
أعلن نقيب المهن التمثيلية في مصر، الدكتور أشرف زكي، الثلاثاء، وفاة الفنانة الكبيرة سميحة أيوب عن عمر ناهز 93 عاماً، بعد مسيرة فنية امتدت لأكثر من سبعين عاماً، رسّخت خلالها مكانتها كواحدة من أبرز رموز المسرح والفن العربي.
ورحلت الفنانة الملقبة بـ"سيدة المسرح العربي" في منزلها بحي الزمالك بالعاصمة المصرية القاهرة، حيث كانت تعاني في الآونة الأخيرة من متاعب صحية متفرقة، بحسب ما أفادت مصادر مقربة من العائلة.
مسيرة حافلة
وُلدت سميحة أيوب في 8 مارس 1932 بحي شبرا، ودرست في المعهد العالي للفنون المسرحية، حيث تتلمذت على يد عدد من رواد المسرح المصري، على رأسهم زكي طليمات. وقدّمت خلال مسيرتها، التي بدأت عام 1947، أكثر من 260 عملاً فنياً بينها 170 مسرحية، أشهرها: "سكة السلامة"، "السبنسة"، و"دماء على ستار الكعبة"، و"رابعة العدوية"، و"الفتى مهران"، و"سقوط فرعون"، و"الوزير العاشق"، كما تولت إدارة المسرح القومي في 1975 ولمدة 14 عاماً، وكانت أول سيدة تشغل هذا المنصب، كما تولت إدارة المسرح الحديث.
إلى جانب المسرح، تركت أيوب بصمة قوية في السينما والتلفزيون، فشاركت في أفلام بارزة مثل "أرض النفاق" و"بين الأطلال"، ومسلسلات عدة من بينها "الضوء الشارد" و"أوان الورد".
وكانت آخر أعمالها الفنية فيلم "ليلة العيد" أمام يسرا عام 2024، ومسلسل "حضرة العمدة" عام 2023.
تزوجت من الممثل محسن سرحان، ثم من الممثل محمود مرسي، لكن أطول فترة زواج لها كانت من الكاتب المسرحي سعد الدين وهبة.
حصلت على جائزة النيل، وهي أرفع جوائز الدولة المصرية، في الفنون عام 2015 كما نالت تكريمات متعددة من سوريا وتونس وفرنسا.
رسائل نعي
ووصف وزير الثقافة المصري أحمد هنو في بيان الراحلة بأنها "كانت نموذجاً للفنانة الوطنية المخلصة والمبدعة، التي أعطت للفن حياتها، ووهبت جمهورها مشواراً استثنائياً من الإبداع والتفرد".
كما نعاها المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، والهيئة العربية للمسرح، ونقابة المهن التمثيلية.
وحرص عدداً كبيراً من الفنانين، على نعي سميحة أيوب، منهم الفنانة نبيلة عبيد، قائلة عبر حسابها على "انستجرام": "سيدة المسرح العربي وأيقونة الفن الخالدة.. برحيلها، فقد الفن العربي قامة شامخه أثرت وجدان الملايين بأدائها القوي وقدرتها الفائقة على تجسيد مختلف الشخصيات. ستظل ذكراها خالدة في قلوب محبيها، وإلهاماً للأجيال القادمة من الفنانين والمبدعين".
فيما استعادت الفنانة نادية الجندي، كواليس تعاونهما في مسلسل "سكر زيادة" الذي عُرض عام 2020، وجرى تصويره بالكامل في لبنان، قائلة: "طيله أربعة شهور كانت معي فى أصعب المواقف التي عشناها سوياً، ومن خلال معاشرتي لها عن قرب لمست فيها جانب إنسانى لم أراه كثيراً في الفن، إحساسها بفنها والتزامها وأخلاقها فوق الوصف.. يعجز اللسان عن التعبير عن الحزن اللي جوايا.. فنانة جميلة من الزمن الجميل الذي لا يعوض وإنسانة وصديقة قبل كل شيء".
أما الفنانة يسرا، وصفت الراحلة بقولها: "كانت مثالاً للالتزام والرقي وجسدت بعطائها معنى الفن الحقيقي"، فيما قال الفنان داود حسين، "وداعاً سيدة المسرح العربي.. الكبيرة مقاماً وفناً.. الأستاذة سميحة أيوب.. رحمك الله وغفر لكِ".
واعتبر الفنان حسين فهمي، أن "بوفاتها فقد المسرح المصرى والعربي واحدة من عمالقة التمثيل المسرحي".
وقال الفنان السوري جمال سليمان، "من أجمل محطاتي المهنية كانت وقوفي إلى جانب هذه الفنانة الرائعة التي عاشت مجداً فنياً لا يشبهه أي مجد، كانت نموذجاً للرقي والالتزام والاحترام لفنها ولنفسها ولمن حولها.. لها سحر وحضور ينتشر في كل أرجاء موقع التصوير.. معها كنا جميعاً نشعر بطاقة إيجابية وطمأنينة غامرة.. ستبقى ذكراها العطرة في تاريخ الفن المصري والعربي".
شغوفة بالفن
أما الفنانة هنا شيحة، كتبت رسالة وداع عبر حسابها على "انستجرام"، قائلة: "وداعاً يا سيدة الخشبة يا من وقفت على المسرح كمن تقف على عرش، تلقي الكلمة فتحيي فينا الذاكرة، تُغني بالحرف فينتفض الوجدان، تطلين فيسكن الضجيج، ويبدأ الحضور الحقيقي للفن.. يا سيدة المسرح.. مات الجسد، لكن الروح باقية على الخشبة تهمس في أذن كل فنان يصعد إليها: كن صادقاً.. كن حراً.. كن إنساناً.. سلام لروحك النقية، وامتنان لرحلة لم تكن سهلة، لكنها كانت عظيمة".
فيما قال الفنان مصطفى شعبان، إنّ: "الفقيدة كانت واحدة من أعظم رموز الفن المصري، وملأت خشبة المسرح حضوراً، وكانت تحمل في صوتها وتعبيرها روح الفن الخالد.. غابت جسداً، وبقى أثرها شاهداً على زمن لا يُنسى".
وأكد الفنان خالد النبوي، أن اكتسب خبرات عديدة من سميحة أيوب، قائلاً: "وداعاً الأسطورة الكبيرة.. تعلمت منك كثيراً على خشبة المسرح وفي الحياة أيضاً".
الكاتب عبد الرحيم كمال، رئيس جهاز الرقابة على المصنفات الفنية، قال: "صاحبة تاريخ فني مشرف، ورصيد فارق، قدمت مسرحيات عالمية وعربية ومصرية لمؤلفين ومخرجين كبار، وصفق لها سارتر في إعجاب بطريقة الأداء، وشد على يدها، وكانت خفيفة الظل قادرة على تقديم الكوميديا الراقية اللطيفة، والتقيت بها عدة مرات، فكانت مهمومة بالفن، صاحبة عقل نشط واعي، قادرة على أن تدير حوار جاد صريح، شغوفة بالمستقبل رغم ما تحمل من ماضٍ عريق مزدهر".
ورثى الإعلامي نيشان، سميحة أيوب بكلماتٍ مؤثرة، بقوله: "أهدت الفنَّ عُمْرًا مِن السُّمْوَ، واليوم ترجلت عن خَشَبَة الحياة.. سيدة المسرح العربي سميحة أيوب رحلت، وَهَيْبَتُها تَسكُن كواليس الخلود، سيدةٌ جَعَلَت مِن المسرح وطناً، ومن الكلمة نورا لا ينطفئ".