بالموسيقى والتعليم.. نصير شمّه يبحث عن ذاكرة جديدة للعراق

time reading iconدقائق القراءة - 4
الفنان العراقي نصير شمه في إحدى الحفلات - shammamusic.com
الفنان العراقي نصير شمه في إحدى الحفلات - shammamusic.com
بغداد -أ ف ب

يسعى الموسيقي العراقي العالمي نصير شمه لبثّ الروح، عبر أوتار عوده، بالموسيقى العراقية التي أطفأت وميضها 40 سنةً من الحروب، ليستعد لإحياء حفلين في بغداد.

وترافق نصير شمه، البالغ من العمر 60 عاماً، والذي تتلمذ على يد عراب العود العراقي الراحل منير بشير، أوتار عوده، أوركسترا مكونة من آلات موسيقية عراقية في حفليه على المسرح الوطني في بغداد.

وكتب الفنان العراقي على تويتر: "مؤلفات جديدة نقدمها لأول مرة ولقاء يتجدد في بغداد مع عرض نطمح ليكون استثنائياً مع المايسترو علاء مجيد والفرقة الوطنية للموسيقى العراقية، والتي تضم نخبة من أفضل الموسيقيين، في ليلتين على خشبة المسرح الوطني".

وقال شمه لـ"فرانس برس": "لدينا العود، والسنطور أيضاً، نشأت هذه الآلات قبل الميلاد بألفي عام، إنها آلات موسيقية تاريخية".

ولا يكتمل التخت الشرقي من دون الدف والطبلة، ليرافق الإيقاع بانسجام لا مثيل له، أوتار العود الاثني عشر، في ابتداع أجمل مقامات الموسيقى الشرقية.

يقول شمه المتحدر من مدينة الكوت في جنوب شرق العراق: "أشعر دائماً بالحنين حينما أعزف هنا، إلى جانب أصدقائي. درست في بغداد لست سنوات، وينتابني شعور إيجابي حينما أحيي حفلاً هنا".

التعليم أولاً

لكن ليالي بغداد الموسيقية، وبعدما كانت تضيء المدينة لسنين، باتت اليوم نادرةً، كما يرى شمه، الذي هجر بلاده في عام 1993 بعد سجنه في عهد الرئيس السابق صدام حسين، وعاد إليها للمرة الأولى مذاك في عام 2012.

وخلال تلك المدة، عاش شمه في القاهرة، ومن هناك، نشر العود في أنحاء الشرق الأوسط والعالم، ويقطن اليوم في برلين.

وأصبح للفنان العراقي، بعد هذه المهنة الطويلة، قاعدة كبيرة من المعجبين من المغرب إلى إيران، لكن يبقى التعليم، بالنسبة له، مفتاحاً أساسياً لا سيما في بلده العراق.

ودمرت عقود من الحروب والنزاعات، وفق منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، "فضلاً عن غياب الاستثمارات في العراق، نظامه التعليمي الذي كان يُعدّ في ما مضى أفضل نظامٍ تعليمي في المنطقة، وأعاقت بشدة وصول الأطفال إلى التعليم الجيد".

وبين عامي 1980 و1988، وقعت الحرب العراقية الإيرانية، وتلاها الحصار الدولي في التسعينيات، ومن ثم الغزو الأميركي واحتلال العراق في عام 2003.

وتلا ذلك النزاع الطائفي بين عامي 2006 و2009، واحتلال مساحات شاسعة من البلاد من قبل تنظيم داعش بين عامي 2014 و2017.

وتسببت تلك الحروب اللامتناهية بمآسٍ إنسانية عميقة وندوب قاسية عند العراقيين. ويرى نصير شمه أن "ثلاثة أو أربعة أجيال أرغمت على دفع ثمن" تلك النزاعات.

ويشرح شمه: "الآن أعزف لدعم القطاع التعليمي، ويحمل مشروعي الجديد اسم (التعليم أولاً)، ينبغي دعم المدارس العراقية، وأن تضاف إلى مناهجها الموسيقى والرياضة، وهي مواد اختفت منذ فترة الحصار".

الثقافة تعود

ويواجه الاقتصاد العراقي حالياً عقبات وصعوبات عديدة على الرغم من الاحتياطات النفطية الهائلة التي تطفو عليها البلاد.

غالباً ما يواجه العراقيون انقطاعات متكررة في الكهرباء، بينما يغلب الفساد على كافة تفاصيل حياتهم. فلا يزال الوباء حاضراً أيضاً، بينما تخيم على الحياة اليومية ألعاب السياسة والمنافسة التي قد تحمل طابع العنف أحياناً بين مختلف التيارات والأحزاب.

تجعل تلك الظروف من التفكير في مستقبل أفضل، أمراً شبه مستحيل، لكن نصير شمه ينوي أن يقدم ما باستطاعته، عبر "تغيير روح الناس، عبر ملامستهم في الصميم"، بحسب تعبيره.

وتحاول بغداد، في ظل عودة الاستقرار الأمني إلى البلاد، بثّ الروح في الحياة الثقافية، عبر معارض للكتاب وعروض مسرحية ومعارض فوتوغرافية، وحفلات موسيقية.

ويرى شمه أنه "ينبغي غلق الباب على ذلك الماضي المريع، واستئناف حياة جديدة، خلق ذاكرة جديدة، والتطلع إلى رؤية جديدة للمستقبل".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات