
من قلب كنيسة مقابلة لموقع انفجار مرفأ بيروت المروّع، وتحت سقفها المهدد بالسقوط، ووسط جدرانها القديمة التي تزعزعت، يرتفع مساء الثلاثاء صوت المغنية اللبنانية عبير نعمة، بمشاركة جوقة الجامعة الأنطونية، في أغنيات دينية ووجدانية ووطنية تحت عنوان "بيروت ترنم للأمل".
تقام الأمسية في كنيسة مار مارون في حي الجميزة وسط بيروت عند الساعة السادسة وسبع دقائق مساء، في التوقيت ذاته الذي وقع فيه انفجار المرفأ في الرابع من أغسطس الماضي، ما أسفر عن مقتل 191 شخصاً، وإصابة أكثر من 6500 آخرين، إضافة إلى تشريد 300 ألف شخص تضرّرت منازلهم أو دُمّرت.
وستتردد موسيقى الأمسية والترانيم في كل الشوارع المدمَّرة عبر مكبرات الصوت من خلال سبع نقاط في وسط العاصمة، ما يتيح لسكان بيروت وزوارها الاستماع على مدى خمسين دقيقة إلى برنامج يضم أغنيات وطنية وترانيم دينية.
تحية وعزاء
وقالت رئيسة مهرجان "بيروت ترنم" ميشلين أبي سمرا لوكالة فرانس برس: إن هذه الأمسية التي تنقل مباشرة عبر محطة "إم تي في" اللبنانية وصفحة المهرجان وشبكات التواصل الاجتماعي، هي بمنزلة "تحية لكل الأبرياء الذين سقطوا في انفجار مرفأ بيروت، وعزاء لأهلهم وللناس الذين خسروا بيوتهم".
وأضافت: "ترددنا كثيراً قبل أن نُقدم على هذه الخطوة المتواضعة، احتراماً منا للمفقودين تحت الأنقاض، ولدم الضحايا الأبرياء وأهل بيروت، ووجع كل واحد منا، لكننا أحببنا أن نصلي معاً من أجلهم جميعاً، وأن تكون الصلاة والموسيقى نقطة رجاء وأمل في بلد يطغى عليه السواد والدمار".
ترميم القلوب
ورأت أبي سمرا أن هذا النشاط ليس أمسية فرح أو احتفال، وتابعت: "صحيح أننا نأمل في أن تكون الأيام المقبلة أفضل، ولكن من المبكر أن نفرح في هذه المرحلة. لقد بدأت ورش ترميم المنازل من حولنا، لكننا نحتاج إلى ترميم القلوب الموجوعة، فاللبنانيون في الداخل وفي كل أنحاء العالم يشعرون بالألم نفسه، وبفضل الصلاة وصوت عبير نعمة سنقدم رسالة أمل".
أمسية صلاة
أما المغنية عبير نعمة، فقالت لوكالة فرانس برس عن شعورها بالغناء لبيروت المدمرة: "إنه أمر صعب للغاية، أنا مخنوقة، صعب علي أن أغني، لكنه الأمر الوحيد الذي أجيده، وفي الوقت نفسه أجد أنها خطوة ضرورية جداً، إنها ليست أمسية احتفالية، بل أمسية صلاة مع الناس على نية الضحايا ولشفاء الجرحى وعلى نية المفقودين والناس الذين خسروا كل ما يملكون".
وأضافت نعمة: "بالموسيقى سنرفع صوتنا مع أهالي بيروت ومع بيروت ومع كل لبنان، نحن نعيش مأساة كبيرة، لعل الموسيقى تعطي أملاً، فالوجع يوحد، أما السياسة فتفرق".
ويقام مهرجان "بيروت ترنم "سنوياً في 12 كنيسة في وسط العاصمة اللبنانية، كلها تعرضت لأضرار كبيرة جراء الانفجار الذي امتدت آثاره إلى جانب كبير من العاصمة اللبنانية.