديد المعارضة التي اعتبرت أنّ الحكومة تضع نفسها "فوق القانون"، أعلن مكتب رئيس الوزراء أن الرجلين سيلتزمان حجراً كاملاً.
من جانبها، ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" أن الآلاف من المتظاهرين المناهضين للإغلاق واللقاحات تجمعوا بالقرب من مبنى البرلمان وسط لندن، الاثنين، حاملين لافتات كتب عليها "لا لتطعيم جوازات السفر"، و"اتركوا حمضنا النووي وشأنه"، و"كوفيد عملية احتيال".
حكومة "فوضى"
وعلى "تويتر"، ندّد رئيس حزب العمّال كير ستارمر بحكومة "تسودها الفوضى" وتُوجّه رسائل متناقضة عشيّة الرفع شبه الكامل للقيود في إنكلترا.
ويحاول رئيس الوزراء البريطاني البناء على نجاح حملة التطعيم السريعة التي بدأت في ديسمبر وقادت إلى تطعيم ثلثي البالغين بالكامل. وخففت الحملة أعداد حالات الاستشفاء والوفيات، ما سمح لنظام الصحة العام بالتقاط أنفاسه.
وحاليّاً، هناك 550 مريضاً بكورونا في أقسام العناية المشدّدة في مستشفيات البلاد، مقابل أكثر من أربعة آلاف في ذروة الموجة الثانية في يناير.
تقويض الجهود
تخفيف القيود الصحيّة يثير المخاوف في ظل ارتفاع عدد الإصابات نتيجة انتشار المتحورة "دلتا" شديدة العدوى. وقد أقرّ وزير الصحّة باحتمال أن يصل عدد الإصابات اليومية إلى 100 ألف هذا الصيف.
في هذا السياق، دعت مجموعة من العلماء الدوليين المؤثرين الجمعة الحكومة البريطانية إلى التراجع عن قرارها الذي "يُهدّد بتقويض جهود السيطرة على الوباء، لا في المملكة المتحدة فحسب، لكن في بلدان أخرى أيضاً"، بحسب وكالة "فرانس برس".
وقال وزير الصحّة السابق جيريمي هانت، إن الوضع "خطر للغاية" مع تزايد عدد حالات الاستشفاء، ما قد يدفع الحكومة إلى إعادة فرض قيود كما حصل في إسرائيل وهولندا مثلاً.
وبالإضافة إلى المصابين، يُطلب من ملايين الأشخاص الذين خالطوهم البقاء في المنزل لعشرة أيام.
وتزيد الدوائر الاقتصادية ضغوطها على السلطات الصحية لمراجعة التطبيق الإلكتروني الذي تستخدمه بسبب ارتفاع عدد المخالطين، وما يرتبط بذلك من نقص محتمل في عدد الموظفين في بعض القطاعات. وقد اضطرت شركة مترو أنفاق لندن السبت، إلى إيقاف أحد خطوطها لعدم وجود عدد كاف من الموظفين في غرفة التحكم.
أزمة سلع
من جهتها، ذكرت وكالة "رويترز" أن البلاد تواجه أزمة نقص السلع في المتاجر، إلا أن جونسون يراهن على قدرته على إعطاء أحد أكبر اقتصادات أوروبا دفعة قوية بسبب حصول الكثير من الناس على لقاحات الوقاية من الفيروس.
وأشارت الوكالة إلى أنه في حال ثبتت فعالية اللقاحات في تقليل الأعراض الخطرة والوفيات من الفيروس، حتى وإن بلغ عدد حالات الإصابة مستويات قياسية، فقد يقدم قرار جونسون سبيلاً للخروج من أسوأ أزمة صحية عامة منذ عقود. لكن إن لم تفلح فهذا يعني أن الإغلاقات العامة قد تعود مجدداً.
غير أن "يوم الحرية" شابته الفوضى مع إرسال تطبيق تابع لخدمة الصحة الوطنية أوامر لمئات الآلاف من الناس بالعزل الذاتي، مما أدى إلى تحذيرات من أن أرفف المتاجر قد تخلو سريعاً من السلع.
اقرأ أيضاً: