قصة الدراما المصرية في رمضان.. من الإذاعة إلى ماراثون النجوم

time reading iconدقائق القراءة - 7
الملصق الدعائي لقناة ماسبيرو زمان - facebook.com/MasperoZaman
الملصق الدعائي لقناة ماسبيرو زمان - facebook.com/MasperoZaman
القاهرة-آلاء عثمان

ساعات وينطلق ماراثون الدراما الرمضانية لعام 2022، إذ يسعى صناع الأعمال التلفزيونية لاستقطاب اهتمام المشاهدين في المنطقة العربية تزامناً مع بداية الشهر الكريم في طقس ممتد منذ عقود، وموعد سنوي لازدهار صناعة الدراما. 

وبحسب العميد الأسبق لكلية الإعلام بجامعة القاهرة حسن عماد مكاوي، يمكن تتبع طقس الإنتاج الرمضاني إلى عهد الإذاعة وقبل أن تغزو أجهزة التلفزيون السوق العربية، إذ اعتادت الأسر الاجتماع للاستماع للبرامج الإذاعية بعد الإفطار، فيما تحول لاحقاً لعادة جذبت أنظار المعلنين، فخلقت الموسم كما نعرفه اليوم. 

ولكن بعض ملامح الموسم الرمضاني تغيرت بفعل تطور الصناعة، وصعود أسهم منصات المشاهدة الإلكترونية التي سحبت البساط من الشاشات الصغيرة وأتاحت بديلاً مدفوعاً بغير فواصل إعلانية خاضعاً لتفضيلات المشاهد. 

إرث إذاعي 

في يوليو عام 1960 انطلق للمرة الأولى البث التلفزيوني المصري ليدشن بذلك مرحلة جديدة في عمر الإنتاج الفني بالبلاد بعد عقود اقتصرت فيها الخدمات الترفيهية على الشاشة الفضية وخشبة المسرح، والإذاعة. 

ووفقاً للعميد الأسبق لكلية الإعلام بجامعة القاهرة حسن عماد مكاوي، ساهمت الخدمة الإذاعية منفردة في التأسيس لطقس متابعة الدراما الرمضانية، عبر مشاهدة الجمهور للبرامج والمسلسلات بعد الإفطار.

وأضاف: "بدأ الارتباط عبر المسلسل الإذاعي، إذ اعتادت الأسر على الاجتماع للاستماع للبرامج بعد الإفطار، وأدت صعوبة مغادرة المنزل لزيادة نسب الإقبال، واستمر الأمر حتى بعد ظهور التلفزيون، وأصبحت الظاهرة عادة لدى الجمهور وجهات الإنتاج".

تلك العادة لم تكن محل اهتمام الجمهور في انتظاره لمسلسله المفضل فقط، بل التفت إليها المعلنون كذلك.

يضيف مكاوي: "لاحقاً انتبه المسؤولون عن الإعلانات لتلك الظاهرة، وبدأوا استغلالها بشكل متزايد، بداية من المنتجات التجارية وحتى إعلانات التبرع والمنظمات الخيرية مؤخراً". 

الناقدة الفنية ماجدة خير الله، توضح أن عمر الموسم الرمضاني يضاهي تاريخ التلفزيون المصري، إلا أن ملامحه الرئيسية تبدلت. تقول: "في الماضي، تضمن التلفزيون قناة واحدة، وبالتالي فرصة العرض الرمضاني ظلت من نصيب الأعمال الأكثر تميزاً التي تستحق العرض أثناء تجمع الأسرة وقت الإفطار، من وجهة نظر المسؤول. واعتُبرت الأعمال الرمضانية محظوظة، فبات النجوم يتسابقون على عرض أعمالهم في الموسم الرمضاني بعد ظهور القنوات الثانية والثالثة المصريتين". 

فترة ذهبية

في البداية شكل الموسم الرمضاني حالة فنية خاصة كما تصف خير الله، قائلة: "في مرحلة ما، استطاع الموسم أن يستوعب كبار المخرجين وكتاب السيناريو وشكل حالة خاصة جداً، إلا أنه تعرض للترهل لاحقاً، وأصبح هناك سعي لتطويل الأعمال كي تبلغ 30 حلقة، وتكفي الشهر كاملاً بلا داعٍ درامي". 

في العام 1996 طرح المخرج المصري أحمد صقر على الجمهور أولى مساهماته الفنية في موسم الدراما الرمضاني، عبر مسلسل "من الذي لا يُحب فاطمة؟".

يسترجع صقر في حديثه لـ"الشرق" ذكرياته مع العمل الأول فيقول: "بلغ عدد حلقات المسلسل 18 حلقة فقط، ولم يكن ذلك مهماً قط، فدراما العمل هى المحدد الرئيسي لعدد حلقاته، هناك عمل يحتمل 30 حلقة وآخر لا يتطلب ذلك". 

