أعربت المخرجة المغربية أسماء المدير، عن سعادتها بفوز فيلمها "كذب أبيض" في الدورة الأخيرة من مهرجان كان السينمائي، حيث شارك في قسم "نظرة ما"، قائلة: "حينما نصل إلى هذا المستوى من المنافسة، فيتزايد الطموح لدينا".
وفاز الفيلم الوثائقي المغربي "كدب أبيض" بجائزة أفضل إخراج في قسم "نظرة ما"، بجانب جائزة "العين الذهبية" مناصفة مع فيلم "بنات ألفة" للمخرجة كوثر بن هنيه.
وقالت خلال حوارها مع "الشرق"، إنها بذلت جهداً ضخماً خلال تحضير وتنفيذ الفيلم، الذي استغرق منها مدة تجاوزت الـ10 أعوام، إذ واجهت معوقات كثيرة، وتنازلت عن مشروعات فنية أخرى، مقابل تمسكها بـ"كذب أبيض".
ولفتت إلى القلق الذي طاردها والتساؤلات التي راودتها، طوال مرحلة تنفيذ العمل، "قلت لنفسي أين هم شخوصي؟، وكيف هم؟، وما هي أحوالهم؟، وماذا سأفعل حال وفاة أحدهم؟، وإذا أنا توفيت قبل استكمال المشروع فمن سيتولى تنفيذ المهمة؟، حتى جاءت لي فكرة التماثيل المصغرة، التي قد تكمل مسار أي شخصية في الفيلم حتى لو رحلت".
وتابعت "كنت مهووسة بفيلمي لمدة 10 سنوات، وهذا جعلني حينما وقفت لأقدم فيلمي في مهرجان كان أجد نفسي أؤمن أنه ليس هناك فرقاً بيننا وبينهم، بالعكس نحن مُطَّلعون على فنهم وثقافتهم ونتكلم لغاتهم إضافة إلى لغتنا، بينما هم لا يعرفون عنّا الكثير".
وكشفت عن رسالتها لجمهور مهرجان كان، الذي شاهد فيلمها، بقولها: "قلت لهم بعفوية: انظروا كم فيلماً مغربياً موجوداً في المهرجان هذا العام؟.. هذا ناتج عن كون السينما المغربية الآن تشهد ظهور جيل لا يؤمن بوجود فوارق بين السينما لدينا ونظائرها حول العالم".
كواليس
وكشفت المخرجة أسماء المدير، كواليس رحلتها مع تنفيذ فيلم "كذب أبيض"، موضحة أنها مزجت المشاهد التمثيلية بما لديها من مواد أرشيفية يعود تاريخها لعامي 2012 و2013، بجانب إضافة صوتها على بعض المشاهد.
وحول التشابه بين فيلمها القصير "جمعة مباركة" و"كذب أبيض"، خصوصاً فيما يتعلق باستعمال العرائس المصغرة، قالت: إنها كانت تُجرب باستمرار فوجدت نفسها ترتاح في استعمال الأشياء أكثر من راحتها مع الممثلين المحترفين وكثرة العاملين في الاستوديو.
وأضافت "لا أريد أن أكون سجينة مزاج أي ممثل أو ممثلة، وحتى تعاملي في المستقبل سيكون مع هواة وغير ممثلين، وبالنسبة لي ليس هناك شخصاً لا يمكن الاستغناء عنه في العمل السينمائي، أنا أيضاً إن كنت مُتُّ قبل انتهاء الفليم بإمكان شخص آخر أن يكمله، وهنا جاءت فكرة العرائس المصغرة، استعملت العرائس الروسية في فيلمي القصير (جمعة مباركة) لتصبح هي من تمثل أفراد أسرتي وعائلتي في فيلم (كذب أبيض)".
صعوبات
وكشفت عن أبرز الصعوبات التي واجهتها خلال تنفيذ فيلم "كذب أبيض"، قائلة: "بالنسبة لي كان صعباً أن أنجز هذا الفيلم بدون شحنة كبيرة من الشغف، لكوني لم أحصل على دعم لجنة الدعم السينمائي في المغرب، وكنت أجمع الفتات من صناديق الدعم من هنا وهناك".
وأكدت أن "الشغف كان دافعي الوحيد لإكمال هذا العمل وتجاوز كل العراقيل، حتى أنني كنت أمام تحد للحصول على رخص التصوير كل مرة، كونني صوَّرت ساعات كثيرة ولم يكن الأمر بالنسبة لي كما في فيلم محدد له أيام التصوير".
وشددت على أهمية أن يكون العامل بالميدان السينمائي شغوفاً بالمشروع الذي ينجزه، قائلة: "بدون الشغف صعب على الممارس أن ينتج عملاً جيداً وفيه إبداع ويستمر".
وشاركت أكثر من جهة في إنتاج فيلم "كذب أبيض" منها صندوق مهرجان البحر الأحمر السينمائي، وقناة الجزيرة الوثائقية، وصندوق آفاق، وورشات الأطلسي بمهرجان مراكش.
استمرارية بين الأجيال
وتطرقت أسماء المدير، إلى مشاركتها في مهرجان "فيدادوك" المتخصص في الفيلم التسجيلي، في مدينة أكادير المغربية، لتساهم في تكريم رائدين من رواد السينما التسجيلية هناك، وهما أحمد المعنوني وإزة جينيني.
وقالت: "كبرتُ مع أفلام أحمد المعنوني وأعشق فيلمَيهِ "الحال" الذي اختاره المخرج مارتن سكورسيزي ليتم ترميمه ضمن أفلام كلاسيكية من العالم، و"أليام أليام" أول فيلم مغربي يتم اختياره للمشاركة في فقرة نظرة ما بمهرجان كان، عام 1978".
وتابعت أن "ذلك يجعل بيننا رابطاً عضوياً قوياً واستمرارية بين جيل المؤسسين وجيلنا، فقد انطلقت متأثرة بأشكالهم السينمائية، حتى وصلت في فيلمي (كذب أبيض) لشكل سينمائي هجين، فالتأثر موجود وسيظل".
وقدمت أسماء المدير، عدداً من الأفلام القصيرة، منذ عام 2012، منها "ألوان الصمت"، و"دوار السوليما"، و"جمعة مباركة"، ثم أخرجت أفلامها التسجيلية الطويلة، مثل "في زاوية أمي"، و"لا تدع الشمس تشرق عَلَيَّ".
اقرأ أيضاً: