
تشهد السينما التونسية حالة من الانتعاش والإقبال الجماهيري، منذ مطلع العام الجاري، في محاولة لتجاوز آثار جائحة فيروس كورونا، إذ استقبلت دور العرض عدداً كبيراً من الأفلام المحلية والعالمية ذات الإنتاجات الضخمة.
وتضم قائمة الأفلام التي طُرحت كلاً من "قربان"، و"أطياف"، و"عصيان"، و"معز الطريق الأسود"، و"لمسة" للمخرج معز كمون، وفيلم الرعب "تموت عليه" لحمزة محجوب، و"فرططو الذهب" لعبد الحميد بوشناق، و"مشكي وعاود بزايد" وغيرها.
ومن المقرر أن تستقبل دور العرض هناك حزمة جديدة من الأفلام، خلال الفترة المقبلة، منها "غدوة" لظافر العابدين، و"قدحة" للمخرج أنيس الأسود، الذي سيُطرح اعتباراً في سبتمبر المقبل.
وتُعد الأفلام التونسية الموجودة في السينمات حالياً، معبرة عن الواقع المتأزم اجتماعياً واقتصادياً هناك، إما من خلال الكوميديا الساخرة، أو انتقاد وضع ما بشكلٍ مباشر، وأعمال أخرى وافية لسينما المؤلف، السمة الغالبة لأعمال صناع الأفلام في تونس.
كورونا في السينما
وافتتح فيلم "قربان" للسينمائي نجيب بالقاضي، موسم أفلام العام الجديد، وذلك بعدما عُرض لأول مرة عالمياً في الدورة الافتتاحية من مهرجان البحر السينمائي، حيث يطرح العمل مسألة آنية ترتبط بالوضع الوبائي وتأثير كورونا على مختلف الفئات الاجتماعية صحياً واقتصادياً.
وترى سهير بن عمارة، بطلة فيلم "قربان"، أن تجربتها في هذا العمل جديدة عليها فنياً، قادتها لمساحات مختلفة على مستوى الأداء، مشددة على أن كل فيلم تونسي يُطرح في هذه الأوضاع الاقتصادية الصعبة هو "معجزة".
كما حظي فيلم "أطياف" للمخرج مهدي الهميلي، بإشادات جماهيرية ونقدية، فور طرحه في السينمات التونسية، كونه يعكس الواقع المتأزم هناك.
وقال الهميلي، لـ"الشرق": "أهتم دوماً بقضايا المرأة والواقع الاجتماعي في بلادي، لذلك تكون أفلامي انعكاساً لهذا العالم النابع من رؤية، قد يراها البعض قاسية، موجعة وجريئة".
أما الفيلم الكوميدي "مشكي وعاود بزايد" فحصد ردود فعل واسعة، بعد تعليق عروضه بسبب موجات جائحة كورونا المتلاحقة في تونس.
وفي السياق، قال كاتب العمل السيناريست سليم بن إسماعيل، لـ"الشرق"، إن "الفيلم الكوميدي له سوق مهمة في تونس ومطلوب من الجماهير، كما أن هذا النوع من الأفلام لا يحظى بدعم الدولة وعلى المستثمرين والمنتجين العمل على دعم السينما التجارية في البلاد، فالساحة الفنية تتسع للجميع والتنوع على مستوى الأفلام إثراء للقطاع السينمائي".
أحداث إرهابية
واستقبلت السينما التونسية مؤخراً، فيلم "معز الطريق الأسود" للممثل والمخرج محمد علي النهدي، ويُعتبر أول فيلم حركي تونسي يتطرق لقضايا مهمة في العشر سنوات الأخيرة، حيث يُعالج الأحداث الارهابية، التي وقعت في متحف باردو، عام 2015.
وكشف محمد علي النهدي تفاصيل تجربته مع الفيلم الروائي الطويل الأول له على مستوى الإخراج، قائلاً لـ"الشرق"، إن "العمل استغرق 6 سنوات، ومررت بالكثير من الصعاب على مستوى الإنتاج، وهذا العمل كان في البداية مشروعاً تلفزيونياً بعنوان الصندوق الأسود، لكن الرقابة كانت العائق الأكبر لتنفيذه".
مسؤولية مضاعفة
ويُطرح فيلم "غدوة"، للممثل ظافر العابدين، في السينمات التونسية، اعتباراً من 2 مارس المقبل، ونظم عرضاً خاصاً قبل أيام، حضره عدد كبير من الوجوه الفنية والسياسية والإعلامية.
ويمثل فيلم "غدوة" حالة خاصة بالنسبة لظافر العابدين، كما يعتبرها مغامرة إنتاجية فنية نابعة من رغبة ذاتية في نقل الواقع التونسي كما يراه، مشيراً إلى أن تجربة إخراج هذا العمل هي خطوة أولى وراء الكاميرا ستتواصل في أفلام أخرى، وأنه يأخذ مسألة الإخراج بجدية في بقية مشواره الفني.
وشدد ظافر على أن "الفنان دوره تشريح الوضع الاقتصادي والسياسي لبلاده والنظر في بعض الخيارات وتأثيرها على مستقبل أبنائنا عبر مضامين فنية وفكرية"، بحسب ما قال لـ"الشرق".
وأضاف ظافر العابدين أن "متابعة الجمهور لأعمالي تُضاعف من مسؤوليتي، وتضعني أمام تحديات جديدة"، معرباً عن آماله بأن ينال العمل إعجاب المُشاهد التونسي فور طرحه في دور السينما.
فيلم "غدوة" من إخراج وتأليف ظافر العابدين الذي يشارك في الفيلم كممثل أيضاً إلى جانب نجلاء بن عبد الله، وغانم الزرلي، ورباب السرايري، وبحري الرحالي والطفل أحمد بن رحومة، وسيناريو وحوار السيناريست والمخرج المصري أحمد عامر.
وتدور أحداث الفيلم عن الحالة الصحية لبطل الفيلم المحامي حبيب، والتي تعيد الصلة بينه وبين ابنه من زواجه السابق أحمد، الذي يبلغ من العمر 15 عاماً، لكن الماضي السياسي لحبيب خلال السنوات التي سبقت أحداث عام 2011، يؤثر على حاضره، فيجبر الابن على العناية بأبيه.