
أعلنت شركة Warner Bros. Discovery أنها تعتزم فصل أنشطتها في البث التدفقي وصناعة السينما والتلفزيون عن قنواتها التلفزيونية التقليدية (الكابل)، لتنشئ بذلك شركتين مستقلتين مدرجتين في البورصة، بهدف استعادة ثقة المستثمرين وإعادة هيكلة الأصول وفق مقتضيات العصر الرقمي، في خطوة تعكس تحوّلاً جذرياً في استراتيجية واحدة من أضخم تكتلات الإعلام والترفيه العالمية.
القرار، يأتي بعد 3 سنوات فقط من اندماج تاريخي بين WarnerMedia التابعة لشركة AT&T وDiscovery Inc، ويُنظر إليه على نطاق واسع كنوع من التراجع المنهجي عن ذلك الدمج، والذي ربط نمو خدمات البث السريعة مع تراجع قنوات الكيبل، في وقت تشهد فيه المنصات الرقمية صراعًا شرسًا على الهيمنة.
شركتان بمهمتين مختلفتين
بموجب القرار الجديد، ستنقسم Warner Bros. Discovery إلى: شركة للبث والاستوديوهات تضم منصة HBO Max واستوديوهات الأفلام والمسلسلات، وشركة للشبكات العالمية تشمل قنوات الكيبل مثل CNN وTNT وTBS، إضافة إلى محتوى الرياضة والترفيه.
وسيتولى ديفيد زاسلاف، الرئيس التنفيذي الحالي، قيادة شركة البث والاستوديوهات، بينما يرأس المدير المالي غونار فيدينفيلس شركة الشبكات العالمية، التي ستحتفظ بحصة تبلغ 20% من الكيان الآخر بهدف المساهمة في تقليص الديون.
وقال زاسلاف في اتصال مع المستثمرين: "القرار يعكس إيماننا بأن كل شركة أصبحت الآن قادرة على التقدم أسرع وبفاعلية أكبر وهي مستقلة".
ويأتي هذا القرار وسط ضغوط متزايدة على قطاع الإعلام الأمريكي، حيث تخوض الشركات سباقاً مكلفاً في مجال البث ضد عمالقة مثل Netflix وAmazon Prime، وفي الوقت ذاته، تستمر قنوات الكابل في فقدان المشتركين والإعلانات، مما دفع الشركات إلى إعادة تقييم هياكلها التنظيمية.
وقد أعلنت الشركة أنها حصلت على قرض مرحلي بقيمة 17.5 مليار دولار من بنك JPMorgan لتسهيل عملية الفصل، في وقت تشير فيه البيانات إلى أنها سددت نحو 20 مليار دولار من ديونها خلال الفترة الماضية.
رد فعل الأسواق
وسجل سهم الشركة قفزة بنسبة 13% مع افتتاح التداولات في بورصة نيويورك، في إشارة إلى دعم الأسواق لهذه الخطوة، ومع ذلك، لا تزال التحديات ماثلة؛ إذ فقدت الشركة أكثر من 60% من قيمتها السوقية منذ اندماج 2022، وتراجع سهمها بنحو 7% منذ بداية هذا العام فقط.
لا تُعد خطوة Warner Bros. Discovery حالة فريدة؛ إذ قامت Comcast Corp. مؤخرًا بتقسيم NBCUniversal إلى شركتين، إحداهما تمتلك قنوات الكيبل مثل MSNBC وUSA، والأخرى تضم خدمات البث ومنتجعات يونيفرسال الترفيهية.
ويرى محللون أن هذا النوع من التفكيك قد يُمثل موجة جديدة من التحولات في قطاع الإعلام، مع استعداد الشركات لموجة اندماجات مستقبلية أو إعادة تخصيص الموارد باتجاه القطاعات الأسرع نموًا.
اللافت أن إعلان الشركة تزامن مع مشاركة بارزة لصُنّاع المحتوى التابعين لـWarner Bros. Discovery في جناح السعودية بمهرجان كان السينمائي، في إشارة إلى اهتمام مستمر بالمحافل الدولية رغم التحولات الداخلية. وتُعد هذه المشاركة دلالة على مواصلة التوسع العالمي، حتى وسط تغيرات هيكلية جذرية.
وتُتوقع إتمام عملية الفصل بحلول منتصف عام 2026، وسط ترقب واسع لما إذا كانت هذه الاستراتيجية ستعيد الشركة إلى مسار النمو أم ستُسرّع وتيرة إعادة هيكلة أوسع في قطاع الترفيه الأمريكي.