
أعلنت شبكة "نتفليكس" للبث الترفيهي عن تقديم جزء ثانٍ من مسلسل "لوبان" خلال الصيف المقبل، وذلك بعدما سجّل الجزء الأول منه، أرقاماً قياسية، إذ يقترب من 70 مليون مُشاهدة منذ عرضه عبر تلك المنصة الرقمية قبل شهر تقريباً.
مسلسل "لوبان" مقتبس عن مغامرات "أرسين لوبان"، ويحكي قصة طفل من أصول سنغالية يدعى "أسان ديوب" يبحث عن براءة والده، بعد انتحاره داخل محبسه، إثر اتهامه بسرقة عقد أثري من قبل عائلة فرنسية فاحشة الثراء، حيث كان يعمل سائقاً لديهم.
إخراج ذكي
ونجح المخرجان الفرنسيان لويس لوتورييه ومارسيلا سيد، في صناعة مسلسل قصير من 5 حلقات، يحظي بنجاح واسع وفي وقتٍ قصير، إذ استطاعا اختراق سور سوق الإنتاجات التلفزيونية الأميركية الأضخم في العالم، عبر أسلوب إخراجي بسيط مشوّق ذي بصمة فرنسية لطيفة.
وساهم انفتاح "نتفليكس" الأميركية على الإنتاجات الأجنبية في العامين الماضيين، وترجمة الأعمال إلى اللغة الإنجليزية، في وصول "لوبان" الفرنسي إلى العالمية.
واختار مخرجا "لوبان" مع الكاتب جورج كاي، أماكن جذابة للجمهور، بدءاً من متحف اللوفر، إضافة إلى اختيار أن يكون العقد الثمين لشخصية تاريخية معروفة عالمياً وهي الملكة ماري أنطوانيت، علاوةً على اختيار بطل بارع لدور السارق النبيل وهو عمر سي الذي قدم عشرات الأفلام الروائية والقصيرة وأفلام الرسوم المتحركة الفرنسية.
احتفاء نقدي
واحتفت الصحافة الأميركية والبريطانية بنجاح المسلسل واعتبرت "The Atlantic" مثلاً أنه "اقتباس أقرب إلى الكمال"، كما تغنّت "The Guardian" بحيوية عمر سي وأدائه، الذي شبهته بأداء نيكولاس كيدج، في فيلم "OCEAN’S ELEVEN"، حيث أعادت نجاح المسلسل إلى اللامعقولية المثيرة في العملين والتقاليد الثقافية لكنز وطني مهم، في الأول عقد ملكة وفي الثاني إعلان الاستقلال.
أما صحافة الأفارقة وأصحاب البشرة الملوّنة في الولايات المتحدة، فقالت إن "إسناد البطولة إلى ممثل إفريقي في فرنسا، أسهم في نجاح المسلسل، وأعطاه نكهة بلون القارة السمراء للمرة الأولى".
واعتبرت مجلة "Essence" الموجهة لذوي الأصول الإفريقية والنساء، أن "لوبان" مسلسل ثوري في تقديمه للشخصيات السوداء، تستخدم شخصية "أسان ديوب" الأفكار المسبقة والتحيزات ضد الأشخاص الملونين لمصلحتها، من خلال التنكر في صورة بواب أو ساعي دراجات أو سجين لسرقة الأشياء الثمينة وسداد الديون.
التزام سياسي
عمر سي المتحدر من أصول سنغالية وموريتانية، وعاش في أحياء شعبية وعرف الفقر في طفولته مع أب وأم عاملين و8 أطفال في البيت، هو ملتزم سياسياً ضد العنصرية والعنف والعدالة الاجتماعية
ولا يزال الفرنسيون يتحدثون حتى اليوم عند لفظ اسمه، عن خطابه الشهير "فلنستيقظ. دعونا نتحلى بالشجاعة للتنديد بعنف الشرطة في فرنسا"، والذي أطلقه تزامناً مع موت جورج فلويد، على أيدي الشرطة الأميركية في يونيو الماضي.
وتقارن المجلة التي تحتفي بتأدية عمر سي بطولة "لوبان"، بقدر ترحيبها بالتزامه السياسي، نجاح المسلسل مع الخلافات المتعددة التي أثارها تمثيل الملونين في السينما الفرنسية، حيث نشرت: "في مهرجان كان السينمائي 2018، كسرت 16 ممثلة فرنسية سوداء ومختلطة الأعراق الصمت للمرة الأولى، للحديث حول العنصرية المتفشية في صناعة السينما. قلن بصوت واحد "الأسود ليس وظيفتي"، حيث شجبن الصور النمطية المرتبطة بشكل منهجي تقريباً بالشخصيات السوداء".
وأضافت المجلة: "في العام الماضي، قبل أيام قليلة من حفل مهرجان سيزار السينمائي، نشرت نحو 30 شخصية من الفن السابع عموداً في صحيفة "Le Parisien" الفرنسية اليومية، ندّدت فيه بنقص التنوع في السينما الفرنسية وإطلاق هاشتاغ BlackCesars".