مشاعر مختلطة، ما بين الغضب والدهشة، انتابت قطاعاً كبيراً من مُحبي الفنان المصري الراحل نور الشريف (1946 – 2015)، بعد تداول مقتنياته الخاصة وعرضها للبيع على الأرصفة وأسواق الأنتيكات القديمة، وكذلك المجموعات الخاصة بالمزادات واقتناء الأشياء القيّمة على مواقع التواصل الاجتماعي، الأمر الذي أثار جدلاً واسعاً خلال الساعات الماضية.
ونفت أسرة الفنان الراحل علمها بمصدر تلك المقتنيات، مؤكدة أنها تبرعت بمعظمها لمكتبة الإسكندرية.
وتتضمن مُقتنيات نور الشريف، المُلقاة على الأرصفة، وسوق الأنتيكات القديمة، كُتباً من مكتبته الخاصة، وبعض سيناريوهات أفلامه، وأفيشات تحمل توقيعه، وعشرات الألبومات التي تحوي صوراً خاصة به ومن كواليس أعماله الفنية، والمناسبات العائلية، منها صور لعيد ميلاد ابنته "سارة" في سن الطفولة، وأوراق مُدون بها كلماتٍ بخط يده، وهدايا، فضلاً عن بعض الجوائز التي حصل عليها من مؤسسات مختلفة.
وتأتي هذه الأزمة، بعدما روى الناقد عصام زكريا، في مقال بموقع "باب مصر"، تجربته مع شراء بعض من مقتنيات نور الشريف، عثر عليها صدفة داخل أحد الأسواق الخاصة بالأنتيكات القديمة، موضحاً أنه حصل على مجموعة من كُتبه التي تحمل توقيعه، وألبومات صور، وأفيشات لأفلامه، منها فيلم "حبيبي دائماً" (إنتاج عام 1980).
هذه ليست المرة التي تتداول فيها مقتنيات نور الشريف للبيع، فقد سبق أن عرض أحد "السماسرة" بعضها عبر إحدى المجموعات على موقع "فيسبوك"، تضمنت 10 بكرات أصلية من فيلم "زمن حاتم زهران"، وعدة شرائط سجلت عليها مواد فيلمية عن الغزو الأميركي للعراق عام 2003، والعشرات من أسطوانات الموسيقى من مكتبته الشخصية، لعدد من المُطربين مثل أم كلثوم وشادية وعفاف راضي.
"لا علاقة لنا بالأمر"
الفنانة بوسي، أرملة نور الشريف، استنكرت الاتهامات التي وجُهت لها ولابنتيها، بشأن التفريط في مقتنيات الفنان الراحل، وقالت لـ"الشرق": "لا نعرف شيئاً عن المقتنيات التي تُباع في أسواق الأنتيكات، وليست لنا علاقة بالأمر، لكن تعودنا على الشائعات السخيفة".
وناشدت بوسي أصحاب الانتقادات عدم توجيه إساءات لأسرتها، لما لها من آثار سلبية عليهم قائلة "اتقوا الله".
وأشارت إلى أن "مقتنيات نور الشريف، بعضها موجود بالمنزل تحت تصرف الأسرة، والبعض الآخر، سلمناه إلى مكتبة الإسكندرية، قبل سنوات، كونها الجهة الأكثر ضماناً للمحافظة على المقتنيات، وتكون متاحة لكل مُحبيه بالوطن العربي".
من جهته، كشف الناقد عصام زكريا لـ"الشرق" عن تلقيه اتصالاً من الفنانة بوسي، أرملة نور الشريف، في وقت سابق الثلاثاء، لتؤكد له أنها لا تعلم شيئاً عن المقتنيات.
وأكد الناقد أن "العائلة لم تبع هذه المقتنيات، بل جرى بيعها من مكانٍ آخر وبعدها هُربت خارج البلاد"، لافتاً إلى أن سوق الأنتيكات القديمة، مليء بمقتنيات العديد من المشاهير، وليس نور الشريف فحسب".
توضيح مكتبة الإسكندرية
رئيس القطاع الثقافي في مكتبة الإسكندرية، محمد سليمان، أكد لـ"الشرق" أن "المكتبة ليست لها علاقة بهذه المقتنيات المعروضة للبيع، إذ بحوزتنا آلاف الكتب الخاصة به، وأوراق وعقود خاصة بأعماله الفنية، فليس لدينا أي ألبومات صور".
كما أوضحت إدارة مكتبة الإسكندرية، في بيان صحافي، أنها تسلمت إهداء خاص من أسرة نور الشريف، قبل نحو 6 أعوام، يضم 6022 كتاباً، بالإضافة إلى عدد 167 ورقة عبارة عن بعض الأوراق والعقود الخاصة بشركته الإنتاجية، وكذلك 9 كراسات بخط يده مدون بها بعض الخواطر والملاحظات، لافتة إلى عدم وجود أي مقتنيات خاصة بالفنان، سواء ألبومات صور أو جوائز ودروع.
وأكدت أنه "يمكن لزائر المكتبة، تفقد الكتب بقاعة المجموعات الخاصة والكتب النادرة، حيث إنها مفهرسة ومدرجة على قاعدة بيانات المكتبة، ويمكن للزائرين والباحثين الاطلاع عليها في أي وقت".
وقائع سابقة
وتعددت سابقاً وقائع إهدار المُقتنيات الشخصية لفنانين راحلين، بعضها وصل إلى ساحات المحاكم، لعل أبرزها مقتنيات الفنان حسن كامي (1936 – 2018)، إذ عُرضت مجموعة منها للبيع عبر موقع "فيسبوك"، وتضمنت صوراً شخصية للعائلة، وبطاقات، وحافظة للسجائر مصنوعة من الفضة، وأقلاماً وغيرها، إذ جرى بيعها بأسعار زهيدة لا تتناسب مع قيمتها.
وتُعد مقتنيات الفنان أحمد زكي (1949 – 2005) من أشهر الوقائع، والتي أثارت جدلاً واسعاً على مدار الأعوام الـ3 الماضية، لوقوع خلافات بين أطراف الأسرة والورثة، وصلت إلى ساحات المحاكم، وما زالت منظورة أمام القضاء حتى الآن.