يشهد الثلث الأخير من نهاية كل عام، بداية موسم المهرجانات السينمائية المختلفة في مصر، لتكون البداية مع مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط، والتي انطلقت دورته الـ40، الثلاثاء.
ويأتي ذلك وسط أزمات مالية متلاحقة، تعاني منها المهرجانات السينمائية، في ظل ارتفاع سعر صرف الدولار بشكلٍ متواصل منذ بداية العام الجاري، حتى وصل إلى أعلى مستوى له خلال الشهور الثلاثة الماضية.
وتعتمد 6 مهرجانات على ميزانية وزارة الثقافة، هي: الإسكندرية لدول حوض البحر المتوسط، والقاهرة السينمائي الدولي، والأقصر للسينما الإفريقية، وأسوان لأفلام المرأة، والإسكندرية للفيلم القصير.
ورغم ثبات ميزانيات المهرجانات التي تعتمد بشكلٍ رئيسي علي الدعم الحكومي المُقدم لها من وزارة الثقافة، والمقدر بـ40% من تكلفة المهرجان، إلا أن النسبة لم تتغير حتى الآن، مما تسبب في حالة قلق بين الإدارات المختلفة.
ولجأت المهرجانات إلى تقليص دعوات الضيوف، والبحث عن بدائل توفر سبلاً مادية، بالتزامن مع المطالبة بضرورة تدخل الدولة لزيادة حصة الدعم، بما يضمن خروجها بشكلٍ يليق باسم مصر.
مصدر مسؤول بوزارة الثقافة، قال لـ"الشرق"، إنّ: "هناك مهرجانات تعتمد على الدعم بشكل كلي، ولم يأتوا بمصادر دعم أو رعاة من الخارج، مقارنة بغيرها مثل مهرجاني الأقصر وأسوان، اللذان يحصلان على دعم إضافي من الخارج".
وشدد على ضرورة اعتماد المهرجانات السينمائية على نفسها، وأن يمثل دعم الوزارة جزءاً بسيطاً من تكلفة إقامة المهرجان، قائلاً: "لا زيادة في الميزانيات، وسيتم تنفيذها هذا العام وفقاً للقواعد المتبعة دون تغيير".
تراجع القيمة
المخرج محمد عبد الخالق، رئيس مهرجان أسوان لأفلام المرأة، قال لـ"الشرق": "الميزانية التي نحصل عليها من المهرجان، لم تتغير منذ عام 2019، رغم حدوث مرونة في أسعار الصرف على مدار الـ5 أعوام الماضية، لافتاً إلى أن حصة الدعم التي تبلغ 40%، صارت اليوم لا تتجاوز 12%، بسبب انخفاض قيمة الجنيه بشكلٍ كبير، وتبلغ مليون جنيه تقريباً فقط لا غير.
وتابع "موظفو وزارة الثقافة يعاملون مهرجانات السينما، باستثناء (القاهرة السينمائي، والإسماعيلية للأفلام التسجيلية) باعتبارها (أبناء غير شرعيين)، وهذا سيؤدي مع الوقت إلى عدم استضافة ضيوف أجانب يروجون لمصر".
ورأى أن "ما يحدث مع المهرجانات في مصر منذ حوالي 6 أعوام، هو محاولة ستؤدي لحصارها وتراجعها، وبالتالي سيؤدي إلى تراجع السينما وانهيارها".
وأشار إلى أن مهرجان أسوان، ينجح سنوياً في جلب مصادر تمويل بنسبة 60% من تكلفة المهرجان، موضحاً أن "هذه المصادر المالية نقيم بها برامج موازية ضمن الفاعليات، فضلاً عن التكفل بتذاكر الطيران ونسبة من الإقامة".
وأضاف "استفدنا من التجارب السابقة فيما يتعلق بتدبير الميزانيات، ولا يوجد لدينا ديون تقريباً"، مشيراً إلى أن إدارة المهرجان التقت بالدكتور أحمد هنو، فور توليه وزارة الثقافة لتقديم التهنئة له، "لم نطلب منه زيادة الميزانية، لأنه تولى المهمة منذ فترة وجيزة، وسنقيم الدورة المقبلة في أبريل 2025".
فكر جديد
الناقد طارق الشناوي، عضو اللجنة العليا للمهرجانات، طالب القائمين على المهرجانات الفنية، بما في ذلك مهرجان القاهرة السينمائي، التفكير والبحث عن مصادر تمويل بعيداً عن دعم الأساسي التي تحصل عليه سنوياً، قائلاً لـ"الشرق"، إنّ: "الدولة تعطي رقماً محدداً مهما اختلف سعر صرف الجنيه، رغم ارتفاع أسعار تذاكر الطيران وكذلك الإقامة، الأمر الذي جعل إقامة المهرجانات صعبة جداً".
ورأى أن "استسلام إدارات المهرجانات، والاكتفاء بمطالبة الدولة بزيادة الدعم، صارت مسألة مستحيلة، لذا البحث عن حلول خارج الصندوق لزيادة الدعم، هو أمر حتمي، خاصة أن المأزق الذي تعيشه الدولة حالياً، فرض منطق ترشيد الإنفاق".