ووفقًا لمخرج "هوانم جاردن سيتي" و"حديث الصباح والمساء"، يمكن التأريخ للحقبة الذهبية من عمر الدراما الرمضانية بفترة عرض مسلسلي "ليالي الحلمية" للمخرج إسماعيل عبد الحافظ، و"رأفت الهجان" للمخرج يحيى العلمي.

ويصف صقر المرحلة قائلاً: "شكلت تلك الفترة مصنعاً حقيقياً للدراما التي تعتمد على خطة واضحة ورسالة، دون أن يكون هدفها ربحياً خالصاً، أما اليوم فيمكن أن نقول إن المناخ تغير بشكل كلي". 

إلى جانب "ليالي الحلمية" واليوميات المخابراتية في "رأفت الهجان"، أثمرت الفترة المذكورة كذلك أعمالاً أخرى باتت من الكلاسيكيات التلفزيونية، مثل "الراية البيضاء" للمخرج محمد فاضل عام 1988، و"ضمير أبلة حكمت" للمخرجة إنعام محمد علي عام 1991، و"المال والبنون" للمخرج مجدي أبو عميرة عام 1992، و"الوتد" للمخرج أحمد النحاس في عام 1996، و"هوانم جاردن سيتي" للمخرج أحمد صقر في العام 1997. 

يربط د. عماد مكاوي بين أفول تلك الفترة وبين تحول عملية الإنتاج للقطاع الخاص، إذ يعتبر الانتقال من العوامل التي أدت إلى تراجع جودة الأعمال الفنية.

ويشرح أن الانتاج الفني كان في بعض المراحل بمثابة خدمة جماهيرية تستهدف رفع مستوى الذوق العام. ويضيف: "لاحقاً، أصبح هناك ولع بالأعمال التي تضمن الرواج الشعبي وحصاد المشاهدات، ومن ثم بدأت جودة الأعمال وقيمتها في التراجع".

عصر جديد

على الرغم من الإرث الطويل من الزخم الدرامي في الشهر الكريم، تتبدى اليوم ملامح عصر جديد، يشيع فيه إنتاج الأعمال التلفزيونية على مدار العام، ويفقد الموسم الرمضاني بعضاً من مميزاته الحصرية.

وعن ذلك الأمر يقول المخرج أحمد صقر: "في السابق وبالتحديد في التسعينات، اعتاد صناع الأعمال الشكوى من تركيز الإنتاج في الموسم الرمضاني. اليوم نشهد عملية إنتاج أعمال على مدار العام، وذلك أفضل بالتأكيد، إلا أن الموسم الرمضاني قد يكون في طريقه للاندثار". 

تغيرات أخرى طالت صناعة الدراما خصوصاً مع صعود منصات البث، وما تتيحه من تنوع وحرية لصناع الأعمال. ووفقاً لماجدة خير الله، فلم تعد هناك حاجة أو التزام بعدد حلقات معين للأعمال التلفزيونية، بل تتبنى المنصات أعمال قوامها 7 حلقات أو حسب الحاجة الدرامية، وتحقق تلك الحلقات الأثر الجماهيري المنشود كنظيرتها المكونة من 30 حلقة، وباتت الأعمال تُبث على مدار العام، دون أن تتركز خلال شهر واحد فقط.

وكما تمنح المنصات حرية للفنانين، فأنها تمنح المشاهد أيضاً حرية مماثلة فيما يتعلق بالهرب من المحتوى الإعلاني غير المرغوب. 

غياب الرصد

يرى مكاوي أن المشاهد فقد في الآونة الأخيرة استمتاعه بالمادة الدرامية المقدمة عبر الشاشة الصغيرة نتيجة لغمره بمادة إعلانية كثيفة، قد تفوق مدة عرضها زمن الحلقات البرامجية ذاتها، لكنه وجد ضالته في منصات المشاهدة المدفوعة.

يقول: "على المنصات يجد المشاهد حلقاته متتابعة بدون فواصل إعلانية، ويعتبر ذلك من بين أهم أسباب رواج المنصات الإلكترونية إذ أن الإعلانات لم تعد جاذبة  للجمهور بل أصبحت منفرة". 

 يلفت كذلك عميد كلية الإعلام الأسبق، إلى غياب جهات الرصد الإعلامية التي من شأنها تقييم مدى رواج المحتويات التلفزيونية في الموسم الرمضاني وغيره، وقياس معدلات المُشاهدة والجماهيرية الحقيقية.

ويضيف مكاوي: "ما نراه اليوم من بيانات عن نسب المشاهدة وغيرها، تُجمع بغير أساس علمي، وبدون وجود جهة واضحة تجمع البيانات وتطرحها بشفافية، يمكننا القول إن البيانات المتاحة مفبركة أو غير دقيقة". 

ووفقاً لمكاوي فإن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام يعتبر الجهة المنوط بها رصد وتقييم المحتوى التلفزيوني، ومن ثم تقديم معلومات واقعية للمعلن والمُشاهد، تحدد الأعمال الأكثر رواجاً والأكثر شعبية. 

اقرأ أيضاً:

تصنيفات